حصار «دواعش» سيناء

بعضهم فرَّ من رفح والشيخ زويّد إلى العريش

قوات من الجيش المصري أثناء مداهمة أوكار المتطرفين في جبل الحلال جنوب العريش
قوات من الجيش المصري أثناء مداهمة أوكار المتطرفين في جبل الحلال جنوب العريش
TT

حصار «دواعش» سيناء

قوات من الجيش المصري أثناء مداهمة أوكار المتطرفين في جبل الحلال جنوب العريش
قوات من الجيش المصري أثناء مداهمة أوكار المتطرفين في جبل الحلال جنوب العريش

بَعدَ نحو 3 سنواتٍ من محاولاتٍ محمومة لتأسيس «إمارةٍ» إسلامية في المنطقة الواقعة بين الحدود المصرية مع قطاع غزة، ومشارف مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، فشلَ المتطرفون في مُهمتهم. إذ تبعثرَ معظمهم تحت ضربات السلطات الأمنية المصرية. وفي حين فرَّ عدة مئات منهم إلى سوريا والعراق وليبيا، لجأ مئات آخرون إلى التحصّن في منطقة جبل الحَلال الوعرة، الواقعة على بُعدِ نحو 80 كيلومتراً إلى الجنوب من العريش.
هذا اللجوء، بالطبع، لم يبعث على الطمأنينة. وبناءً عليه، قرَّرت قوات الجيش التَّوجه إلى هذا الجبل المرتفع والواسع والوعر، خلال الشهور القليلة الماضية، لاستئناف العمل من أجل اجتثاث المسلحين من هناك. عملية صعبة من البحث. جَرتْ في سياقها مطاردة العناصر المتطرفة من كهف إلى كهف، ومن منحدر إلى منحدر، دمَّر الجنودُ المُتحمِّسون خلالها آليات وصادروا معدات مخصصة لأعمال إرهابية. وأخيراً وقع ما لم يكن في الحسبان. لقد انضمَت فلول المتشددين الفارِّين من المناطق الواقعة إلى الشرق من العريش وإلى جنوبها، أي من مدينتي رفح والشيخ زويّد وجبل الحَلال، إلى زملائهم داخل قلب المدينة. وعليه، ازدادتْ الأعمال البشعة داخل عاصمة المحافظة على يد التنظيم الذي يُعد فرعاً من فروع تنظيم داعش في المنطقة، إذ شن حملة لإثارة الرعب قتلَ خلالها مواطنين في البيوت وفي الشوارع، من بينهم مسيحيون. وفجَّر أبنية خاصة، بالديناميت، في وضح النهار.
تفيد تقارير أمنية، اطلعت «الشرق الأوسط» على جانب منها، بتعاون المتطرفين في شبه جزيرة سيناء المصرية، ومؤازرة بعضهم بعضاً بالأموال والسلاح عبر دول بالمنطقة. ومن بين هؤلاء مصريون كانوا يحاربون السلطات في سيناء تحت اسم «أنصار بيت المقدس» قبل تأسيسهم مراكز تدريب ودعم في معسكرات بكل من سوريا وليبيا. ويفيد سلامة سالم، النائب في البرلمان المصري عن شمال سيناء، «الشرق الأوسط» في لقاء معه، بأن «ما يحدث في سيناء ليس بمعزل عما يجري في العالم العربي». ويعتقد نواب آخرون أن «دواعش» يسعون من وراء البحر لتقديم العون للمتطرفين في العريش.
وفي منتدى في وسط القاهرة، كان عدد من نواب البرلمان يتابعون عبر شاشة التلفزيون تأكيدات الملوك والزعماء العرب، أثناء أعمال القمة العربية المنعقدة في الأردن، على ضرورة مكافحة الإرهاب بالمنطقة. وعلّق أحد النواب قائلاً: «الدول الكبرى تُساعد في محاربة (داعش) في العراق وسوريا وليبيا، لكنَّ مصر لم تتلق تعاوناً يُذكر... قتلَ الإرهابيون جنودنا ومواطنينا في سيناء، بينما العالم يكتَفي بالمشاهدة».
ومن جانبه، صرح رَحْمِي عبد ربه، النائبُ في البرلمان، عن محافظة شمال سيناء لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «يبدو أنَّه يُوجد دعمٌ خارجي كبيرٌ لتأجيج موضوع الإرهاب في سَيناء، وهو أمرٌ مؤكد بالنسبة لنا. إلا أن الأمور ستكون تحت السيطرة في النهاية، لأن القوات المسلحة لها دور كبير. وتسعى لبسط الأمن والاستقرار في سيناء، ثُمَّ تبدأ عملية التنمية التي ينتظرها الجميع».

كلمة السيسي في القمة
خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إنَّه «على مدار السنوات الماضية، تركَّزت التحديات الجديدة التي عصفت بوطننا العربي في انتشار الإرهاب وتزايد خطورته، وفي إضعاف كيان الدَّولة الوطنية». وأضاف أن مواجهة الإرهاب «ليستْ بالأمر الهين، فَهُو كالمرض الخبيث يتغلغلُ في نسيج الدول والمجتمعات ويتخفى بجبن وخسَّة، لذلك فإن مواجهته يجب أن تكون شاملة».
وبالفعل، يعتقدُ كثيرٌ من المصريين أنَّ الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترمب، يُمْكِن أن تكون أكثر ميلاً لتعضيد السُّلطات في حربها ضد المتشددين، خصوصاً في سيناء، بعكس إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، التي لم تكُن على وفاق مع السيسي، وعرقلتْ لفترةٍ طويلةٍ تسليم مصر 10 هليكوبترات عسكرية كانت في حاجة ماسَّة إليها لمطاردة الإرهابيين في صحراء سيناء الشاسعة.
مع هذا، ورَغم كُلِّ شيء تمكنتْ القوات المصرية، طوال السنوات الثلاثة الأخيرة، من شَنِّ حملة كبيرة لبسط الأمن، فأغلقتْ أكثر من 95 في المائة من الأنفاق الواصلة بين سيناء وغزة، وتمركزتْ الدَّبابات والمُعدات العسكرية الثقيلة في رفح والشيخ زويّد والعريش، بينما كانت الطائرات تقصفُ من الجو سيارات المتطرفين في الوديان. ثم دخلت القوات، بعد طول ترقب، إلى جبل الحَلال. وقُتل خلال معارك السنوات الأخيرة مئات من الجنود والمدنيين. وهَجَرَ السكان معظم البلدات والقرى الواقعة قرب الشريط الحدودي مع غزة.
في المقابل، يَخْشَى أهالي العريش اليوم من سطوة المسلحين. ويقول أحمد الظَّمْلُوط، ‎رئيس مجلس الإدارة لمؤسسة سيناء للتنمية الاقتصادية، في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه «توجد مخاوف من أنْ تنتقل تجربة الحرب التي كانت محصورة في رفح والشيخ زويّد إلى داخل العريش التي يقطنها نحو مائة ألف نسمة».

البعد الاقتصادي المعيشي
وأوضح قيادي محلي، بدوره، أنَّ «معظم عمليات العَناصر التكفيرية، في رفح والشيخ زويّد، أصبحت تدور خارج هاتين المدينتين الصغيرتين، أي في المناطق المحيطة بهما... منها قرى أبو رفاعي والجُورة والمَهْدِية والظهير وأبو العَرَاج والعكُور». وأردف: «بعض هؤلاء السكان رحلوا إلى العريش وإلى مُدنٍ مصرية أخرى، بعدما فقدوا المزارع التي تعدّ مصدر الدَّخل لهم. كانت المزرعةُ تدرُّ أرباحاً تبلغ في المتوسط نحو 500 ألف جنيه في السنة، واليوم كل هذا انتهى ولم تعد تعطي ولا جنيهاً واحداً».
أيضاً، تضرّر كثير من المرافق في بلدات وقرى شرق العريش، بما فيها المدارس جراء القذائف الطائشة. وهدّد المتطرفون معلمات المدارس اللائي يأتين من العريش للتدريس في رفح والشيخ زويّد بالقتل ما لم يمتثلن لتعليماتهم. ووفق القيادي المحلي: «الدراسة، في الوقت الراهن، غير منتظمة. الأولاد يدرسون في بعض أحواش البيوت. والكهرباء مقطوعة منذ أيام، بعد استهداف الكابل 66 المُغذِّي للشيخ زويّد ورفح وحتى رفح فلسطين».
وفِي العريش، يقول أحد وجهاء المدينة، شاكياً: «الناس تترك بيوتها في مناطق شاطئ البحر، لأن المتطرفين عادةً ما يضعون فيها عبوات ناسفة لاستهداف القوات... بعض السُّكان هنا، أي في شارع البحر وفي ضاحيتي الفواخرية والقاهرة، اضطروا لترك بيوتهم».

