10 مليارات دولار حجم أقسام التأمين المكتتبة في السعودية والإمارات

«ساما» تسمح لـ«المتحدة للتأمين» بتقديم خدماتها في قطاع السيارات

10 مليارات دولار حجم أقسام التأمين  المكتتبة في السعودية والإمارات
TT

10 مليارات دولار حجم أقسام التأمين المكتتبة في السعودية والإمارات

10 مليارات دولار حجم أقسام التأمين  المكتتبة في السعودية والإمارات

في الوقت الذي رفعت فيه مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، قرار إيقاف شركة «المتحدة للتأمين التعاوني» عن إصدار وتجديد وثائق تأمين المركبات، كشف تقرير اقتصادي يوم أمس أن حجم أقساط التأمين المكتتبة في السعودية، والإمارات، بلغ 10 مليارات دولار.
وتأتي هذه التحركات القوية التي تفرضها مؤسسة النقد العربي السعودي على شركات التأمين في السوق السعودية، في وقت بدأ فيه تطبيق قرار منح أصحاب السجلات الخالية من الحوادث خصومات خاصة على خدمة التأمين على المركبات، على أن ترتفع تكلفة التأمين على ملاّك السجلات التي تشهد ارتفاعاً في معدلات الحوادث والمطالبات التأمينية.
وفي إطار ذي صلة، قررت مؤسسة النقد العربي السعودي السماح لشركة «المتحدة للتأمين التعاوني» بإصدار وتجديد وثائق تأمين المركبات اعتباراً من اليوم الأربعاء.
وأوضحت مؤسسة النقد في بيان صحافي، أمس، أن الشركة عالجت ملاحظاتها القائمة عند الإيقاف، وأكدت التزامها بالمعايير والاشتراطات التي تضمن حقوق العملاء والمستفيدين من التغطية التأمينية.
وأكدت شركة «المتحدة للتأمين التعاوني» (وفقاً لمؤسسة النقد) على التزامها بالاستمرار في تنفيذ الإجراءات التصحيحية وفق خطة العمل التي أوصى بها الاستشاري، وعلى رأسها التطوير المستمر لنظام معالجة تسوية مطالبات تأمين المركبات ومعالجة شكاوى العملاء.
من جهة أخرى، أظهر أحدث تقرير لـ«إرنست ويونغ» (EY)، بعنوان «فرص التأمين في الشرق الأوسط»، أن أسواق التأمين في المنطقة قد حافظت على مرونتها على الرغم من التوجهات الاقتصادية المعاكسة وانخفاض أسعار النفط، مبيّناً أن سوقين من أكبر أسواق المنطقة، في السعودية والإمارات، سجلتا إجمالي أقساط تأمين مكتتبة تجاوزت قيمتها 10 مليارات دولار، مما يؤكد الأهمية المتزايدة للمنطقة بالنسبة لأسواق التأمين العالمية.
وأضاف التقرير: «مع ذلك، لا تزال الربحية مصدر قلق رئيسياً لشركات التأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا، وبما أن الدخل الاستثماري لم يشكِّل مساهمة كبيرة في عائدات المساهمين، فقد ركزت شركات التأمين على الربحية التقنية وخفض التكاليف».
وقال التقرير ذاته: «على الرغم من أن تدابير خفض التكاليف قد تكون مفيدة على المدى القصير، فإنه من غير الممكن تحقيق نتائج مستدامة إلا من خلال استراتيجية تحويل تشغيلي منفذة بشكل جيد، مدعومة بتكنولوجيا ومنهجية قوية تركّز على العملاء».
وفي تعليق له على هذا التقرير، قال سانجاي جين، رئيس التأمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى «إرنست ويونغ»: «تمر أسواق التأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأحداث تحويلية ذات أربعة محاور هي: زيادة توقعات العملاء، والتغييرات التنظيمية، والتطورات التكنولوجية، والضغوط الاقتصادية»، مضيفاً: «ومع أننا نشهد بعض حالات النمو، فإن ما سيحدد من هم رواد المستقبل في هذا القطاع هو كيفية استجابة شركات التأمين بشكل فردي لهذه التحديات الناشئة».
إلى ذلك، قالت هيئة السوق المالية السعودية: «استمراراً منّا في تحسين وتطوير كل ما من شأنه تعزيز ثقة المشاركين بالسوق المالية، ولما تمثله ثقة المستثمرين بالسوق من أهمية لنمو السوق وازدهارها، وانطلاقاً من مهمة الهيئة المتمثلة في تنظيم السوق المالية وتطويرها، والعمل على تحقيق العدالة والكفاية والشفافية في معاملات الأوراق المالية، تعمل هيئة السوق وفقاً لمهامها النظامية على وضع الإجراءات والمبادرات الملائمة التي من شأنها تعزيز مبدأ الإفصاح القائم حالياً، عبر تبنّي أفضل المعايير الدولية في مجال الحوكمة».
وأضافت هيئة السوق: «سنقوم بنشر التعاميم الصادرة والموجهة للشركات المدرجة في السوق المالية السعودية على موقعنا الإلكتروني، كما يتيح نشر هذه التعاميم للجمهور الاطلاع على المستجدات التنظيمية التي تنظمها الهيئة، وما يترتب عليها من التزامات على الشركات المدرجة، مما يسهم في رفع مستوى الحوكمة وزيادة الوعي للمشاركين في السوق المالية».
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي بدأت فيه السعودية بإلزام شركات التأمين المحلية بتطبيق المعايير الجديدة لأسعار التأمين على المركبات، وهي المعايير التي تنص على منح صاحب المركبة الذي يخلو سجله من الحوادث مزيداً من الخصومات السعرية.
وفي هذا الشأن، أكدت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، أنها أصدرت التعليمات، بشأن إلزام شركات التأمين عند تسعيرها وثائق تأمين المركبات بتقديم خصم لأصحاب السجل الخالي من المطالبات على السعر الأساسي الجديد لدى شركة التأمين، واعتماد نسبة الخصم المقدمة على عدد السنوات لسجل المؤمن له دون أي مطالبات.



الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.