البنوك السودانية تستعد لاستقبال التحويلات المالية رغم استمرار الحصار

البنوك السودانية تستعد لاستقبال التحويلات المالية رغم استمرار الحصار
TT

البنوك السودانية تستعد لاستقبال التحويلات المالية رغم استمرار الحصار

البنوك السودانية تستعد لاستقبال التحويلات المالية رغم استمرار الحصار

في وقت تستعد فيه البنوك السودانية لتنفيذ عمليات مصرفية عالمية بالعملات الدولية خلال أبريل (نيسان) الحالي، ولأول مرة منذ فرض حظر أميركي على التحويلات المصرفية قبل 20 عاماً، ما زالت هناك تعقيدات تواجه التطبيق الفعلي لرفع الحظر، حيث لم تتلقَ بنوك كبرى في الخرطوم حتى أول من أمس إشعاراً يفيد بالسماح بانسياب التحويلات من وإلى السودان بالدولار.
وما يزيد المخاوف أنه رغم ما أعلنته وزارة الخارجية الأسبوع الماضي عن بدء المعاملات التجارية بالدولار مع البنوك الأميركية، وقيام وزارتي المالية وبنك السودان المركزي باتخاذ إجراءات مطلوبة لمثل هذه المعاملات، فإن هناك تأكيدات أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» عاملون في مصارف سودانية أمس وأول من أمس، تفيد بأن بنوكهم لم تتلق إشعاراً من البنك المركزي، وأنهم يجرون معاملاتهم المالية وفقاً لآليات خاصة بكل بنك.
ورغم المخاوف من عدم الالتزام الأميركي بموعد تطبيق رفع الحظر على التحويلات المصرفية للخرطوم أول أبريل اليوم (السبت)، وهو التاريخ الذي حددته وزارة الخارجية السودانية بداية للتعامل مع المصارف في الولايات المتحدة وبقية دول العالم وانطلاق انسياب التحويلات والتعاملات المصرفية، فإن مصادر «الشرق الأوسط» أعربت عن قلقها تجاه تعامل بنك السودان المركزي مع البنوك التجارية في البلاد، والبالغ عددها نحو 40 بنكاً وطنياً ومحلياً وأجنبياً، حول هذا الأمر، مما سيزيد الأمر تعقيداً، إذ لم يُبلَغ حتى اليوم عدد كبير من المصارف بما سيتم في الأول من أبريل، وهو الموعد الذي أعلن عن طريق وزارة الخارجية السودانية.
وبينت مصادر بنكية أنهم لم يتلقوا حتى الثلاثين من مارس (آذار) الماضي أي منشور أو قرار من بنك السودان بخصوص موعد الأول من أبريل، كما لم تصل إلى عدد كبير من البنوك أي رسالة بهذا المعنى من المراسلين في الخارج.
وأضافت المصادر أن هناك بنكاً خليجياً معروفاً يمثل وسيطاً للبنوك في السودان، وفي حالة تعثره في عملية مصرفية دولية يكون السودان طرفاً فيها، فتتمم الاستعانة بالصرافات الخارجية، خصوصاً العمليات البنكية التي تتم في اتجاه الولايات المتحدة ودول أوروبا والصين وروسيا والهند، التي تستخدم فيها عملات عالمية متنوعة.
وأوضحت المصادر أن بعض البنوك السودانية (لا يقل عددها عن 16 مصرفاً سنوياً)، لا تكترث كثيراً لقرار رفع الحظر على التحويلات البنكية بالعملات الحرة من الخارج، حيث لديها طرق وأساليب خاصة لتجاوز هذا الحصار تعمل بها منذ أكثر من عامين، وهذه الطرق تختلف من بنك لآخر، مشيراً إلى أن بنكهم مثلاً و15 بنكاً سودانياً آخر، ليست لديهم مشكلة في التحويلات نهائياً، بسبب توقيعهم عقوداً مع بعض الصرافات في الخارج تقوم بالتحويل نيابة عن البنك.
من جهته، أشار خبير مصرفي سوداني لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المشكلة ليست في التحويلات من وإلى أميركا، بل من الدول العربية التي لا تتم فيها التحويلات للسودان إلا باستثناءات أو طرق خاصة، يضاف إلى ذلك أن شهر يوليو (تموز) لم يأتِ بعد، وهو الزمن المحدد للرفع الكلي للعقوبات، لكنّ هناك تحسناً حدث قبل حلول انتهاء المدة المقررة، كما ذكر الخبير المصرفي، الذي دعا إلى التريث وعدم الاستعجال، إذ إن تاريخ رفع الحظر على التحويلات المصرفية بالعملات الحرة، لم يمضِ عليه سوى أقل من 80 يوماً، بينما الحظر فاق 20 عاماً. وكانت بنوك مصرية وسودانية وعالمية في مصر، أعلنت الأسبوع الماضي أنها لم تتلقَ ما يفيد برفع الحظر على التحويلات البنكية للسودان.
وأكد مسؤولو نقد أجنبي في هذه البنوك، لـ«الشرق الأوسط»، أن بنوكهم لم يبلغها البنك المركزي المصري رسمياً، بأن يسمحوا بتحويل مبالغ مالية بالعملات الصعبة خصوصاً الدولار، إلى السودان، لكنهم مستعدون للتعامل المصرفي مع الخرطوم، عندما يتم إبلاغهم برفع الحظر على تحويل الأموال أو أي معاملات مصرفية أخرى.
وأكدت مصادر مطلعة أن البنوك الممانعة التي ترفض الأمر تعتقد أن رفع الحظر الآن جزئي، وسيصبح كاملاً في يوليو المقبل، وهو التاريخ الذي حددته الولايات المتحدة فعلياً للرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة منذ عام 1979، فيما اعتبرت مصارف عالمية أخري أن الحظر تم رفعه منذ إعلان القرار في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكان من المقرر أن تحسم الحكومة السودانية الجدل حول موعد تطبيق رفع الحظر على التحويلات المصرفية للخرطوم بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان في السابع عشر من يناير الماضي، حيث أعلنت الخميس الماضي، أن بداية أبريل الحالي هو موعد بدء التعامل مع المصارف في الولايات المتحدة وبقية دول العالم.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور حازم عبد القادر محافظ بنك السودان المركزي قام بجولة عالمية انتهت بالسعودية منتصف مارس الماضي للتنوير بالإجراءات الجديدة للتعامل مع المصارف السودانية عقب رفع الحظر الاقتصادي الأميركي على بلاده، معلناً خطة جديدة لتهيئة البيئة المصرفية لاستيعاب حركة التعاملات المالية الدولية المتوقعة.
وتوقع محافظ بنك السودان المركزي تدفقات مالية وفتح أسواق جديدة وزيادة التعاملات التجارية بين السودان والدول الأخرى خلال الفترة المقبلة، بجانب زيادة عدد المستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار وإطلاق مشاريع بالبلاد، والتعرف على حقيقة الأوضاع الاقتصادية والفرص الاستثمارية المتاحة، معرباً عن أمله في أن يكون القطاع المصرفي العربي طريق السودان للاندماج في القطاع المصرفي العالمي.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.