البشير يدعو إلى إنشاء محكمة عدل أفريقية بديلة لـ«الجنائية الدولية»

قضاة من القارة السمراء يبحثون في الخرطوم طرقاً أخرى لحل النزاعات

البشير يدعو إلى إنشاء محكمة عدل أفريقية بديلة لـ«الجنائية الدولية»
TT

البشير يدعو إلى إنشاء محكمة عدل أفريقية بديلة لـ«الجنائية الدولية»

البشير يدعو إلى إنشاء محكمة عدل أفريقية بديلة لـ«الجنائية الدولية»

شدد الرئيس السوداني عمر البشير على أهمية تشكيل «محكمة عدل أفريقية»، تحقق العدالة المستندة على البينة وليس على «التلفيق والاعتبارات السياسية»، وذلك في إشارة إلى الحملة الأفريقية المناوئة للمحكمة الجنائية الدولية، والتي اعتبرها زعماء أفارقة «محكمة سياسية» تستهدف أفريقيا. وتعهد، من جهة أخرى، بتحقيق الوفاق في السودان ووقف الحرب والاقتتال، ومواجهة الإرهاب وتهريب البشر وغسل الأموال بحزم، كما قطع بنبذ العنف في الممارسة السياسية، وانتهاج التبادل السلمي للسلطة وتحقيق الحكم الراشد.
ودعا الرئيس البشير في كلمته للمؤتمر الأول لرؤساء القضاء والمحاكم العليا الأفارقة المنعقد في الخرطوم أمس واليوم، إلى تطوير البيئة القضائية والعدلية الأفريقية وقيامها على أسس واضحة، والاستفادة من الأعراف والتقاليد والقيم الأفريقية، وقال إن جامعة هارفارد الأميركية ضمَّنت مادة أعراف «الصلح والجودية والتسامح» في مناهج كلية القانون، مستفيدة في ذلك من التجربة السودانية المستندة إلى دور زعماء الإدارة الأهلية في فض النزاعات ضمن مجالس صلح تقليدية.
وشن البشير حملة عنيفة على المحكمة الجنائية الدولية بقوله: «القضاء الأفريقي اكتشف أن ما يسمى المحكمة الجنائية الدولية ليست سوى أداة استعمارية مسيسة شكلاً وموضوعاً، وتستهدف للنيل من القـادة الأفارقة، ووصم القارة الأفريقية بإهدار حقوق الإنسان والعنف، وانتشار الأمراض وتفشي اللجوء وارتكاب الجرائم ضد الإنسانية». وتابع: «ثبت للجميع حقيقة تلك الأداة الاستعمارية الظالمة، ما دعا الاتحاد الأفريقي باتخاذ قرار بالانسحاب الجماعي منها». وقال أيضاً: «نحن أجدر من غيرنا لتقييم أنفسنا، ولسنا في حاجة لتقييم أجنبي أو خارجي، يحمل أجندات معينة ويستخدم معايير تخصه لا صلة لها بالقيم والأعراف».
وتعهد البشير وهو يخاطب القضاة الأفارقة ببذل مزيد من الجهود لتحقيق الوفاق في بلاده، ووضع حد للحرب والاقتتال، بالوقوف بحزم في مواجهة الإرهاب وتهريب الأموال والبشر ومكافحة جرائم غسل الأموال، وأن يهتم السودان بقضايا حقوق الإنسان، وأن ينبذ العنف ويتبنى التداول السلمي للسلطة ويحقق الحكم الراشد.
وأعلن البشير تعافي بلاده من النزاعات، وقال إنها تمضي باتجاه الوفاق والسلام والاستقرار، وإن السودانيين اتفقوا في «الحوار الوطني» الذي كان قد دعا له منذ ثلاث سنوات، على تبني الوثيقة الوطنية، إطاراً لبرامج الدولة. وأبقى البشير الباب موارباً لمن يرغب في الالتحاق بالحوار الوطني، بقوله: «أيادي أهل السودان لا تزال بيضاء، ممدودة لمن لا يزالون يمانعون في اللحاق بالوثيقة الوطنية التي أجمع عليها أهل السودان».
من جهته، قال راعي مؤتمر رؤساء القضاء في العالم القاضي كافندش غاندي في كلمته للمؤتمر، إن المؤتمرات تعقد من أجل إحلال السلام وازدهار الشعوب، ما يستوجب نظاما عدليا قضائيا أفريقيا موحدا، يهدف لإشاعة قيم المساواة والمواءمة بين الأديان، ويحافظ على مبدأ سيادة القانون.
وانطلق المؤتمر الأول لرؤساء القضاء ورؤساء المحاكم العليا في الدول الأفريقية في الخرطوم أمس، وتشارك فيه 40 دولة أفريقية و102 قاضٍ، ويهدف لتعزيز السلام والأمن والاستقرار في القارة، وحضره إلى جانب القاضي غاندي، منسق مؤتمر رؤساء القضاء في العالم بروفسور سانديب سيرفستا، ويبحث ليومين التجربة الأفريقية في حل النزاعات بالوسائل البديلة، والنظام القضائي وآليات تطويره.
وقال رئيس القضاء السوداني حيدر أحمد دفع الله في كلمة في افتتاح المؤتمر إن المؤتمر جاء بمبادرة سودانية منطلقة من إرث القضاء السوداني، ودعا زملاءه الأفارقة لإنشاء بديل قضائي إقليمي أفريقي، وتشكيل محكمة أفريقية للحيلولة دون التدخلات الوافدة، ولإيصال رسالة للعالم أن أفريقيا قادرة على تحقيق العدالة من دون الحاجة لتدخلات أجنبية.
يشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية، ظلت تلاحق الرئيس السوداني منذ العام 2009. وأصدرت بحقه مذكرتي توقيف بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، إضافة إلى اتهامه بتهمة «الإبادة الجماعية».
ومنذ العام 2003. يدور نزاع مسلح بين الجيش السوداني وحركات مسلحة متمردة في إقليم دارفور غرب السودان، وتقول تقارير أممية إنه خلف 300 ألف قتيل، وأدى لتشريد قرابة مليونين ونصف مدني، ولا تعترف الحكومة السودانية بهذه الأرقام.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.