الرد على اغتيال الفقهاء يحدد مصير الحرب المقبلة في غزة

السنوار يحمل ابن الفقهاء على كتفيه خلال حفل تأبين في غزة الاثنين الماضي (رويترز)
السنوار يحمل ابن الفقهاء على كتفيه خلال حفل تأبين في غزة الاثنين الماضي (رويترز)
TT

الرد على اغتيال الفقهاء يحدد مصير الحرب المقبلة في غزة

السنوار يحمل ابن الفقهاء على كتفيه خلال حفل تأبين في غزة الاثنين الماضي (رويترز)
السنوار يحمل ابن الفقهاء على كتفيه خلال حفل تأبين في غزة الاثنين الماضي (رويترز)

بعدما توعدت حركة «حماس» برد قوي على اغتيال أحد قادتها أخيراً، يتحدث خبراء عن احتمال حصول مواجهة جديدة بين الحركة والجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، لكن المسألة تكمن في معرفة نوعية الرد وزمانه.
واغتيل مازن الفقهاء على أيدي مجهولين بأربع رصاصات قرب منزله في مدينة غزة في 24 مارس (آذار). واتهمت «حماس» إسرائيل بتنفيذ العملية، وتوعدت «كتائب القسام»، الجناح العسكري للحركة، بالثأر. وكانت إسرائيل أفرجت عن الفقهاء ضمن صفقة تبادل في 2011. وأبعدته إلى غزة.
ويعني أي رد لـ«حماس» من غزة تعريض القطاع إلى تصعيد جديد، في وقت لم ينته بعد من تضميد آلام الحرب الأخيرة في 2014 التي خلفت فيه دماراً هائلاً وزادته بؤساً. وقد تعرض القطاع منذ سيطرة الحركة عليه قبل أكثر من عشر سنوات، إلى ثلاث حروب إسرائيلية. لذلك قد تلجأ «حماس» إلى التحرك انطلاقاً من الضفة الغربية.
ويرجح الخبير في شؤون الفصائل الفلسطينية حمزة أبو شنب أن تسعى «حماس» إلى «استهداف عسكري ينطلق من الضفة الغربية إلى داخل أراضي 1948 المحتلة، كونها ساحات مفتوحة للمعركة». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، إن هذا الفعل «سيجنب» غزة المواجهة. لكن إذا خرج الرد عن هذا الإطار، فإن الوضع «سيتدحرج إلى تصعيد أو حرب، رغم أن حماس وإسرائيل لا تريدان حرباً».
غير أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة يؤكد أن «الأمور تتجه نحو مزيد من التصعيد، وانطلاق رد حماس المتوقع من الضفة أو حصوله في الخارج لن يمنع حدوث مواجهة عسكرية وحرب في غزة».
ورفضت إسرائيل التعليق رسمياً على مقتل الفقهاء الذي تتهمه بأنه العقل المدبر لعدد من العمليات الانتحارية خلال الانتفاضة الثانية مطلع العقد الماضي.
وبحسب مسؤول في «حماس»، فإن الحركة «لن تكون انفعالية» في تعاملها مع تداعيات الاغتيال، لكنها «ترفض بقوة أي تغيير في قواعد اللعبة: كل عدوان إسرائيلي سيواجه برد بالمثل سواء مباشر أو غير مباشر».
ووضعت «القسام» لافتة ضخمة على طريق صلاح الدين الرئيسي في وسط القطاع كتب عليها «الجزاء من جنس العمل»، بجانب صورة للفقهاء وهو يحمل مسدساً، ولافتة أخرى عليها صورة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل كتب عليها بالعربية والعبرية والإنجليزية: «قبلنا التحدي».
واعتبر مشعل في كلمة عبر الفيديو ألقاها خلال مهرجان تأبين للفقهاء في غزة الاثنين الماضي، الاغتيال «تحدياً كبيراً ودَيناً في أعناقنا يضاف إلى ديون سابقة». وقال: «إذا كان العدو يغيّر قواعد الصراع، فإن قيادة الحركة بكل مكوّناتها العسكرية والسياسية قبلت التحدي مع الاحتلال، والجواب ما سيرى الاحتلال، لا ما سيسمع».
إلا أن أبو شنب يلفت إلى أن الفكر العسكري للحركة «تطور كثيراً، وباتت تدرك أن أي معركة يجب ألا تبنى على ردود الفعل أو العواطف، لا سيما أنها تعتبر نفسها في مواجهة مفتوحة مع الاحتلال».
ويعتقد أبو سعدة أن «نموذج (حزب الله) في الرد على إسرائيل سيكون حاضراً في رد حماس»، مضيفاً أن الرد سيتمثل في «عمل عسكري في الوقت المناسب والمكان المناسب، وليس كما حصل رداً على اغتيال أحمد الجعبري» القائد العسكري للحركة في 2012.
وأدى مقتل الجعبري بغارة إسرائيلية على مدينة غزة إلى اندلاع حرب، إذ ردت «حماس» بإطلاق عشرات الصواريخ على المدن الإسرائيلية. وسبق لإسرائيل أن استهدفت قياديين آخرين في «حماس»، أبرزهم مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، إضافة إلى يحيى عياش وعبد العزيز الرنتيسي.
وغالبا ما ترد «حماس» على الهجمات التي تستهدفها بإطلاق قذائف أو صواريخ على البلدات الإسرائيلية. لكنها هذه المرة تتريث، ما يثير قلق إسرائيل، بحسب المحلل مصطفى صواف الذي يقول: إن الحركة «تركت الأمور في منتهى الغموض والحيرة للعدو كي لا يفهم ماذا تريد حماس وكيف يمكن أن تنفذ ردها». ويتحدث عن احتمال عودة «حماس» إلى أسلوب العمليات الانتحارية أو اغتيال شخصية عسكرية أو سياسية إسرائيلية: «وهذه تساؤلات مشروعة للاحتلال».
في الجانب الإسرائيلي، يتحدث المحلل في صحيفة «معاريف» يوسي ميلمان عن «تغيير في النهج» إذا صح «الافتراض أن إسرائيل تقف وراء العملية». ويقول: «إذا نجحت إسرائيل بالفعل في اغتيال قادة أو خبراء في حماس من دون أن تترك بصمات، سواء في غزة أو في الخارج، فهذا يعني أن إسرائيل قررت اتخاذ نهج أكثر عدوانية».
ويرى أبو سعدة أن أسلوب إسرائيل «جديد قديم، لكنها المرة الأولى التي تضرب بهذه الطريقة في غزة، ساحة حماس القوية، وهذا ما صدم حماس». ويتوقع «مرحلة جديدة من المواجهة الاستخباراتية الهادئة وغير العلنية» بين الحركة وإسرائيل.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.