«حمام العليل» في الموصل رغم الحرب

أحد المنتجعات في بلدة حمام العليل بالقرب من الموصل (رويترز)
أحد المنتجعات في بلدة حمام العليل بالقرب من الموصل (رويترز)
TT

«حمام العليل» في الموصل رغم الحرب

أحد المنتجعات في بلدة حمام العليل بالقرب من الموصل (رويترز)
أحد المنتجعات في بلدة حمام العليل بالقرب من الموصل (رويترز)

عادت الحركة إلى بلدة حمام العليل، الواقعة جنوب مدينة الموصل، التي ذاعت شهرتها بسبب ينابيعها الحارة، والتي يقال إنها تشفي من الأمراض، وذلك بعد انتزاع السيطرة على المنطقة من أيدي تنظيم داعش في هجوم تشنه القوات العراقية وتدعمه الولايات المتحدة.
ويشكل هذا المشهد تناقضاً مع الواقع، حيث لا تزال تدور معارك على أطراف الموصل مع تنظيم داعش، كما أن البلدة يجاورها مخيم كبير للنازحين يضم أكثر من 30 ألف شخص نزحوا عن ديارهم بسبب الحملة العسكرية الرامية لإخراج تنظيم داعش نهائياً من الموصل.
وقال الجندي المتقاعد علي قادر (47 عاماً) بعد استحمامه بمياه نبع طبيعي: «آتي إلى هنا 3 مرات في الأسبوع. هذا منعش ومفيد للبشرة».
ومنذ إخراج تنظيم داعش من البلدة في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، بدأ السكان يتدفقون مرة أخرى إلى هذه المنطقة لتنتهي بذلك الأيام التي كان المستحمون يضطرون فيها لارتداء سترة تغطيهم من السرة إلى الركبة في إطار قواعد الاحتشام التي فرضت مع تطبيق «داعش» قوانينه.
وقال وائل عبد الله (12 سنة): «إذا كنت ترتدي مايوه السباحة فقط، (داعش) كان يجلدك»، لافتاً إلى أن «رجال الحسبة كانوا يأتون للتحقق من أن الكل يرتدي الملبس الملائم»، في إشارة إلى الشرطة الدينية التي كانت تتحقق من كل شيء؛ من لحى الرجال إلى نقاب النساء.
وفي الجهة المقابلة في الشارع، يوجد مسبح مغطى يرتاده سكان المنطقة والجنود ممن يأخذون يوم إجازة من الجبهة لحضور جلسة تدليك. واعتاد المنتجع أن يجذب السياح الباحثين عن برامج صحية ومرضى الروماتيزم، لكن الاهتمام به كان قد بدأ يتراجع حتى قبل سيطرة «داعش» في عام 2014.
وقال لطيف محمد الذي يساعد في إدارة أحد منتجعات البلدة: «اعتدنا على مجيء زوار من بغداد ومن الجنوب بل ومن الخليج، وخصوصاً الكويت والسعودية. المنتجع بني في الثمانينات، لكنه يحتاج إلى تجديد اليوم».
وكانت الفنادق الفاخرة في البلدة أغلقت أو دمرها القصف لأن مقاتلي تنظيم داعش اعتادوا الإقامة فيها. وبعد انسحاب «داعش» شهدت المنطقة تدفقاً للنازحين، خصوصاً أن أكبر مخيمات النازحين (يضم 300 ألف نازح) يقع على بعد كيلومترين اثنين فقط من الحمام. ويصل كل يوم ما يصل إلى 5 آلاف نازح من المنطقة أو من الخطوط الأمامية في الموصل التي تبعد نحو 30 كيلومتراً إلى الشمال.
وقال لطيف محمد: «عندنا نحو 200 زائر للمنتجع كل يوم من سكان المنطقة والجنود. يوجد نازحون أيضاً لكن أكثرهم لا يستطيع دفع رسم الدخول وقدره ألف دينار».



مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثل في مصطبة لطبيب ملكي لدى الدولة المصرية القديمة، تحتوي نقوشاً ورسوماً «زاهية» على جدرانها، بالإضافة إلى الكثير من أدوات الطقوس والمتاع الجنائزي.

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، كشفت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية المشتركة التي تعمل في جنوب منطقة سقارة الأثرية، وتحديداً في مقابر كبار رجال الدولة القديمة، عن مصطبة من الطوب اللبن، لها باب وهمي عليه نقوش ورسومات «متميزة»، لطبيب يُدعى «تيتي نب فو»، عاش خلال عهد الملك بيبي الثاني، ويحمل مجموعة من الألقاب المتعلقة بوظائفه الرفيعة، من بينها: «كبير أطباء القصر»، و«كاهن الإلهة سركت»، و«ساحر الإلهة سركت»، أي المتخصص في اللدغات السامة من العقارب أو الثعابين وعظيم أطباء الأسنان، ومدير النباتات الطبي.

جدران المصطبة تتضمّن نقوشاً ورموزاً جنائزية بألوانها الزاهية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعد هذا الكشف إضافة مهمة إلى تاريخ المنطقة الأثرية بسقارة، ويُظهر جوانب جديدة من ثقافة الحياة اليومية في عصر الدولة القديمة من خلال النصوص والرسومات الموجودة على جدران المصطبة، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد.

من جانبه، أوضح رئيس البعثة، الدكتور فليب كولمبير، أن المصطبة تعرّضت للسرقة في عصور سابقة، حسب ما ترجح الدراسات الأولية، لكن الجدران ظلّت سليمة وتحمل نقوشاً محفورة ورسوماً رائعة الجمال، ونقشاً على أحد جدران المقبرة على شكل باب وهمي ملون بألوان زاهية. كما توجد مناظر للكثير من الأثاث والمتاع الجنائزي، وكذلك قائمة بأسماء القرابين، وقد طُلي سقف المقبرة باللون الأحمر تقليداً لشكل أحجار الغرانيت، وفي منتصف السقف نقش يحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة.

رموز ورسوم لطقوس متنوعة داخل المصطبة (وزارة السياحة والآثار)

بالإضافة إلى ذلك عثرت البعثة على تابوت حجري، الجزء الداخلي منه منقوش بالكتابة الهيروغليفية يكشف اسم صاحب المقبرة.

وكانت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية قد بدأت أعمال الحفائر في الجزء الخاص بمقابر موظفي الدولة، خلف المجموعة الجنائزية للملك بيبي الأول، أحد حكام الأسرة السادسة من الدولة القديمة، وتلك الخاصة بزوجاته في جنوب منطقة آثار سقارة، في عام 2022.

وكشفت البعثة قبل ذلك عن مصطبة للوزير وني، الذي اشتهر بأطول سيرة ذاتية لأحد كبار رجال الدولة القديمة، التي سُجّلت نصوصها على جدران مقبرته الثانية الموجودة في منطقة أبيدوس بسوهاج (جنوب مصر).

ويرى عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذا الاكتشاف «يكشف القيمة التاريخية والأثرية لمنطقة سقارة التي كانت مركزاً مهماً للدفن خلال عصور مصر القديمة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المصطبة المكتشفة تعود إلى طبيب ملكي يحمل لقب (المشرف على الأطباء)، كان يخدم البلاط الملكي في الأسرة الخامسة (تقريباً في الفترة ما بين 2494 و2345 قبل الميلاد)، وجدران المصطبة مزينة بنقوش زاهية الألوان تجسّد مشاهد يومية وحياتية وأخرى جنائزية؛ مما يوفّر لمحة عن حياة المصريين القدماء واهتماماتهم بالموت والخلود».

ويضيف العالم المصري أن المصاطب تُعد نوعاً من المقابر الملكية والنخبوية التي ظهرت خلال بدايات عصر الأسرات الأولى، قبل ظهور الشكل الهرمي للمقابر.

المصطبة المكتشفة حديثاً في سقارة (وزارة السياحة والآثار)

وتضم النقوش داخل المصطبة صوراً للطبيب الملكي وهو يمارس مهامه الطبية، إلى جانب مناظر تعكس الحياة اليومية مثل الصيد والزراعة، ويلفت عبد البصير إلى أن «النقوش تحتفظ بجمال ألوانها المبهجة؛ مما يدل على مهارة الفنانين المصريين القدماء وتقنياتهم المتقدمة».

ويقول الدكتور حسين إن هذا الاكتشاف يعزّز فهمنا لتاريخ الدولة القديمة، ويبرز الدور المحوري الذي لعبته سقارة مركزاً دينياً وثقافياً، مؤكداً أن هذا الاكتشاف «يُسهم في جذب مزيد من الاهتمام العالمي للسياحة الثقافية في مصر، ويُعد حلقة جديدة في سلسلة الاكتشافات الأثرية التي تُعيد إحياء تاريخ مصر القديمة وتُظهر للعالم عظمة هذه الحضارة».

تجدر الإشارة إلى أن وزارة السياحة والآثار أعلنت قبل يومين اكتشاف 4 مقابر يعود تاريخها إلى أواخر عصر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة، في منطقة سقارة بالجيزة، وأكثر من 10 دفنات من عصر الأسرة الـ18 من الدولة الحديثة.