الإعلام الأميركي لا يخفي سعادته لفشل «ترمب كير» وبقاء «أوباما كير»

الصحف الأوروبية ركزت على هجوم لندن والتطورات في الموصل

الإعلام الأميركي لا يخفي سعادته لفشل «ترمب كير» وبقاء «أوباما كير»
TT

الإعلام الأميركي لا يخفي سعادته لفشل «ترمب كير» وبقاء «أوباما كير»

الإعلام الأميركي لا يخفي سعادته لفشل «ترمب كير» وبقاء «أوباما كير»

في الأسبوع الماضي، غطى سقوط «ترمب كير» (مشروع قانون الرعاية الأميركية)، ومواصلة اعتماد عشرات الملايين من الأميركيين على «أوباما كير» (قانون الرعاية الممكنة) على تعليقات الصحف وبقية الأجهزة الإعلامية الأميركية. ولم تخفِ كثير من هذه سعادتها لذلك.
قالت افتتاحية صحيفة «بوسطن غلوب»: «رغم ما حدث من انقسام وسط أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب، يقدر الحزب على طلب المغفرة. كانوا يريدون إيذاء عشرات الملايين من الأميركيين».
وقالت افتتاحية صحيفة «لوس أنجليس تايمز»: «ها هو الرئيس ترمب يكتشف بان العمل السياسي، وخصوصاً العمل التشريعي، معقد أكثر من العمل التجاري والاستثماري».
وقالت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست»: «أن ينذر الرئيس ترمب أعضاء حزبه في مجلس النواب بأنهم إذا لم يفعلوا كذا، سيفعل لهم كذا، أو سيفعل بهم كذا، يدل على عقلية بسيطة تبدو مثل عقلية مراهقة».
وقالت افتتاحية صحيفة «شيكاغو تربيون»: «لم يفشل مشروع قانون (ترمب كير) لأن الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري رفض التصويت له. فشل لأن الشعب الأميركي رفضه».
وقالت افتتاحية صحيفة «أورلاندو صن سينتينال«: «اليوم، وليس غداً، يجب أن يكون يوم احتفال دفن (ترمب كير)». وقالت افتتاحية صحيفة «تامبا باي»: «كانت خطة مريضة لوقف العلاج. فاز العلاج، وسقطت الخطة المريضة».
وهنأت افتتاحية صحيفة «كنساس سيتى ستار» الحزب الجمهوري لأنه لم ينجرف وراء «وعود ترمب الانتخابية الطائشة».
وتساءلت افتتاحية صحيفة «سان دييغو يونيون» عما سيحدث بعد سقوط «ترمب كير». وقالت: «ليتفق جمهوريون معتدلون مع الديمقراطيين لعلاج الأخطاء في (أوباما كير)».
اهتمت الصحف الأوروبية بملفات عدة منها ما يتعلق بالهجوم الذي وقع أمام مقر البرلمان في لندن وأيضا احتفال الاتحاد الأوروبي بمرور 60 عاما على تأسيسه إلى جانب تطورات الأوضاع في الموصل بالعراق، وأيضا ملف الانتخابات الرئاسية في فرنسا.
ونبدأ جولتنا مع الصحف الأوروبية من لندن ووسط انشغالها بمتابعة أصداء الهجوم الذي شهدته العاصمة البريطانية قبل أيام، وتنقيبها في سيرة المهاجم وتحولات حياته، والأسباب التي قادت إلى تطرفه، تناولت بعض الصحف البريطانية المعركة الجارية ضد تنظيم داعش في مدينة الموصل العراقية.
وحول ملف الهجوم في لندن، اهتمت معظم الصحف ومن بينها «صنداي تايمز» في التنقيب في حياة خالد مسعود منفذ الهجوم على مبنى البرلمان البريطاني وسط العاصمة البريطانية، ونقلت الصحيفة في تقرير نشرته في قلب صفحتها الأولى تأكيد الشرطة البريطانية على أنها تعتقد أن مسعود «كان ذئبا منفردا» عمل لوحده من دون تخطيط مباشر من تنظيم داعش.
لكنها تضيف أن محققي سكوتلاند يارد وجهاز الأمن البريطاني إم آي 5 ما زالوا يقيّمون هل أن مسعود تلقى «تشجيعا أو مساعدة» من مشاركين آخرين في بريطانيا، على الرغم من اعتقادهم أنه لم يكن ضمن خلية إسلامية متطرفة مثل تلك التي وقفت وراء هجمات باريس وبروكسل. ويشير التحقيق إلى أن مسعود وكان يحمل اسم أدريان راسل إلمز، ولد في يوم الكريسماس عام 1964 من أم بيضاء بعمر 17 عاما وغير متزوجة تدعى جانيت إلمز من منطقة كرويدن في جنوب لندن، ومن أب أسود لم يذكر اسمه في خانة الأب في بيان الولادة. وتزوجت جانيت من فيليب أجاو، وهو من أصول نيجيرية في عام 1966، حيث انتقلا للعيش معا في منطقة تاندربريدج ويلز.
أما الصحف البلجيكية فقد اهتمت بمحاولة دهس للمارة بسيارة مسرعة وقعت قبل أيام قليلة بالقرب من المير وهو أحد الشوارع التجارية في أنتويرب شمال البلاد، واعتقلت الشرطة منفذ الحادث الذي لم يسفر عن أي ضحايا.
وننتقل إلى باريس والصحف الفرنسية، كتبت عن احتفال الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في العام الستين لتأسيس الاتحاد، والأزمة الإنسانية في الموصل وما يمارسه تنظيم داعش بحق المدنيين، وأيضا عن اتهامات بالتجسس على الأتراك في سويسرا أعقبت اللقاء التركي سويسري في بيرن بين وزيري خارجية البلدين.
أوروبا التي تجدف بصعوبة تحتفل باتفاقية اتحادها في روما قبل ستين عاما عنونت صحيفة «ليبيراسيون». التي أشارت إلى أنه وعلى خلفية البريكست وأزمات أخرى متنوعة فإن الدول الأعضاء الـ27 يلتقون اليوم في الكابيتول بروما للاحتفال بالنص المؤسس للاتحاد والذي وقعته الدول الأعضاء في الخامس والعشرين من مارس (آذار) عام ألف وتسعمائة وسبعة وخمسين. الصحيفة كتبت أن هذا الاحتفال الرمزي يشير بكل المقاييس إلى بقاء الاتحاد وصموده تجاه كل العراقيل والصعوبات التي واجهته، لافتة في هذا إلى البريكست وإلى الآراء الأخرى التي تقف ضد استمرار الاتحاد.
في صحيفة «لو فيغارو» نقرأ عن استراتيجيات رقمية جديدة لمواجهة «داعش»، ونقرأ عن الاستخبارات العسكرية التي رأت فيها عصب الحرب ضد «داعش»، وكتبت صحيفة «ليبيراسيون» تحت صورة لمجموعة غفيرة من الهاربين من معارك الموصل وتوقفت باهتمام كبير عند الدروع البشرية التي تتخذها «داعش» في مواجهتها للقوات العراقية التي تواصل معركة تحرير الموصل، 400 ألف مدني محاصرين في قلب أحياء المدينة القديمة، لا يسمح لهم مقاتلو «داعش» بمغادرتها - ولهذه المدينة القديمة رمزيتها ففيها مسجد النوري، حيث ظهر فيه وللمرة الأولى والأخيرة أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش.
وفي «لوموند» فقد تحدثت عن اتهامات بالتجسس على الأتراك في سويسرا أعقبت اللقاء التركي السويسري في بيرن بين وزيري خارجية البلدين.
أيضا في «لوموند» لقاء مع الناطق باسم الداخلية السعودية الجنرال منصور التركي وخلال اللقاء أكد الجنرال أن المملكة هي واحدة من الأهداف الرئيسية للإرهاب منذ عام ألف وتسعمائة وتسعة وسبعين، وأن ستين في المائة من الاعتداءات كانت ضد قوات الأمن، مؤكداً على أن السلطات السعودية تعمل الكثير في إطار محاربة الإرهاب إن كان ذلك على المستوى الفكري الآيديولوجي أو المالي أو التعاون مع دول أخرى يستهدفها الإرهاب.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.