تصرفات المتطرفين
ويُعتقد أن عدد المتطرفين الذين يحملون السلاح، ويتمركزون في الوقت الراهن داخل العريش، يتراوح بين 200 إلى 300 عنصر، وهو أقل مما كان عليه قبل 3 سنوات، لكنَّ هذه المجموعة تتميز - على ما يبدو - بالقدرة على التوغل والانتشار والتخفي أيضاً، داخل أزقة المدينة وشوارعها. وكما يقول تاجر في المدينة: «فجأة يقتحم البيت 3 مسلحين أو 4 ويمكثون ساعة أو ساعتين داخل البيت، يهددون ويتوعدون، ويفعلون ما يحلو لهم، ثم يختفون».
ومِن المُلاحظ أنَّ غالبية السيارات المستخدمة في تنقلات العناصر التكفيرية داخل العريش، حالياً، سيارات صغيرة وخفيفة وسَريعة الحركة، كورية الصنع، بينما ما زالت كثير من القوات الأمنية تعتمد على آليات ثقيلة من تلك التي كانت تحارب بها المتطرفين أنفسهم في الصحراء المجاورة. ومنذ نحو أسبوع جاءتْ سيارةٌ كورية، ووقفتْ أمام عمارة في شارع أَسيُوط، بغرب العريش، ونزلَ منها 4 مسلَّحين، أمروا فوراً بإخلاء العمارة المكوّنة من 3 طوابق. كانَ عدد السكان نحو 20 فرداً. ثم بادرت المجموعة إلى تلغيم المبنى وتفجيره، وانصرفتْ. ووفق رواية شاهد عيان، «استغرق الأمر نحو ساعة... دخلوا وجمعوا الهواتف من السكان، ثم مدوا سلكاً طويلاً وأوصلوه بمتفجرات ونسفوا العمارة. السبب يرجع إلى اشتباه الإرهابيين في استخدام السلطات لسطح المبنى في بعض الأحيان لمراقبة المنطقة».
ثم هُناك أعمال تَصفيات جَسَدية وقعت أكثر من مرة داخل العريش على أيدي متطرفين. إنهم يقومون بعلمية تستغرق نحو 5 دقائق، ثم يختفون. وأدت مثل هذه الأعمال المروّعة إلى عرض كثير من العقارات للبيع في محاولة من ملاكها للنجاة بأنفسهم والإقامة في مدن أخرى. وهنا يشير الظَّمْلُوط إلى أنه «انخفض السعر إلى أكثر من نصف ثمنه الحقيقي في المناطق الملتهبة بالعريش. عمارة من 3 طوابق تشطيب فاخر كان سعرها لا يقل عن مليون ونصف المليون جنيه، أصبحت قيمتها لا تزيد على نحو 450 ألف جنيه». أما أَشرف أيُّوب، القيادِي في الحَركة الاشتراكية، والمُنسق الإعلامي للجنة الشعبية لشمال سيناء، فيشرح: «بغضّ النظر عن التفاصيل، كل المؤشرات هُنا تقول اتركوا العريش وارحلوا. لقد تم تهجير عدد كبير من المسيحيين من سيناء، وفي الوقت الراهن، تجري محاولات لِدفع ذوي الأصول الصعيدية للهجرة إلى محافظاتهم (في جنوب القاهرة)».

حركة معقدة
من جهة ثانية، وفقاً لمصدر أمني، فإنَّ عَناصر «داعش» فِي العريش تتحركُ بطريقةٍ معقدة، وتسعى للحصولِ علَى مددٍ مِنَ الأموال والأسلحة من فروع التنظيم في سوريا وليبيا. وهي تقومُ في الوقت نفسه بتجنيد شبان جدد حليقي الوجوه ويرتدون الجينز، لكي تسهل حركتهم داخل مدينة محاطة بقوات الجيش والشرطة. ولقد ازداد عدد العمليات في العريش، خلال الفترة الأخيرة، ومن مظاهر ذلك عمليات خطف مواطنين من بيوتهم للاشتباه في أنهم يتعاونون مع السلطات. وفي غضون أقل من ساعة، تمكنت مجموعة من العناصر الداعشية من تحطيم عدة كاميرات مراقبة خاصة بكلٍ من المحال التجارية وتلك التابعة لأجهزة الأمن، والمربوطة بغرفة مراقبة للمدينة. ويتحدث صاحب متجر في ضاحية الزُّهور عن تجربته، فيقول: «طَلبتْ السلطات أن نضع - نحن أصحاب المحال - كاميرات مراقبة لتسجيل كل ما يجري في الشارع. وقامتْ الشرطة بوضع كاميرات خاصة بها في مناطق حيوية أخرى. لكنَّ هذا أثار غضب المتطرفين، وحطموا تلك الموجودة بجوار استراحة كبار الزوار القريبة من ديوان المحافظة». وفي اليوم التالي، جرى تحطيم كاميرات أخرى في شارع القاهرة التجاري بالعريش. ويضيف أحد الشهود العيان: «يدخلُ الإرهابيون إلى الدُّكان وينبهون على الناس عدم العودة لوضع كاميرات، ويصادرون القُرص الصلب الذي تخزن عليه عملية التصوير. مُعظم الكاميرات التي تم استهدافها، تقع في نطاق حي القاهرة، وحي الزهور، وشارع 26 يوليو». السلطات تطلق على المتطرفين هنا اسم «التَّكْفِيريون». ويبدو أنها تتبع خطة محكمة للقضاء على هذه العناصر بأقل قدر من الخسائر، حتى لو استغرق الأمر وقتاً أطول مما هو متوقع لدى الرأي العام ولدى أبناء سيناء. ويقول مقدّم في الشرطة: «مثل هذه التنظيمات لا تبالي بأرواح المواطنين. ولِهَذا ننفذُ عمليةً صعبةً لاصطياد العناصر التكفيرية دون وُقُوع ضحايا أبرياء». ولكن حياة بَعض أهالِي العريش، باتت في الفترة الأخيرة، لا تطاق. ويوجد شعور بأن الحربَ الحالية بين السلطات والمتطرفين ستؤدي في نهاية المطاف إلى نزوح السكان بعيداً عن ديارهم. وحقاً، ظهرتْ دعاوى ترفع شعار «لا للتهجير» و«لن نترك سيناء». وفي هذا الصدد يعلّق الظَّمْلُوط: «البعض يعتقد أن المستهدفين هم المسيحيون في سيناء، لكنني أقول لك إن المتطرفين يقتلون الجميع ويدمرون مزارع الأهالي، المصدر الرئيسي للدخل والحياة، ويجبرونهم على الرحيل».

الأمن... والمسيحيون
من جانب آخر، أثَّرت القبضة الأمنية الشديدة على الحياة اليومية للمُواطنين، ويوضح النائب عبد ربه أن الجيش والشرطة «يقومان بجهود كبيرة جداً في سبيل توفير الأمن والاستقرار... وبعض العمليات التي تحدُث من المتطرفين هي عمليات بسيطة للغاية»، متوقعاً أنَّ تغدو الأمور مُستَقرة في الأيام المقبلة، لكنه مع ذلك لديه شكوى، إذ إن «السلطات تضطر لاتخاذ إجراءات احترازية، مثلاً كثرة الكمائن في المدينة، أدت للسيطرة، إلا أنها أدت أيضاً لاختناق بعض الناس مِن المرور وغيره، لكن الظروف ستكون أفضل وستُفتح الشوارع». وفي سياق ما تقدم، تجول القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول صدقي صبحي، في شوارع العريش لبث الطمأنينة لدى المواطنين، وكان برفقته كبار القيادات الأمنية. وأكد أنه «لا تهاون في حماية أمن مصر القومي»، بيد أن قطاعاً من أبناء العريش لديهم مخاوف غير واضحة المعالم من المستقبل. ومن بين هؤلاء، أَشرف أيُّوب، الذي بسؤاله عن الأسباب التي تجعله يعتقد بوجود خطة لتهجير السكان، يجيب: «اسأل الحكومة، واسأل الذين تحاربهم... يوجد مخطط للتهجير، ولا نعرف من يقف وراءه وما هدفه».
ومعلوم، أنه جرى أخيراً تسلط الضوء من جانب وسائل الإعلام المحلية على عدة عشرات من المسيحيين الذين فروا من العريش في اتجاه مدينة الإسماعيلية على قناة السويس، بعدما تعمَّد المتطرفون الهجوم على بيوت عدد منهم في قلب العريش وقتلهم وحرق بعضهم والتمثيل بجثثهم. ويَعتقدُ الظَّمْلُوط، وقيادات محلية أخرى، أنَّ عدد أبناء سيناء، من المسلمين والمسيحيين، الذين قتلوا يبلغ المئات... «القذائف الطائشة كان لها دور كبير في القضاء على أسر بأكملها».
مع هذا، لا توجد إحصاءات رسمية عن عدد الضحايا المدنيين. ويقول سعيد، صاحب محل أدوات كهربائية في العريش: «من أين يأتي هؤلاء المتطرفون وإلى أين يذهبون؟ لا توجد إجابة واضحة. ثُمَّ كيف يتحركون بهذه الطريقة. لقد قاموا باختطاف لودر (غرّاف) من صاحبه في منطقة المَسَاعِيد... لم يعرف أحد أين ذهبوا به. مثل هذه الوقائع مخيفة. إذا كانت لديك القدرة على سرقة لودر بهذا الحجم والاختفاء به، فهذا يعني أنك قادر على القيام بأشياء أخرى مثل الاستيلاء على السيارات الخاصة وتهريب الأسلحة والمتفجرات وقتل الناس».
ويضيف قيادِي محلي في مدينة العريش: «بعض هؤلاء المتطرفين موجود داخل أماكن محيطة بوسط المدينة. هم جيل غير معلوم... بمعنى أنه ليس لدى معظمهم ملفات أَمْنِية سابقة. أعمار غالبيتهم تتراوح بين 18 سنة إلى 30 سنة. ويُعتقد أنَّ من بينهم أبناء لعائلاتٍ مِنَ العَريش ويصعب تمييزهم كعناصر منضوية في تنظيمات إرهابية... حتى أسرهم لا تعلم أنهم يعملون ضدَّ السلطات. فهم يرتدون الجينز وحليقو الذقن. وليس لهم تاريخ سياسي أو ديني. أما القيادات المعروفة منهم فلا تظهر كثيراً وتلجأ للاختباء».

تقييم السلطة للوضع
في هذه الأثناء، يبدو أن مصر حريصة على التَّخلص سريعاً من تبعات ما يُعرف بـ«ثورات الربيع العربي» التي ضربتْ المنطقة منذ عام 2011. إذ قال مُدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع المصري، اللواء أركان حرب محمد فرج الشَّحات، في ندوة تثقيفية حول الموضوع عقدت في الشهر الماضي، إنَّه «رغم الظروف التي تمر بها المنطقة، تمكنت مصر من تحقيق نجاحات في مجال مُكافحة الإرهاب»، وشدد على حرص القوات المسلحة على محاربة الإرهاب مع الحفاظ على أرواح الأبرياء من أهالي سيناء.
وبالفعل، تَراجعَ عدد العَناصر «التكفيرية» إلى حدٍّ كبير، ولم يعُد بالإمكان استخدام المساجد في التحريض ضد الدولة، كما كان الحال في السابق. ووفق مسؤول محلي: «حالياً يلجأ فلول المتطرفين إلى إلقاء الدروس في المنازل لاستقطاب الشبان الجدد... إنهم يعقدون جلسات خاصة وسرية. ويستقطبون نوعاً معيناً من الشباب من مراحل عمرية صغيرة، بحيث يسهل تشكيلهم»، مشيراً إلى أن الدعم يصل للإرهابيين أيضاً من مناطق هشة كليبيا وسوريا، عبر الحدود البرية والموانئ البحرية.



شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.