العثماني يعلن تحالفاً سداسياً بمشاركة «الاتحاد الاشتراكي»

صدمة في أوساط «العدالة والتنمية»... والأحزاب تبدأ مشاورات اختيار مرشحيها

قادة التحالف الحكومي الجديد مع العثماني («الشرق الأوسط»)
قادة التحالف الحكومي الجديد مع العثماني («الشرق الأوسط»)
TT

العثماني يعلن تحالفاً سداسياً بمشاركة «الاتحاد الاشتراكي»

قادة التحالف الحكومي الجديد مع العثماني («الشرق الأوسط»)
قادة التحالف الحكومي الجديد مع العثماني («الشرق الأوسط»)

طوت الأحزاب المغربية أزمة تشكيل الحكومة التي أرخت بظلالها على البلاد منذ انتخابات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأعلن رئيس الحكومة المكلف سعد الدين العثماني توصله إلى اتفاق مع 5 أحزاب، لبناء تحالف حكومي مع حزبه «العدالة والتنمية»، ليقود البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة.
وجاء إعلان العثماني التشكيلة الحكومية الجديدة، ليلة أول من أمس، في مؤتمر صحافي، عقده في المقر المركزي لحزبه في الرباط، بحضور رؤساء أحزاب التحالف الجديد. وقال: «الحكومة ستضم إضافة إلى (العدالة والتنمية)، 125 نائبا: التجمع الوطني للأحرار (37)، والحركة الشعبية (27)، والاتحاد الدستوري (19)، والتقدم والاشتراكية (12)، والاتحاد الاشتراكي (20)»، مؤكدًا عزم مكونات التحالف على الإسراع بإخراج الحكومة الجديدة للوجود.
ويأتي تصريح العثماني ليؤكد ما نشرته «الشرق الأوسط»، أمس، حول مشاركة «الاتحاد الاشتراكي» في الحكومة الجديدة، على عكس رغبة «العدالة والتنمية» الذي ظل يرفض مشاركة الحزب اليساري في الحكومة خلال المشاورات التي قادها رئيس الوزراء السابق عبد الإله ابن كيران، قبل أن يسحب منه التكليف بعد أكثر من 5 أشهر من المشاورات.
وعدّ مراقبون مشاركة «الاتحاد الاشتراكي» في حكومة العثماني، بمثابة صفعة جديدة يتلقاها «العدالة والتنمية» بعد إعفاء ابن كيران؛ إذ أبدى قادة في الحزب غضبهم من قبول العثماني مشاركة «الاتحاد الاشتراكي» في الحكومة، وهاجموا في تدوينات على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي القرار ورئيس الحكومة الذي قبل الشروط التي رفضها ابن كيران.
غير أن مصادر في «العدالة والتنمية» أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب وأمانته العامة هما اللذين وافقا على مشاركة «الاتحاد الاشتراكي» في الحكومة، وأن الأمانة العامة منحت العثماني الضوء الأخضر للقبول بالأمر، مبرزة أن «السياسة لا يمكن أن تمارس من دون تنازلات»، وذلك في إقرار واضح من الحزب بالرضوخ لقرار إشراك «الاتحاد الاشتراكي» في الحكومة. وأشارت إلى أن رئيس الحكومة المكلف قال إن القرار «سيادي»، في معرض رده على تساؤلات بعض أعضاء لجنة ترشيح وزراء الحزب التي انعقدت السبت.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن أحزاب الائتلاف الحكومي انتدبت ممثلين لها في لجنة مشتركة ستعكف على إعداد برنامج الحكومة لعرضه على التصويت أمام غرفتي البرلمان المغربي؛ إذ يتوقع أن تلتئم اليوم في أول لقاءاتها لمباشرة مهمة إعداد البرنامج.
وأفادت مصادر مطلعة بأن العثماني دخل في المرحلة الأخيرة من المفاوضات لهندسة حكومته وتوزيع الحقائب على مختلف أحزاب التحالف، وسط تكتم شديد يفرضه على حلفائه تجنباً لأي تشويش يمكن أن يؤثر على سير المفاوضات. وقال مصدر قريب من المفاوضات إن كل ما ينشر حول توزيع الحقائب الوزارية بين الأحزاب «غير صحيح»، موضحاً أنه «لا شيء حسم في الموضوع» حتى مساء أمس.
وبخصوص تقليص عدد الوزراء في الحكومة الجديدة، قال وزير العدل والحريات القيادي في «العدالة والتنمية» مصطفى الرميد، في تصريح صحافي، على هامش إعلان تشكيل الغالبية الحكومية، إن التوجه العام «يسير نحو تقليص عدد الحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة، وسيكون أقل من 40». غير أن مراقبين يرون هذا التوجه «صعب التحقق»، بالنظر إلى عدد الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي التي بلغت 6 أحزاب بدل 4 كانت في الحكومة المنتهية ولايتها.
وشرعت الأحزاب المشكلة للغالبية الحكومية في عقد لقاءات هيئاتها التقريرية للحسم في لائحة أسماء وزرائها، ابتداء من أمس، وتقديم المقترحات لرئيس الحكومة الذي يرتقب أن يقدم مقترح تشكيلته الحكومية للديوان الملكي في غضون اليومين المقبلين، حسب مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط».
وكان «العدالة والتنمية» عقد السبت الماضي اجتماعًا لهيئة اقتراح مرشحي الحزب لعضوية الحكومة، واختار 30 اسماً ستبتّ في ترشيحهم الأمانة العامة للحزب وتقترح على العثماني 3 أسماء في كل منصب وزاري، يختار من بينها الاسم الذي سيتم توزيره.
وتشير المعطيات إلى أن لائحة المرشحين للوزارة باسم الحزب لم تأت بأي جديد؛ إذ تصدرها عدد من الوزراء السابقين في حكومة ابن كيران، من أبرزهم وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، ووزير التعليم العالي لحسن الداودي، ووزير النقل والتجهيز عزيز رباح، ووزيرة الأسرة والتضامن بسيمة الحقاوي، ووزير الميزانية إدريس الأزمي الإدريسي، ووزير الاتصال مصطفى الخلفي، إضافة إلى البرلمانية أمينة ماء العينين، وعمدة سلا مدير ديوان رئيس الحكومة المنتهية ولايته جامع المعتصم.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.