شيوعيان أميركيان حاربا مع الأكراد ضد «داعش»

قالا إنهما عملا في صفوف «ثوريين» لا «قوات إمبريالية»

بريس بيلدين (يمين) وصديقه لوكاش جابمان فوق مدرعة كردية على الخطوط الأمامية لمواجهة  «داعش» (واشنطن بوست)
بريس بيلدين (يمين) وصديقه لوكاش جابمان فوق مدرعة كردية على الخطوط الأمامية لمواجهة «داعش» (واشنطن بوست)
TT

شيوعيان أميركيان حاربا مع الأكراد ضد «داعش»

بريس بيلدين (يمين) وصديقه لوكاش جابمان فوق مدرعة كردية على الخطوط الأمامية لمواجهة  «داعش» (واشنطن بوست)
بريس بيلدين (يمين) وصديقه لوكاش جابمان فوق مدرعة كردية على الخطوط الأمامية لمواجهة «داعش» (واشنطن بوست)

قبل هجوم الحلفاء الكبير المتوقع لاستعادة الرقة، عاصمة «داعش»، وبعد أن قضيا أكثر من عام مع قوات الاتحاد الكردي الشعبي الديمقراطي، قرر شيوعيان أميركيان العودة إلى الولايات المتحدة، بعد أن حاربا مع القوات الكردية، لكن، تعمدا عدم التعاون مع القوات الأميركية التي وصفاها بأنها «إمبريالية». وقالا إنهما سيعودان احتجاجا على زيادة وجود هذه القوات.
ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» أمس الأحد، مقابلة معهما في الطويلة، بالقرب من الرقة. قال بريس بيلدين (27 عاما)، وكان يبيع الزهور في سان فرنسيسكو، إنه سيعود ليتزوج صديقته وهي شيوعية مثله. وإنهما يريدان العودة إلى سوريا للتعاون مع منظمات شيوعية، لا للقتال، بعد سقوط الدولة الإسلامية.
وقال لوكاش جابمان (21 عاما)، ووصف نفسه بأنه يهودي، وتخرج من الجامعة الأميركية في واشنطن، إنه يريد التعاون مع منظمات كردية أميركية بعد أن يعود.
قالا إنهما سافرا إلى سوريا للتعاون مع الاتحاد الكردي الذي وصفاه بأنه «تقدمي»، ويريد بناء «يوتوبيا». وكانا يريدان التعاون مع «تجربته الاشتراكية» التي يريد تأسيسها وسط الأكراد في سوريا.
لكن، وضعهما قادة الاتحاد الكردي في قائمة المقاتلين، وصرفوا لهما ملابس عسكرية، وأجروا لهما تدريبات عسكرية وصفاها بأنها كانت «قاسية»، ثم أرسلوهما إلى الخطوط الأمامية في الحرب ضد «داعش». قالا إنهما لم يشتركا في القتال فعلا، وتطوع واحد منهما للعمل مع القوات الطبية التي كانت تعمل في الخطوط الخلفية.
وقالا إن زيادة الوجود العسكري الأميركي هو الذي دفعهما للعودة إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد أن علما بأن أكثر من ألف جندي أميركي يحاربون مع الأكراد ضد «داعش»، وأن ألف جندي آخر سينضمون إليهم.
وقال بيلدين: «كماركسي، أؤمن بأن الهدف هو إسقاط النظام الرأسمالي الغربي. لكن، كماركسي، يجب أن أتعود على التناقضات». وأشار إلى التحالف الأميركي الكردي، وقال إنه مع الأكراد، لكنه ضد التدخل العسكري الأميركي. وأضاف: «أعارض كل الوجود العسكري الأميركي في سوريا. ويشكل وجود جنود أميركيين هنا تناقضا قويا لما أؤمن به (تأسيس نظام اشتراكي)».
وقال جابمان إن التحالف الأميركي الكردي لن يستمر طويلا. وأضاف أنه، بعد هزيمة «داعش»، سينهي الأميركيون أي علاقة مع «التجربة الاشتراكية الكردية». وأضاف: «في الماضي، خانوا (الأميركيون) الأكراد. ولن تصيبني الدهشة إذا فعلوا ذلك مرة أخرى. إنهم قوات احتلال، إنهم إمبرياليون».
عندما فاز الرئيس دونالد ترمب في انتخابات نهاية العام الماضي، فرح كثير من الأكراد، واحتفلوا، وابتهجوا. لكن، لم يفهم بيلدين وجابمان ذلك. خاصة الثاني الذي وصف نفسه بأنه يهودي متدين، ويعارض ترمب، ويراه عدوا لليهود وللمسلمين. وبينما يعادي ترمب، كما قال، الجانبين، يريد هو الجمع بينهما.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم