تأجيل تنفيذ «اتفاق القرى الأربع» يحيي الآمال بإمكانية تعديله

«الأحرار» و«حزب الله» ضغطا لوقف اعتراضات الأهالي على تهجيرهم منها

تأجيل تنفيذ «اتفاق القرى الأربع» يحيي الآمال بإمكانية تعديله
TT

تأجيل تنفيذ «اتفاق القرى الأربع» يحيي الآمال بإمكانية تعديله

تأجيل تنفيذ «اتفاق القرى الأربع» يحيي الآمال بإمكانية تعديله

أُعلِن أمس عن تأجيل تنفيذ اتفاق الإخلاء المتبادل لأربع قرى محاصرة في سوريا من قبل النظام السوري وحلفائه وجماعات معارضة سورية. ويفتح باب تأجيل التنفيذ الذي كان مقرراً أمس، المجال أمام محاولات إعادة النظر فيه، كما تطالب المعارضة السورية، فيما يبدو أن مبرمي الاتفاق، أي النظام و«هيئة تحرير الشام»، ماضيان في تنفيذه.
وفي حين قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن التأجيل تم لإجراء بعض التعديلات على الاتفاق، رجّح المتحدث باسم الهيئة العليا التفاوضية رياض نعسان آغا، أن يكون التأجيل خطوة أولى باتجاه التعديل، مطالباً بإلغائه. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الاتفاق باطل لم ولن نعترف به»، مضيفاً: «حريصون على بقاء أهالي كفريا والفوعة آمنين في مناطقهم كما بالنسبة إلى أهالي الزبداني ومضايا، وجميعهم على حد سواء يرفضون ترك أرضهم». وكشف أنه يعمل على تنظيم مسيرة من قبل أهالي إدلب باتجاه كفريا والفوعة لمطالبتهم بعدم المغادرة.
من جهته، قال نائب رئيس الائتلاف السابق، هشام مروة: «التأجيل لم يأتِ من فراغ، وكل الاحتمالات واردة لجهة التأجيل أو التعديل». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المساعي التي مُورِسَت من قبل أكثر من جهة أسهمت في تعليق الاتفاق الذي يبقى البديل عنه هو فك الحصار عن البلدات بدل تهجير الناس من أرضها.
وعن سبب القبول أو السكوت عن «المصالحات» السابقة التي أدت إلى عمليات تهجير في مناطق عدّة خاضعة للمعارضة ورفض «اتفاق القرى الأربع اليوم، قال نعسان آغا، إن مضايا والزبداني منطقتان حدوديتان واستراتيجيتان، وتنفيذ خطّة التغيير الديموغرافي فيهما يعني تحويلهما إلى قواعد عسكرية لإيران لتسهيل طريق الإمداد إلى حزب الله، بينما المناطق في ريف دمشق إضافة إلى حي الوعر في حمص التي خضعت للمصالحات، لا يمكن تحويلها إلى كانتونات نتيجة مواقعها».
وكان كبير المفاوضين في الهيئة العليا التفاوضية محمد صبرا قد أعلن، أول من أمس، أن المعارضة تبذل مساعي حثيثة مع المسؤولين في قطر من أجل إلغاء الاتفاق لإخلاء متبادل للبلدات السورية الأربع. وسبق أن رفض الائتلاف الوطني اتفاق «إخلاء الفوعة وكفريا»، واصفاً إياه بـ«المخطط الإيراني».
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، كان يُفتَرض، أمس، إجلاء أكثر من ثلاثين ألف شخص من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المحاصَرَتَين من الفصائل المسلحة في شمال غربي سوريا، ومن مدينتي الزبداني ومضايا المحاصرتين من قوات النظام في ريف دمشق، وذلك بموجب اتفاق تم التوصل إليه أخيراً برعاية قطر وإيران.
وأفاد المرصد بتأجيل تنفيذ الاتفاق إلى وقت لاحق الأسبوع الحالي، مرجحاً تطبيقه بين يومي الخميس والأحد. ونقل المرصد عن مصادر موثوقة قولها إن «حزب الله مارَس ضغوطاً على الرافضين للاتفاق من سكان بلدتي الفوعة وكفريا، وأجبرهم على القبول بالاتفاق، كما منعهم من إصدار أي بيان يعارض عملية الإجلاء هذه من البلدتين، بينما مورِسَت ضغوط مشابهة من قبل حركة (أحرار الشام) و(هيئة تحرير الشام) على سكان مدينة مضايا المحاصرة». وقال عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سكان المناطق الأربع أعربوا عن تحفظاتهم حيال الاتفاق». وأفاد عبد الرحمن بأنه «ليس واضحاً إذا كان جميع سكان مضايا والزبداني سيغادرون لأن البعض منهم يريد البقاء»، كما ليس واضحاً «إذا كانت قوات النظام ستسيطر بشكل كامل على المدينتين أو سيتم التوصل إلى اتفاق يقضي فقط برفع العلم السوري فيهما». ومن المتوقع حصول إجلاء كامل للسكان من مدنيين ومقاتلين من كفريا والفوعة الذين يُقدَّر عددهم بـ16 ألف شخص، وفق المرصد.
من جهته، أكد حسن شرف المنسق من قبل النظام في الاتفاق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم «تأجيل تنفيذه»، موضحاً أنه سيتم إجلاء أهالي كفريا والفوعة بالكامل، «فيما لن يخرج من الزبداني ومضايا سوى الراغبين بذلك»، مشيراً إلى أنه سيتم توزيع أهالي الفوعة وكفريا على مراكز إيواء في اللاذقية أو لدى أقاربهم في مناطق أخرى. وهو الأمر الذي رأى فيه مروة محاولة للتخفيف من وقع الاتفاق، موضحاً: «إذا كانت الخطوة الأولى بنقلهم إلى اللاذقية، فلا شك أنهم بعد ذلك سيعيدون تنفيذ بنود الاتفاق كما نص عليها».
وتسيطر فصائل معارضة على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين لقوات النظام. وفي الأشهر الأخيرة، تمت عمليات إجلاء عدة من مناطق كانت تحت سيطرة الفصائل ومحاصرة من قوات النظام، لا سيما في محيط دمشق.
وكان لافتاً يوم أمس البيان الذي صَدَر باسم المجلس المحلي لـ«مدينة الزبداني»، مستنكراً المواقف الرافضة للاتفاق، ومعتبراً أن «الجهات الرافضة لم تُقدِّم أي دعم سياسي أو عسكري أو إنساني للمحاصرين في الزبداني ومضايا، وذلك إبان الهجمات والحصار الذي تعرضت له المنطقتان المنكوبتان قبل أشهر كثيرة».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.