تواصلت الاجتماعات المغلقة في أروقة الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية المقرر عقدها الأربعاء المقبل لبحث كثير من الملفات السياسية والأمنية التي تتعلق بالإرهاب والأمن القومي، إضافة إلى العلاقات العربية إقليميا ودوليا. وتتصدر القضية الفلسطينية بنود جدول أعمالها، وجهود السلام والمبادرة العربية وأهمية تسويقها والتطورات الخطيرة في مدينة القدس.
وأعلن المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، محمود عفيفي، أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط سيقدم إلى القمة ثلاثة تقارير مهمة، يناقش أولها تطورات التعامل مع موضوعات الأولوية في العمل العربي المشترك خلال المرحلة الحالية وعلى رأسها تطورات القضية الفلسطينية، والتعامل مع الأزمات في كلٍ من سوريا وليبيا واليمن، وتدخلات الأطراف الإقليمية في الشؤون الداخلية للدول العربية، (إيران)، وصيانة الأمن الإقليمي العربي ومكافحة الإرهاب، وأبرز تطورات عمل أُطر التعاون العربي مع الأطراف الدولية الفاعلة كالتعاون العربي- الأفريقي والتعاون العربي- الأوروبي، والتفاعل مع المنظمات الدولية والإقليمية، في حين يتناول التقرير الثاني تطورات التعاون الاقتصادي والاجتماعي التنموي العربي المشترك بما يشمله ذلك من مخاطبة الجهود الرامية لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وإنشاء الاتحاد الجمركي العربي، وتحقيق الأمن الغذائي العربي، والتعاون في مجالات الأمن المائي والبيئة والطرق والمواصلات والتكنولوجيا، في حين يتعرض التقرير الثالث لموضوع إخلاء المنطقة العربية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، وهو التقرير الذي يشمل أيضاً عرض أبعاد التقرير الذي أعدته لجنة الحكماء التي سبق أن شكلها الأمين العام بهدف طرح مقترحات حول كيفية إعطاء دفعة للجهود العربية في مجال نزع السلاح.
ومن جانبه، قال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين في جامعة الدول العربية السفير سعيد أبو علي، إن القضية الفلسطينية بمختلف ملفاتها وأبعادها ستتصدر جدول أعمال اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب ثم أعمال القمة.
وأكد أن الوضع في غاية الخطورة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جراء السياسات والممارسات الإسرائيلية والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الاحتلال، إضافة إلى تسارع واتساع نطاق الاستيطان، حيث بات واضحا أن إسرائيل تستغل الصمت الدولي، للاستمرار في هذه الممارسات والسياسات والضرب بعرض الحائط بكل المرجعيات الدولية والقانون الدولي. وقال أبو علي: هناك سياسة إسرائيلية ثابتة تستهدف تهويد القدس، وتهجير أهلها الأصليين، وتغيير معالمها الديومغرافية، ومؤخرا تلقى عدد كبير من الأسر الفلسطينية إخطارات لهدم بيوتها، بالإضافة إلى التمدد الاستيطاني الإسرائيلي، واستهداف القدس، وبخاصة بعد المصادقة على قانون منع رفع الأذان في المساجد من قبل سلطات الاحتلال، مشددا على أن كل هذا يستدعي التفكير جديا بإيجاد آليات جديدة تضمن دعم أهالي القدس.
ومن جانبه، رأى حبيب الصدر السفير العراقي في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية أن القمة تتزامن مع بشائر الانتصار على عناصر «داعش» الإرهابية، ولذا نحتاج إلى الدعم والمساندة من أشقائنا العرب، وبخاصة فيما يتعلق بملف إعادة أعمار المناطق التي تم تدميرها وتهجير أهلها منها وإعادة ما يقرب من 3 ملايين نازح عراقي، تركوا بيوتهم، وهو ما يستدعي وقوف العرب جميعا إلى جانب العراق الذي يحارب الإرهاب نيابة عن العالم. وأشار إلى أن العراق في أشد الحاجة إلى دعم أشقائه العرب من خلال القمة العربية لإعادة إعمار المناطق التي دمرت بالكامل، وكذلك رؤية الأشقاء العرب في ملف التسوية الوطنية العراقية التي يقودها عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني العراقي، الذي يسعى مع كل القوى السياسية العراقية السنية والشيعية والكردية وكل الفصائل لإنهاء جميع الخلافات التي يستغلها البعض من أجل إحداث الفتنة بين أبناء العراق.
وانطلقت أمس أعمال مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، وبحثت الاجتماعات كثيرا من الملفات السياسية والدبلوماسية والأمنية في المنطقة، وإلى جانب القضية الفلسطينية شمل جدول الأعمال تطورات الأوضاع الأمنية الخطيرة في كل من سوريا وليبيا واليمن، إضافة إلى عدد من القضايا العربية والإقليمية المزمنة.
وبحث الاجتماع كذلك في كثير من البنود المدرجة على جدول أعماله، ومن ضمنها الإرهاب والأمن القومي العربي واللاجئين والتدخلات في شؤون المنطقة، فضلا عن العلاقات العربية إقليميا ودوليا وسبل تنميتها وتطويرها.
وفي كلمة له أمام الجلسة الافتتاحية، قال السفير ودادي ولد سيدي هيبة سفير موريتانيا لدى مصر ومندوبها الدائم بجامعة الدول العربية، الذي ترأست بلاده القمة العربية الـ27، إن مناسبة انعقاد اجتماعات المندوبين الدائمين للتحضير للقمة العربية الـ28 برئاسة الأردن تأتي وسط ظروف وتحديات تشهدها المنطقة العربية وتفرض علينا العمل من أجل تحقيق طموحات وتطلعات شعوبنا العربية المشروعة. واستعرض هيبة جهود بلاده في رئاسة الدورة الـ27 للقمة العربية، معتبرا أنها بذلت جهودا كبيرة من أجل تنفيذ قرارات هذه القمة، معربا عن أمله في استمرار التعاون البناء والمثمر من أجل البناء على ما تحقق من نجاحات في القمة السابعة والعشرين على صعيد دعم مسيرة العمل العربي المشترك.
ومن جانبه، أكد السفير علي العايد مندوب الأردن الذي تسلم الرئاسة من مندوب موريتانيا في كلمته، أن القمة التي تستضيفها الأردن تعقد في وقت بالغ الحساسية وتستدعي إيجاد آليات عمل لتحقيق أهداف تحقق للأمة الأمن والاستقرار. وقال العايد إن الأردن حريص على حماية المقدسات الدينية في مدينة القدس المحتلة، وبخاصة أن بلاده هي المسؤولة على الإشراف على المقدسات الدينية، وأنها تواصل تصديها للانتهاكات الإسرائيلية التي تستهدف «المقدسيين». وأكد دعم الحوار الليبي - الليبي ودعم الشرعية في الدولة اليمنية، والتأكيد أن المبادرة الخليجية هي السبيل للوصول إلى حل الأزمة.
وقال العايد إن «الإرهاب يشكل تهديدا للأمن القومي العربي والعالم بأسره ويقترف أكبر الجرائم الإنسانية باسم الدين الإسلامي الحنيف ونحن نعي أن الحرب على الإرهاب هي حربنا الأساسية للحفاظ على ديننا الحنيف». وقال العايد إن «الأردن سوف يستقبل قادة الأمة العربية وهم ينظرون بعين الرضا لتاريخهم العظيم والمفعم بالعطاء بعد أن سطروه بدمائهم للحفاظ على أوطانهم»، مشيرا إلى أن الأردن تمكن على مدار التاريخ وحتى عهد الملك عبد الله الثاني من النهوض والتطور «حتى أصبحنا واحة للأمن والاستقرار رغم قلة الموارد والإمكانيات». وأقر المندوبون الدائمون مشروع قرار يتعلق بالقضية الفلسطينية تمهيدًا لرفعه إلى قادة الدول العربية، تضمن تأكيد مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للأمة العربية، وتأكيد الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين، وإعادة التأكيد على دولة فلسطين بالسيادة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية وحدودها مع دول الجوار.
وأكد مشروع القرار تمسك الدول العربية والتزامها بمبادرة السلام العربية ومطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016 والإدانة الشديدة للسياسة الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية بمختلف مظاهرها على كامل أرض دولة فلسطين المحتلة عام 1967، وإدانة مشروع القرار الإسرائيلي لبناء جدار الفصل والضم العنصري داخل أرض فلسطين المحتلة عام 1967. واعتبار هذا الجدار شكلًا من أشكال الفصل العنصري.
من جهته، أكد الأمير خالد بن فيصل بن تركي بن عبد الله سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن أهمية تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات التي تفرضها الأحداث في المنطقة. وقال الأمير خالد بن فيصل إن «السعودية تحرص دائمًا على دفع الأشقاء العرب على التعاضد والتكاتف لمواجهة التحديات التي تمس حياة المواطن العربي أمنيًا وسياسيا ومعيشيًا»، مؤكدًا أن سياسة المملكة تعمل دائمًا على تحصين العلاقات العربية - السعودية من الاختراقات الخارجية التي تهدف إلى شق الصف العربي، وبناء مشروعها التوسعي على حساب مصالح العرب وكرامتهم.
ووصف اجتماع القمة بالمهم والاستثنائي؛ وذلك لأهمية القضايا المطروحة على أجندته مثل محاربة الإرهاب، والأوضاع المأساوية في سوريا، والتحديات السياسية والأمنية في العراق، منوهًا في ذات الوقت بأهمية الجامعة العربية والقرارات التي تصدر من قبلها، ومنها تشكيل قوة عربية تحت اسم «التحالف العربي» بقيادة السعودية، وتعمل حاليًا على تحرير اليمن من الميليشيات الانقلابية وعودة الحكومة الشرعية لها.
وحيال العلاقات السعودية العراقية وما تشهده في الوقت الراهن من تطورات إيجابية، أكد الأمير خالد بن فيصل أن هذا التوجه جاء بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالعمل مع الأشقاء لصالح البلدان والشعوب العربية، معبرًا عن تفاؤله بما ستشهده العلاقات الثنائية بين المملكة والعراق من تحسُّن وانفراج في الأيام المقبلة.
وأكَّد الأمير خالد بن فيصل أن السعودية بيت العرب الكبير، وأن قَدَرها بات احتضان جميع القضايا العربية بما يفيد الشعوب العربية أولًا، وبما يساعد حكومة المملكة على المحافظة على تعزيز الاستقرار والتنمية في الوطن العربي، مشددًا على أن استقرار الدول العربية من استقرار المملكة.
قمة «البحر الميت» تناقش التدخلات الخارجية وأبو الغيط يقدم 3 تقارير إجمالية
انطلاق اجتماعات على مستوى المندوبين الدائمين... والسعودية تصف القمة بالاستثنائية لأهمية القضايا المطروحة
قمة «البحر الميت» تناقش التدخلات الخارجية وأبو الغيط يقدم 3 تقارير إجمالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة