{التحالف} يدرب قوة من الشرطة لتولّي أمن الرقة بعد تحريرها

تسجيل حركة نزوح كبيرة باتجاه الحقول والأرياف الزراعية

أحد أفراد الدفاع المدني السوري يحاول إطفاء حريق في مدينة إدلب حيث قتل ما لا يقل عن 16 في قصف سجن بالمدينة الواقعة في شمال غربي سوريا وتعد معقلاً للمعارضة (أ.ف.ب)
أحد أفراد الدفاع المدني السوري يحاول إطفاء حريق في مدينة إدلب حيث قتل ما لا يقل عن 16 في قصف سجن بالمدينة الواقعة في شمال غربي سوريا وتعد معقلاً للمعارضة (أ.ف.ب)
TT

{التحالف} يدرب قوة من الشرطة لتولّي أمن الرقة بعد تحريرها

أحد أفراد الدفاع المدني السوري يحاول إطفاء حريق في مدينة إدلب حيث قتل ما لا يقل عن 16 في قصف سجن بالمدينة الواقعة في شمال غربي سوريا وتعد معقلاً للمعارضة (أ.ف.ب)
أحد أفراد الدفاع المدني السوري يحاول إطفاء حريق في مدينة إدلب حيث قتل ما لا يقل عن 16 في قصف سجن بالمدينة الواقعة في شمال غربي سوريا وتعد معقلاً للمعارضة (أ.ف.ب)

قال مسؤول كردي سوري إن التحالف الدولي بدأ منذ فترة تدريب قوة من الشرطة تضم أبناء مدينة الرقة وريف محافظتها لتولي الأمور الأمنية في المدينة بعد تحريرها من تنظيم داعش، لافتاً إلى أنها المرة الأولى التي يقوم فيها التحالف بمهمة مماثلة نظراً للتعقيدات المحيطة بملف الرقة.
وأوضح المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط» أن «التحضيرات على قدم وساق لتشكيل مجلس الرقة المدني وقوات الشرطة ومجالس بلدية استباقاً لعملية تحرير المدينة كي لا تدخل في الفوضى، نظراً إلى حساسية المنطقة جغرافياً، ولكون عدد كبير من عائلاتها زوجوا بناتهم للمهاجرين وقياديي (داعش) مما يعني تأثرهم إلى حد كبير بأفكار التنظيم».
بدورها، نقلت وكالة «رويترز» عن عواس علي، وهو مسؤول كردي من محافظة الرقة، أن مجلس المدينة الذي سيصبح عضواً فيه سيعلن عنه في أبريل (نيسان) المقبل، وسيضم شيوخاً من عشائر محلية وأشخاصاً يعيشون في الوقت الراهن في المدينة ستحدد هوياتهم عندما يكون من الأمن فعل ذلك. وقال علي إن مئات الأفراد يتلقون تدريباً بالفعل في عين عيسى، بشمال الرقة، للانضمام لقوة شرطة المدينة التي وصفها بأنها قوة مدنية بحتة دون أي دور شبه عسكري. وسيتألف المجلس المدني بالأساس من العرب بما يتناسب مع الطبيعة السكانية للرقة، لكنه سيضم أيضاً أكراداً وعناصر من مجموعات عرقية أخرى.
من جهة ثانية، يجري التدريب بمساعدة قوات أمن موالية لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (ذات الأغلبية الكردية) من منبج ومناطق أخرى في شمال سوريا وبمساعدة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وأكدت إلهام أحمد، من قيادات «مجلس سوريا الديمقراطية» وهو الذراع السياسية للميليشيا التي تشكل ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري وجود عمليات تدريب للشرطة في عين عيسى. وقالت: «بالنسبة لتجهيز المجلس المحلي لإدارة المدينة فالأمر مكتمل تقريباً»، وأضافت أنهم مستعدون لإدارة المدينة لحين تحريرها بالكامل.
في هذه الأثناء، ميدانياً، أفيد أمس بسيطرة ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» على بلدة الكرامة بريف الرقة الشرقي، في حين تستمر الاشتباكات مع «داعش» في المدخل الشمالي لسد الطبقة (سد الفرات). وأشار مركز إعلام الميليشيا إلى أن قوات «غضب الفرات» في مرحلتها الثالثة تمكنت من السيطرة على البلدة الواقعة شرق الرقة بنحو 20 كم، بعد معارك عنيفة استمرت لأيام، وذكرت أن الكرامة كانت إحدى أكبر معاقل «داعش» بريف الرقة الشرقي، وكان يشن منها هجماته نحو مناطق سيطرة الميليشيا الكردية. أما وكالة «آرا نيوز» فأوضحت أن «الاشتباكات ما زالت مستمرة عند المدخل الشمالي لسد الفرات منذ يوم الجمعة، تكبد خلالها (داعش) كثيراً من القتلى والجرحى».
وأوضحت أن سد الطبقة بات «بحكم المسيطر عليه من قبل ميليشيا (قوات سوريا الديمقراطية)، ولكن لا يجري الإعلان رسمياً حتى تأمين طرفي السد ووصول القوات من المحور الجنوبي أيضاً إليه». ما يستحق الإشارة إليه أن شهدت الأيام القليلة الماضية حركة نزوح من الرقة باتجاه الحقول والأرياف الزراعية مع تزايد الأنباء عن قرب انطلاق المعركة داخل مدينة الرقة والتقدم الذي تحرزه الميليشيات الكردية من جهة الشرق بعد السيطرة على الكرامة، واقترابها من قرى الحمرات. ونقلت حملة «الرقة تذبح بصمت» عن فراس البالغ من العمر 33 سنة قوله: «قررت الخروج من الرقة في الوقت الحالي أنا وأفراد عائلتي باتجاه المزارع خوفاً من منع التنظيم لحركتنا مستقبلاً حتى ضمن مناطق سيطرته»، وأضاف: «حالة من الضياع والخوف تسيطر على أهالي الرقة لأسباب عدة، بينها المجازر الأخيرة التي يرتكبها طيران التحالف وبالتحديد بحق أهالي الريف الغربي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم