«غربال» من مادة الغرافين لتحلية مياه البحر

يجعلها صالحة للشرب بنفقات قليلة

«غربال» من مادة الغرافين لتحلية مياه البحر
TT

«غربال» من مادة الغرافين لتحلية مياه البحر

«غربال» من مادة الغرافين لتحلية مياه البحر

في تطوير تقني متميز نجح باحثون في جامعة مانشستر البريطانية في تطوير غشاء رقيق مصنوع من الغرافين يمكنه تحلية مياه البحر وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب، مما سيوفر النفقات لإمداد ملايين الأشخاص حول العالم.
والغرافين مادة تتشكل على شكل طبقة رقيقة جداً لا يزيد سمكها عن سمك ذرة الكربون، وقد وظفه العلماء في كثير من التطبيقات الرائدة لخفة وزنه ورقاقته. وتعتبر جامعة مانشستر المهد الذي نشأت فيه أبحاث الغرافين.
ونجح الباحثون البريطانيون في صنع «غربال» من أكسيد الغرافين سيقلل يشكل هائل من نفقات تحلية مياه البحر، وهي العملية التي تكلف ملايين الدولارات التي تنفق لبناء منشآت خاصة لها. وقالوا إنهم يأملون في بناء محطات أصغر حجماً، مما يسمح لمجتمعات صغيرة في العالم النامي باستخدامها للحصول على المياه الصالحة للشرب التي يعاني من نقصانها أكثر من 600 مليون إنسان.
ونقلت وسائل الإعلام البريطانية عن راهول نير البروفسور في الجامعة أن «هذه خطوة مهمة إلى الأمام ستفتح إمكانات تحسين كفاءة الإنتاج في تقنيات تحلية مياه البحر... إلا أننا ما زلنا في بداية الطريق لتطويرها».
وتزيد متانة الغرافين الذي اكتشفه باحثو المعهد الوطني للغرافين في الجامعة عام 2004 بـ200 مرة عن الفولاذ. ونجح الباحثون في توظيفه منه أولاً في حجز الجسيمات النانوية المتناهية في الصغر، والجزيئات العضوية وبلورات الملح (النانومتر هو واحد من المليار من المتر).
وفي البحث الذي نشر في مجلة «نتشر نانوتكنولوجي» أظهر الباحثون انه أصبح بمقدورهم التحكم بمسامات الغشاء المصنوع من الغرافين لغربلة الملح الاعتيادي من الماء المالح، وتحويله إلى ماء صالح للشرب.
وتقدر الأمم المتحدة أن 14 في المائة من سكان العالم سيعانون من ندرة المياه بحلول عام 2025. ووفق إحصاءات منظمة «ووتر أيد» المهتمة بموارد المياه فإن 663 مليون إنسان في العالم يعيشون من دون ماء آمن فيما يهلك 315 ألف طفل تقل أعمارهم عن 5 سنوات بسبب الأمراض الناجمة عن تلوث المياه.
كما يأمل العلماء في تطوير غربال من أكسيد الغرافين لترشيح واستبعاد الزرنيخ الملوِّث للمياه، وهو السم المميت الموجود بكثرة في الموارد المائية في قارتي آسيا وأفريقيا.
وتجدر الإشارة إلى أن معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا في الإمارات العربية وجامعة مانشستر يتعاونان في مشروع مشترك لتوظيف مادة الغرافين في تحسين تقنيات تحلية المياه، وقد فاز نهاية شهر مارس (آذار) الماضي بمنحة مالية بقيمة 500 ألف دولار من الحكومة البريطانية.
وتتولى الدكتورة ليندا زو الأستاذة في الهندسة الكيميائية والبيئية في معهد «مصدر»، الذي يندرج تحت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا التي تم تأسيسها أخيراً، والدكتور راهول رافيندران نير، الأستاذ في فيزياء المواد في جامعة مانشستر، قيادة هذا المشروع الذي يركز على تطوير الجيل المقبل من الأقطاب والأغشية المستخدمة في تنقية المياه بالاعتماد على مادة الغرافين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».