أردوغان يثير لغطا جديدا بتدخله في قضية بيوت الطلبة

حزب الحرية والعدالة يواجه انقساما بين المحافظين المؤيدين لرئيس الوزراء والمعتدلين من فريق غل

أردوغان يثير لغطا جديدا بتدخله في قضية بيوت الطلبة
TT

أردوغان يثير لغطا جديدا بتدخله في قضية بيوت الطلبة

أردوغان يثير لغطا جديدا بتدخله في قضية بيوت الطلبة

منذ صعوده إلى سدة الحكم منذ أكثر من عشر سنوات، فعل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الكثير من الأشياء التي جعلت شريحة كبيرة من الشعب التركي تنفر منه بسبب تدخلاته الواضحة في شؤونهم الخاصة، بالإضافة إلى تصرفه الغريب عندما ألقى كلمة انتقد فيها بشدة الخبز الأبيض.
وقد رأى قطاع كبير من الأتراك، الذين أيدوا إصلاحات أردوغان الديمقراطية والتي كان من بينها فرض مزيد من الرقابة المدنية على الجيش، في تلك التصريحات نوعا من عدم اللياقة، ودليلا على تصاعد اللهجة السلطوية عند رئيس الوزراء. وقد أسهم ذلك في موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي ضربت تركيا صيف العام الحالي ومثلت الأزمة الأخطر التي واجهت أردوغان وحزبه الإسلامي الحاكم، العدالة والتنمية، منذ تقلده السلطة في البلاد.
وبعد أن كان رئيس الوزراء قد خفف من لهجته، التي سببت الكثير من الخلاف والشقاق، على مدار الأشهر القليلة التي تلت الاضطرابات، عاود أردوغان الكرة مؤخرا بإثارته عاصفة جديدة من الاحتجاجات، عندما صرح الأسبوع الحالي برغبته في حظر بيوت الطلبة المختلطة في الجامعات الحكومية، وزاد على ذلك النُزُل البعيدة عن الحرم الجامعي التي يسكنها الطلبة من الجنسين. ومرة أخرى، تشعل كلمات أردوغان حربا ثقافية شعواء تستدعي إلى السطح الخلافات الشديدة بين العلمانيين والإسلاميين، وتثير ذلك النوع من اللغط الذي لا يفضله حتى أعضاء حزبه الذين كانوا يأملون في تجنب عواقب احتجاجات الصيف الماضي قبل خوض الاستحقاق الانتخابي المقبل.
وقد نقلت وسائل الإعلام التركية عن أردوغان في اجتماع الحكومة الأسبوعي قوله لنواب حزبه في البرلمان «من الممكن أن يحدث أي شيء، فيصرخ أولياء الأمور (أين دور الدولة؟).. هذه الإجراءات تُتخذ حتى نوضح للجميع أن الدولة موجودة وتقوم بدورها. وكحكومة محافظة وديمقراطية، ينبغي لنا أن نتدخل». ويبدو أردوغان في تصريحه هذا وكأنه يقدم أوراق اعتماده كسياسي محافظ، كما يريد أن يرسل رسالة مفادها أن الحكومة لديها معلومات استخباراتية عما يجري دخل بيوت الطلبة المختلطة.
وقد خصصت البرامج الحوارية التلفزيونية، التي غالبا ما تتناول عددا من القضايا الثابتة، يوم الأربعاء، جزءا كبيرا من وقتها لمناقشة حالة الخلاف التي فجرتها تصريحات أردوغان. وبدا بعض كتاب الأعمدة في الصحف وقد راق لهم صب الزيت على النار في القضية، خاصة أن أردوغان قد عاد لتسديد سياط كلماته نحو التيارات الثقافية بعدما هدأت عاصفة الاحتجاجات الصيفية.
يقول إزغي باساران، الصحافي في صحيفة «راديكال» ذات التوجه اليساري «إننا الآن نقف وجها لوجه ضد رئيس وزراء يعتقد أن لديه الحق في فرض آرائه الأخلاقية على بيوتنا، وفرض الرقابة على حرياتنا الشخصية مستخدما في ذلك محافظيه وقوات أمنه».
ومع إثارته لحالة جديدة من اللغط الثقافي، يخاطر أردوغان بتهييج مشاعر منتقديه الذين لعبوا دورا مؤثرا في احتجاجات الصيف. ولكن بالأخذ في الاعتبار حقيقة أن المجتمع التركي مُنقسم إلى حد كبير يستطيع أردوغان اللعب على مشاعر مؤيديه من المحافظين قُبيل الاستحقاق الانتخابي المقبل.
تقول إزغي كورتال، طالبة في قسم التاريخ في جامعة البوسفور «اخترت العيش في مدينة جامعية مخصصة للطالبات فقط، وأنا سعيدة بهذا الاختيار. لكنني على الجانب الآخر لا أؤيد تصريحات أردوغان، فما دخل رئيس الوزراء في هذا الأمر الشخصي؟». وفي إشارة إلى احتجاجات الصيف التي اندلعت بسبب حديقة مركز جيزي، تضيف كورتال «لقد اعتقدنا أنه فهم الرسالة التي بعثنا له بها من خلال احتجاجات جيزي، وهي أنه يجب ألا يتدخل في الحياة الشخصية للناس، لكن أعتقد أننا أخطانا التقدير».
وتأتي حالة اللغط الجديدة مع مساعي تركيا لاستئناف المفاوضات المتعثرة منذ فترة طويلة للانضمام للاتحاد الأوروبي. وتبدو جهود أنقرة الخارجية لبسط نفوذها على الشرق الأوسط في حالة من عدم التوازن بعد الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي الذي كانت تدعمه الحكومة التركية، فضلا عن سياستها في دعم حركة التمرد في سوريا في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي للتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الأزمة.
وقد خرج أردوغان من احتجاجات جيزي قويا أكثر من ذي قبل على المستوى الداخلي، حيث وقف إلى جانبه قاعدته الدينية المحافظة التي تشكل ما يقرب من نصف مجموع الناخبين، رغم أن صورة تركيا على المستوى الخارجي قد أصابها الكثير من الضرر. بيد أن الاحتجاجات أشعلت جدلا شديدا وسط قيادات حزب العدالة والتنمية عن توجهات الحزب ومستقبل الديمقراطية في تركيا، في الوقت الذي تسير فيه البلاد باتجاه استحقاقات انتخابية تبدأ العام المقبل بانتخابات المجالس المحلية التي تمثل اختبارا حقيقيا لشعبية أردوغان على مستوى القواعد الشعبية.
وتشير كل اللقاءات التي أُجريت مؤخرا مع مسؤولي الحزب والدبلوماسيين الغربيين وكذلك الخبراء الأجانب، الذين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، إلى أن حزب العدالة والتنمية يعاني حاليا من خلافات حادة بين أعضائه. فهناك خلاف لا تخطئه العين بين أولئك الذين يؤيدون أردوغان دون قيد أو شرط، والأعضاء الأكثر اعتدالا الذين يصطفون خلف الرئيس التوافقي عبد الله غل ويشاركون المحتجون مخاوفهم.
وقد ألقت موجة الغضب، التي اندلعت ضد تصريحات رئيس الوزراء عن بيوت الطلبة المختلطة والأسلوب الذي يقترحه في تلك المسألة، الضوء على تلك المخاوف. فقد أفيد بأن إحدى الدوائر التي يمثلها نائب من حزب العدالة والتنمية في البرلمان، غالبية سكانها من مريدي الداعية الإسلامي محمد فتح الله كولن، تسودها حالة من التناقض بشأن التصويت لصالح حزب أردوغان في الانتخابات القادمة من عدمه.
وكان السبب وراء اشتعال احتجاجات الصيف الماضي هو خطط الحكومة لإزالة متنزه جيزي، آخر المساحات الخضراء في قلب اسطنبول، وتحويله إلى مركز تجاري. وتحولت تلك الاحتجاجات إلى موجة أوسع من التوبيخ للحكومة، كان من أبرز نتائجها أن قاد أردوغان تحركا يرمي إلى توسيع سلطات مؤسسة الرئاسة، وهو التحرك الذي يبدو تحقيقه مستحيلا على الأقل في الوقت الراهن.
بيد أنه من المحتمل أن يخوض أردوغان انتخابات الرئاسة العام المقبل حتى إذا لم تتحقق الجهود الرامية إلى توسيع سلطات الرئيس، وهذا ما يستدعي سؤالا مهما وهو: من ذلك الشخص الذي يستطيع أن يحتل منصب رئيس الوزراء ذي السلطات الكبيرة؟ واحد من الاحتمالات، التي تتم مناقشتها داخل وخارج أروقة الحزب، هو أن يحدث نوع من تبادل المواقع بين غل وأردوغان على غرار ما حدث في روسيا بين فلاديمير بوتين وديمتري ميدفيديف. لكن أردوغان يأمل في تجنب ذلك السيناريو، تبعا للقاءات التي أجريت مؤخرا مع مسؤولي الحزب والدبلوماسيين الغربيين وكذلك الخبراء الأجانب، لأن بعض استطلاعات الرأي تشير إلى تمتع غل بشعبية أوسع من تلك التي يتمتع بها أردوغان بين الشعب التركي.
وسوف تشكل انتخابات المجالس المحلية، التي ستشهد صراعا شديدا على منصب عمدة إسطنبول، اختبارا لأردوغان وطموحه في البقاء في السلطة لعقد آخر حتى عام 2023 عندما تحل الذكرى المئوية لميلاد الجمهورية التركية الحديثة. وسوف يمهد الأداء القوي لحزب العدالة والتنمية في تلك الانتخابات الطريق أمام اعتلاء أردوغان لكرسي الرئاسة وبالتالي تتجدد جهوده لإعادة هيكلة مؤسسة الرئاسة، كما يقول المحللون.
ويعد استقطاب الناخبين عن طريق إثارة مسائل خلافية مثل تلك المتعلقة ببيوت الطلبة استراتيجية انتخابية يتميز بها أردوغان، كما يقول أحد الخبراء. ويقول محلل آخر إن ذلك الأسلوب مقتبس من كتاب كارل روف، أحد مستشاري الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، والذي عمل أيضا مستشارا للحزب الجمهوري.
ومثل كثير من المسائل الخلافية التي أثارها أردوغان، يقول أيوب كان، رئيس تحرير صحيفة «راديكال»: «لنكن أمناء مع أنفسنا، فعلى الرغم من الصراحة التي تؤذي مشاعر البعض، فأنا لا أفهم شيئا، ما هو السبب وراء إثارة ذلك اللغط؟ إذا كان هناك من شخص يعرف فليوضح لي رجاء».

* أسهم في إعداد التقرير سيبنام آرسو وسيليان يغينسو



إنجاز علمي جديد... «ناسا» ترصد «مدينة تحت الجليد» مدفونة في غرينلاند

صورة رادارية تكشف عن قاعدة عسكرية مهجورة في غرينلاند (ناسا)
صورة رادارية تكشف عن قاعدة عسكرية مهجورة في غرينلاند (ناسا)
TT

إنجاز علمي جديد... «ناسا» ترصد «مدينة تحت الجليد» مدفونة في غرينلاند

صورة رادارية تكشف عن قاعدة عسكرية مهجورة في غرينلاند (ناسا)
صورة رادارية تكشف عن قاعدة عسكرية مهجورة في غرينلاند (ناسا)

كشفت صورة رادارية التقطها علماء «ناسا» أثناء تحليقهم فوق غرينلاند عن «مدينة» مهجورة من حقبة الحرب الباردة مدفونة تحت الجليد.

التقط العلماء والمهندسون صورة الرادار في أبريل (نيسان) 2024 أثناء تحليقهم فوق شمال غرينلاند على متن طائرة «ستريم 3» التابعة لناسا.

والمدينة المهجورة هي قاعدة عسكرية تسمى كامب سينتشري، تم بناؤها في عام 1959 عن طريق قطع شبكة من الأنفاق تحت طبقة قريبة من السطح من الغطاء الجليدي في غرينلاند، حسبما أفادت صحيفة «إندبندنت» البريطانية.

ويقول الباحثون إن الثلوج والجليد تراكمت فوق المخيم الذي هُجر في عام 1967، حيث أصبحت الهياكل الصلبة للمنشأة الآن على عمق 30 متراً (100 قدم) على الأقل تحت السطح.

وقال أليكس جاردنر من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا: «كنا نبحث عن طبقة الجليد وخرج معسكر سينتشري. لم نكن نعرف ما هو في البداية».

وقد أنتجت المسوحات الجوية السابقة للكتلة الأرضية صورة ثنائية الأبعاد للغطاء الجليدي، على النقيض من التحليق فوق الكوكب في أبريل (نيسان) عندما استخدم الباحثون أداة (رادار الفتحة الاصطناعية للمركبات الجوية غير المأهولة) التابعة لوكالة ناسا والمثبتة على بطن الطائرة، والقادرة على إنتاج «خرائط ذات أبعاد أكثر».

وقال تشاد غرين، وهو عالم من وكالة ناسا: «في البيانات الجديدة، تظهر الهياكل الفردية في المدينة السرية بطريقة لم يسبق لها مثيل من قبل».

كشفت الخريطة الأخيرة عن التصميم المخطط للقاعدة، بما في ذلك الهياكل الموازية التي يبدو أنها تتوافق مع الأنفاق التي تم بناؤها لإيواء العديد من المرافق.

وقد تم استخدام الخرائط التي تم رسمها باستخدام الرادار التقليدي لتأكيد تقديرات عمق معسكر سينتشري، ويساعد هذا في تحديد متى يمكن للجليد الذائب أن يعيد تعريض المعسكر وأي نفايات بيولوجية وكيميائية وإشعاعية متبقية مدفونة معه.

ويأمل الباحثون أن يساعد هذا النهج باستخدام مثل هذه الأدوات العلماء في قياس سمك الصفائح الجليدية في بيئات مماثلة في القارة القطبية الجنوبية وتقييد تقديرات ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل.

وأضاف الدكتور غرين: «كان هدفنا هو إثبات وفهم قدرات وقيود الطائرات من دون طيار لرسم خرائط الطبقات الداخلية للغطاء الجليدي وواجهة طبقة الجليد». وقال غرين: «من دون معرفة تفصيلية بسمك الجليد، من المستحيل معرفة كيف ستستجيب الصفائح الجليدية للمحيطات والغلاف الجوي التي ترتفع درجة حرارتها بسرعة، مما يحد بشكل كبير من قدرتنا على توقع معدلات ارتفاع مستوى سطح البحر».

يأمل العلماء أن تمكن نتائج المسح التجريبي الأخيرة الجيل القادم من رسم الخرائط الجوية في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية وما بعد ذلك.