قتلى وجرحى بمواجهات عنيفة بين القبائل والميليشيات شرق صنعاء

قتلى وجرحى بمواجهات عنيفة بين القبائل والميليشيات شرق صنعاء
TT

قتلى وجرحى بمواجهات عنيفة بين القبائل والميليشيات شرق صنعاء

قتلى وجرحى بمواجهات عنيفة بين القبائل والميليشيات شرق صنعاء

لليوم الثاني على التوالي، شهدت الضاحية الشرقية للعاصمة اليمنية صنعاء أمس، مواجهات عنيفة بين ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية من جهة، ومسلحين من رجال القبائل من جهة أخرى، وذلك على خلفية محاولة الميليشيات البسط على أراضي المواطنين بالقوة المسلحة.
وقال سكان محليون - فضلوا عدم ذكر أسمائهم - لـ«الشرق الأوسط»، إن المواجهات اندلعت في منطقة صرف التابعة لمديرية بني حشيش التي تعد من أهم معاقل الميليشيات الانقلابية في صنعاء. وأكد شهود عيان أن المواجهات استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والخفيفة، في وقت قصفت فيه الميليشيات بالقذائف قرى المواطنين من جبل الطويل المطل على المنطقة.
وبحسب مصادر متطابقة، فقد قتل 5 من عناصر ميليشيات الحوثي وصالح، وتم أسر اثنين. بينما أصيب مسلح قبلي واحد في المواجهات و4 مواطنين في قصف الميليشيات. وأضاف شهود العيان أن الميليشيات دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة وأطقم عسكرية من الأمن المركزي (سابقا) وصلت إلى المنطقة. وهز دوي انفجارات عنيفة المنطقة والمناطق المجاورة لها، وفقا لما قاله السكان في منطقة الروضة القريبة من صرف.
وتأتي المواجهات في بني حشيش، على خلفية محاولة الميليشيات فرض سيطرتها على أراض في المنطقة، حسب المعلومات الواردة من المصادر، التي قالت إن الميليشيات استدعت مشايخ وأعيان قبليين من محيط صنعاء إلى المنطقة لاحتواء الصراع المسلح.
ووصف عبد الكريم ثعيل، عضو المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، ما حدث في صرف، بأنه «كانت مواجهة ومقاومة للصوص الانقلاب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «نحن في المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء نحذر ميليشيات الحوثي والمخلوع في كل المحافظات المحتلة من استمرار جرائمها البشعة ونهبها للممتلكات والأراضي سواء كانت ملكا للدولة أو للمواطنين». وأضاف محذرا: «من يشتري من الانقلابيين أي أراض أو ممتلكات أو يعمل معهم على غسل الأموال التي نهبوها». وأكد أن «الشرعية ستطبق العدالة بحق كل من أجرم ونهب وأوصل اليمن إلى هذه الحال».
ويقول مراقبون إن المواجهات في منطقة صرف لا تنفك عن طبيعة العلاقة التي باتت تربط طرفي الانقلابي وسعي كل طرف منهما إلى تحقيق نصر على الآخر، وإن بصورة غير مباشرة، حيث برزت، مؤخرا، بوادر الصراع بين طرفي الانقلاب وموالين لهم وبشكل جلي منذ الخطاب الأخير للمخلوع صالح، الذي قال فيه إن الصراع والحرب هما بين جماعة الحوثي وحكومة الرئيس هادي.
ودارت خلال الأسابيع القليلة الماضية خلافات بين موالين للمخلوع وآخرين موالين للحوثي في غالبية المؤسسات الحكومية الانقلابية في صنعاء، وكان أبرزها الخلاف الذي دار في وزارة التعليم العالي، حيث اقتحم مسلحو الحوثي الوزارات في الحكومة الانقلابية التي يقودها وزراء محسوبون على المخلوع صالح واعتدوا عليهم بالضرب أمام الموظفين.
وتكشف حادثة صرف في بني حشيش، وجود نوع من التوتر بين القبائل التي تسمى حزام صنعاء، والميليشيات الانقلابية، خصوصا بعدما زجت الأخيرة بالآلاف من أبناء القبائل إلى جبهات القتال، ومعظمهم لم يعودوا من الجبهات إلا في توابيت.
ويأتي التوتر بين القبائل والميليشيات في صنعاء، مع اقتراب قوات الجيش الوطني التي ترابط في مديرية نهم على بعد نحو 25 كيلومترا شرق العاصمة. وكانت قوات الجيش أعلنت قبل أيام، أنها باتت تفرض سيطرة نارية على الطرق التي تربط مديرية نهم شرق صنعاء وبني حشيش، إضافة إلى إعلانها تنفيذ قصف مدفعي في قلب العاصمة صنعاء من مواقعها في جبال نهم.
وبحسب قوات الجيش الوطني، فقد باتت بالقرب من مديريتي أرحب وبني حشيش في صنعاء، وفي هذا الصدد يعتبر المراقبون أن اقتراب قوات الجيش الوطني سوف يحفز قبائل طوق صنعاء التي رضخت للميليشيات، خلال العامين الماضيين، للتحرك، خصوصا أن قيادات بارزة في الشرعية أعلنت أنها على اتصالات مكثفة مع شخصيات قبلية وقيادات عسكرية فيما كان يعرف بالحرس الجمهوري (الاحتياط حاليا)، ومعظم هذه القيادات ينتمي إلى مناطق الطوق في صنعاء.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.