اختلطت الأوراق على جبهات ريف محافظة حماة الشمالي والغربي، بشمال غربي سوريا، مجددا. إذ استعاد النظام السوري عددا من المناطق التي خسرها في معاركه مع فصائل المعارضة المسلّحة خلال الأيام العشرة الماضية، إلا أن المعلومات لا تزال متضاربة حيال الحدود الجغرافية لكل من الطرفين. مع العلم أن فصائل المعارضة أقرّت بانتزاع قوات النظام وحلفائها السيطرة على عدد من القرى، لكنها ذكرت عبر مصدر عسكري، أن النظام «استعاد بعض المناطق التي خسرها وليس كلّها أو أغلبها»، وعزت السبب إلى استخدامه غاز السارين وغاز الكلور السامين، في قصفه المناطق المحررة، ما اضطر الثوار إلى الانسحاب منها.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن بأن قوات النظام «تمكنت من استعادة السيطرة على 75 في المائة من المناطق التي خسرتها في ريف حماة الشمالي». وتحدث عبد الرحمن عن «سيطرة قوات النظام على 16 قرية وبلدة كانت قد خسرتها». وأردف أنه «لم يبق مع الفصائل المقاتلة سوى خمس مناطق سيطرت عليها أخيرا، بينها بلدة صوران، التي كانت من أهم خطوط دفاع قوات الأسد بين محافظتي حماة وإدلب».
إلا أن قياديا ميدانيا في المعارضة قلل من أهمية ما وصفه بـ«اندفاعة النظام المعاكسة»، باعتبارها «اندفاعة مؤقتة». وقال لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه إن النظام «تمكن في الساعات الماضية من انتزاع السيطرة على بلدة أرزة وتلّة شيحة، وهما الأقرب إلى مطار حماة العسكري، بينما تدور اشتباكات ومعارك كرّ وفرّ على أطراف بلدة خطاب التي سيطر عليها بالنار، لكن الثوار يتصدّون لمحاولات تقدّمه على محاور متعددة». كذلك اعترف القيادي بسيطرة قوات الأسد على ثلاث قرى في الريف الغربي لحماة.
القيادي الذي فضّل عدم ذكر اسمه، عزا تقدّم النظام إلى «استخدامه غاز السارين السام في قصفه للمناطق التي كانت قد حررتها فصائل المعارضة أخيرا، واستعماله الأسلحة والقذائف المحرّمة دوليا». وتابع في حديثه أن النظام «لن يصمد طويلا في هذه المناطق، لأنه فور تراجع حدّة الغارات الجوية التي تشنّها الطائرات الروسية، سيعاود الثوار مهاجمتها وانتزاعها»، مشددا على أن «سلاح الجو الروسي لن يبقى في أجواء حماة طويلا، فهو ينفّذ حملة مكثفة ستتوقف بعد أيام، كما حصل في المعركة السابقة».
هذا، وكانت فصائل مقاتلة بينها «جيش النصر» و«جيش العزّة» و«جيش إدلب الحرّ» و«أجناد الشام» وغيرها، بدأت قبل عشرة أيام هجوما واسعا ضد مواقع قوات النظام وتمكنت من التقدم سريعا والسيطرة على مناطق واسعة، وأسفرت المعارك عن مقتل العشرات من الطرفين، إلا أن قوات النظام دفعت بتعزيزات كبيرة إلى المنطقة، وأطلقت حملة مضادة بدعم جوي كثيف من الطائرات الروسية. وللعلم، تكتسب محافظة حماة أهمية كبيرة، لكونها نقطة تقاطع مع خمس محافظات أخرى، وهي تفصل بين محافظة إدلب، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة و«هيئة تحرير الشام»، ومناطق سيطرة قوات النظام في شمال غربي سوريا. ولقد اتهم «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» بالفعل نظام الأسد باستخدام «غازات سامة» خلال القصف الجوي. ونقل «الائتلاف» في بيان له عن أطباء في حماة أن «الأعراض التي ظهرت على المصابين، تمثلت بالزّبَد والحدقات الدبوسية وضيق النفس وحرقة العينين وارتخاء الأعصاب».
وعودة إلى التطورات الميدانية، أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن قوات النظام سيطرت أمس على بلدة خطاب ورحبتها العسكرية وتلة الحميرات في ريف حماة الشمالي، بالإضافة إلى قريتي المجدل والشير في الريف الغربي، بعد اشتباكات مع فصائل المعارضة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. ونقل المكتب عن الناشط الإعلامي لؤي الحموي، قوله إن السيطرة «تمت بعد عشرات الغارات الروسية والنظامية ومئات قذائف المدفعية»، مؤكدا أن طائرات الهليكوبتر العسكرية ألقت «عدة براميل تحوي غاز الكلور السام على جبهات القتال، ما أدى إلى اختناق عدد من مقاتلي المعارضة، وأجبرهم على الانسحاب».
ووثّق «جيش النصر» الغارات التي تعرّضت لها مناطق المعارضة في ريف حماة خلال الساعات الـ24 الأخيرة. وقال إن «الطائرات الحربية شنّت 88 غارة على أرياف حماة الشمالي والشمالي الشرقي والشمالي الغربي، منها 45 غارة للطيران الروسي، كما شنت طائرات الأسد الحربية والمروحية 43 غارة منها غارتان بالصواريخ المحملة بالغازات السامة، من طائرة حربية (سوخوي 22) آتية من حمص على مدينة اللطامنة وأطرافها تسبّبتا بإصابة 40 شخصا بحالات تسمم واختناق». وأكد «جيش النصر» أن الغارات الجوية «توزّعت على اللطامنة وحلفايا وطيبة الإمام وصوران ومعردس وكفر زيتا وخطاب وكفر نبودة وخربة الحجامة والمصاصنة ولحايا وتل بزام ومنطقة الأزوار».
النظام استعاد مناطق خسرها في حماة... والمعارضة تعتبرها «اندفاعة مؤقتة»
الفصائل السورية تعترف بانسحابها من بعض القرى لقصفها بالغازات السامة
النظام استعاد مناطق خسرها في حماة... والمعارضة تعتبرها «اندفاعة مؤقتة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة