مملكة النساء: قبيلة أنوثية تضطهد الرجال

امرأة من قبيلة الموسو (غيتي)
امرأة من قبيلة الموسو (غيتي)
TT

مملكة النساء: قبيلة أنوثية تضطهد الرجال

امرأة من قبيلة الموسو (غيتي)
امرأة من قبيلة الموسو (غيتي)

اليد التي تهز المهد، قادرة على هز العالم! يبدو أن هذه المقولة هي النهج الذي سارت عليه النساء في قبيلة «الموسو» الصينية، إذ آمنّ بقوتهن وعظمتهن، فما كان منهن إلا أن همشن الرجال، وأطلقن العنان لأنفسهن للسيطرة والتحكم في شتى شؤون الحياة القبلية.
في مجتمع غريب وفريد، إحدى القبائل الصينية التي يُطلق عليها البعض «مملكة النساء»، تتحكم فيها المرأة في كل المقاليد والأدوار المركزية في القيادة السياسية والتشريع في العقيدة والأخلاق، ويعاني الرجال في هذه القبيلة من الاضطهاد الشديد، حتى إن لغتهم لا تحتوي على كلمة «أب».
*قبيلة موسو
قبيلة الموسو Mosuo والتي تسمي نفسها بـ«نانا»، هي آخر المجتمعات الأمومية في العالم، مجموعة عرقية صغيرة تقدر بنحو 400 ألف نسمة، يوجد سكانها على ضفاف بحيرة «لوغو»، بالقرب من حدود مقاطعتي «يونان» و«زيتشوان» الصينيتين. تعتبر جزءاً من منطقة التبت المرتفعة ويمتد وجودها لأكثر من ألفي عام.
إن المرأة هي من يقوم بالأدوار المركزية في القيادة السياسية والسيادية، وأيضاً التشريع في العقيدة الأخلاقية، والمسؤولة عن الممتلكات، وهي من يفصل في مسائل النسب والوراثة.
أما الرجال، فلهم دور ثانوي ومهمش؛ بل إنه لا يسمح لهم بالسكن في بيوت النساء، وإنما يأتون لزيارتهن في الليل فقط.
*عددهم
ويبلغ تعداد قبيلة «موسو» ما بين ثلاثين وخمسين ألف فرد، والمرأة هي الحاكم والمالك الوحيد في العائلة. وعند الموت تنتقل جميع الممتلكات من الأم إلى بناتها فقط، وليس للذكور أي نصيب في الإرث، سواء بالممتلكات أو بالنقود، حتى إن الرجال في حال رغبت أي من النساء فيهم لا يغادرون بيوت أمهاتهم، بل يبقون فيها ويعود الرأي للنساء بالبقاء في بيوتهن أو الانتقال معهم عند أمهاتهم.

*الزواج والإنجاب
والمثير للاهتمام أن مفهوم الزواج غير معترف به هناك، فعندما يقع رجل في حب امرأة يزورها ليلا في بيتها في نوع من أنواع الزواج يطلق عليه اسم «الزواج السيار»؛ حيث يحق للمرأة أن تقبل به أو أن تطرده من منزلها، فالعواطف والروابط لا مكان لها في مجتمع يُحرّم مشاعر الألفة والمودة في الرباط الشرعي بين الزوجين لكي لا تسيطر عليها مشاعرها فتعود لحكم الرجل.
وعند إنجاب الأولاد فإنهم يعيشون ويحملون أسماء أمهاتهم، فليس للآباء حق في حضانة أي منهم مهما كانت الظروف، لذا فإنه لا توجد أي قيمة أو معنى للزواج عند هذه القبيلة، وبات الرجل وسيلة لإنجاب الأطفال لا أكثر.
ولا يوجد في هذا المجتمع الغريب أية ظاهرة من نوع الاغتصاب أو الدعارة أو التحرش الجنسي، فالمرأة هي التي تحدد العلاقة، وهي من تقوم بإنهائها أيضاً.
*لغتهم
يتكلم سكان قبيلة الموسو إحدى لهجات لغة ناشي وتدعى «دونغبا»، وهي لغة خاصة بأهل التبت، كما أنها اللغة الهيروغليفية الأخيرة في العالم، قامت الحكومة الصينية في أواخر ثمانينات القرن الماضي بإلغاء تعليمها للطلاب في المدارس. إذ لم يتمكن أي مراهق من قراءتها، كونها تتطلب نحو خمسة عشر عاماً من الدراسة لفهم كل رموزها البالغ عددها 1400، وبالتالي لا يوجد حالياً سوى ستين شخصاً في العالم لا يزالون يقرأون ويتكلمون لغة الدونغبا ومعظمهم في السبعينات من العمر.
*النساء ليسوا شقائق الرجال
المساواة بين الرجل والمرأة معدومة كلياً، فامرأة الموسو هي من تتولى شأن نفسها وشأن عائلتها فتقوم بممارسة شتى أنواع المهن وبالأخص الزراعة والحياكة. إذ تقوم بعض النساء خصوصاً من الأجيال الأكبر سناً باستخدام ألواح الغزل لإنتاج الملابس.
بينما يبقى الرجال في المنزل لمساعدة أمهاتهم، أو يعملون لصالح المرأة، ويتمتعون بالراحة، مع ذلك لا يخلو الأمر من بعض الأدوار الثانوية للرجال في مجتمعهم؛ فهم يقومون بصيد الأسماك وتربية الماشية وذبحها.
*والرجل لا يعترض!
يعبر رجال «الموسو» عن سعادتهم وفخرهم بحياتهم في هذا المجتمع، ويؤكدون أنهم سلموا القيادة للمرأة لا لتفوقها الجسدي، بل لتقدير أصيل وعميق لخصائصها الإنسانية، وقواها الروحية، وقدراتها الخالقة، وإيقاع جسدها المتوافق مع إيقاع الطبيعة.
فإضافة إلى عجائب جسدها الذي بدا للإنسان القديم مرتبطاً بالقدرة الإلهية، كانت بشفافية روحها أقدر على التوسط بين عالم البشر وعالم الآلهة. لذلك فهم يحترمون القوانين التي سنها مجتمعهم، ولا توجد لديهم أية نية للتمرد أو تغيير قوانين حكم القبيلة. وهو الأمر نفسه الذي تشاركهم فيه الحكومة الصينية؛ حيث أعربت في كثير من المرات عن عدم رغبتها في التدخل لتغيير قوانين هذا المجتمع.
* عادات وتقاليد غريبة
* الموسو ليسوا كبقية أهل الصين فأكل الكلاب من المحرمات لديهم، فالكلب عضو مهم في الأسرة ويعامل وكأنه فرد من أفرادها.
* الزواج شيء مخالف لتقاليد القبيلة، فلا زواج أو أي رباط مقدس يربط بين امرأة ورجل هناك.
* الرجل يولي اهتمامه لبنات أخواته وأمه وخالاته ولا يعرف شيئاً عن أبنائه.
* عند الموت يوضع الميت بوضعية الجنين ظناً منهم بأنه سيولد من جديد، ومن ثم يتم إشعال النار في الجثة، مع وضع كل ممتلكات الشخص المتوفى في النار وحرقها.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.