ملفات الخارجية البريطانية: تقرير في {الشرق الأوسط} عن النووي الإسرائيلي يثير زوبعة بين العرب وبريطانيا

وزير الخارجية اللورد كارينغتون جال الشرق الأوسط وناقش محتوى التحقيق على أعلى المستويات

عدد «الشرق الأوسط» يوم 22 أكتوبر 1982 (تصوير: جيمس حنا)
عدد «الشرق الأوسط» يوم 22 أكتوبر 1982 (تصوير: جيمس حنا)
TT

ملفات الخارجية البريطانية: تقرير في {الشرق الأوسط} عن النووي الإسرائيلي يثير زوبعة بين العرب وبريطانيا

عدد «الشرق الأوسط» يوم 22 أكتوبر 1982 (تصوير: جيمس حنا)
عدد «الشرق الأوسط» يوم 22 أكتوبر 1982 (تصوير: جيمس حنا)

من وثائق وزارة الخارجية البريطانية التي أُفرج عنها، أمس، وتعود لعام 1982، وتتناولها اليوم «الشرق الأوسط»، مراسلات بين عدد من الوزارات المعنية بقضايا الإيراد والتسويق والعلاقات الخارجية، بخصوص شركة بريطانية متخصصة في صناعات الدفاع والأجهزة الإلكترونية. وتحت اسم «الطاقة النووية في الخليج»، يتناول الملف محادثات وزير الخارجية البريطاني اللورد كارينغتون مع المسؤولين العرب، حول القضايا السياسية الساخنة، مثل الوضع في لبنان بعد خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية، وفرص السلام، والحرب العراقية - الإيرانية.
لكن محادثاته تركزت أيضا حول العلاقات المزعومة بين الشركة البريطانية جنرال إلكتريك (GEC) المتخصصة في التصنيع الإلكتروني والاتصالات الدفاعية للسوقين الحربية والاستهلاكية، بناء على تقرير نُشر في هذه الجريدة، أي «الشرق الأوسط»، يتهم الشركة والحكومة البريطانية بالتعاون سرّا مع إسرائيل في برنامجها النووي. وكان على وزير الخارجية اللورد كارينغتون أن يقنع العرب أن هذا التعاون ليس صحيحا، نافيا أي اتصالات رسمية بهذا الخصوص مع الحكومة الإسرائيلية.
اصطحب اللورد كارينغتون في زيارته للسعودية والكويت والعراق والأردن في ديسمبر (كانون الأول) 1982 بيتر هيغينز مدير شركة «جنرال إليكتريك»، التي كانت تواجه حملة مقاطعة عربية بسبب تعاونها النووي مع إسرائيل، كما جاء في مقال «الشرق الأوسط»، وشركات أخرى على قائمة المقاطعة العربية.
في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1982، بعث قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية رسالة إلى الوزارات البريطانية الأخرى المعنية بخصوص الزيارة المقترحة للورد كارينغتون للمنطقة. تقول الرسالة: «تكلم معي بيتر هيغينز من شركة (جنرال إليكتريك) لمناقشة الادعاءات المؤذية التي نشرتها جريدة (الشرق الأوسط) العربية، التي تتخذ من لندن مقرا لها، والتي تقول فيها إن الحكومة البريطانية منعت اللورد وينستوك (اليهودي الصهيوني المعروف) من تزويد إسرائيل بمعدات. أي خطوات نتخذه في هذا الخصوص يجب أن تجري بتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة. بيتر هيغنز قال لي إن اللورد كارينغتون سيجتمع مع السفراء العرب في لندن، وبإمكانه أن يتكلم معهم باسم شركة (جنرال إليكتريك). كما أنه أضاف أن اللورد وينستوك قد طلب شخصيا من اللورد كارينغتون أن يتكلم باسم الشركة، خلال زيارته للعراق والكويت والسعودية».
وتحت عنوان «مقال الشرق الأوسط»، كتب رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية رسالة مؤرخة في 22 أكتوبر، أي في اليوم نفسه الذي نُشر فيه المقال، إلى السكرتير الخاص باللورد كارينغتون يقول فيها إنه ناقش الموضوع مع وزارة التجارة والصناعة ومع بيتر هيغنز من شركة «جنرال إليكتريك»، و«اتفقنا على أنه على الحكومة البريطانية أن تتخذ بعض الخطوات بهذا الخصوص، وأن تنفي نفيا قاطعا ادعاءات جريدة (الشرق الأوسط) بأن الحكومة تدخلت لدى الشركة ومنعت اللورد وينستوك من تزويد إسرائيل بمعدات نووية. كما اقترح هيغنز أن تتضمن رسالة اللورد كارينغتون للسفراء العرب في لندن نفي الحكومة البريطانية الادعاءات. أعتقد أن اقتراح هيغنز مقبول، وسوف أقوم بصياغة الرسالة مع السيد مارتن (سكرتير اللورد كارينغتون).
في صباح هذا اليوم جاءني السيد مارتن للحصول على نسخة من الترجمة إلى الإنجليزية لمقال جريدة (الشرق الأوسط).. الآن تناول السيد مارتن الكرة ليتقدم بها إلى الأمام».
مقال جريدة «الشرق الأوسط» المثير للجدل نُشر يوم 22 أكتوبر 1982 على الصفحة الثامنة، تحت عنوان «بريطانيا ترفض بيع محطة نووية لتوليد الكهرباء لإسرائيل». ويقول المقال إن «الشرق الأوسط» علمت هذا الأسبوع أن الحكومة البريطانية رفضت الموافقة على الصفقة التي يشترك فيها عدد من الشركات البريطانية لتزويد إسرائيل بمولدات طاقة بسعة 1000 ميغاواط. الخطوة التي قامت بها حكومة رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر جاءت بعد أشهر من المفاوضات السرية بين الشركات المعنية ووزير الطاقة الإسرائيلي اتسحاق موداي.
وصرح مصدر رسمي بريطاني، لا يرغب في الإعلان عن هويته، كما جاء في الجريدة بأن «الحكومة البريطانية لا يمكن أن توافق على هذه الصفقة، التي تقدر قيمتها بمليار دولار، حتى قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان».
وقالت مصادر أخرى، على اتصال غير مباشر بالمفاوضات، إن إحدى الشركات الرئيسة المعنية في الأمر هي «جنرال إليكتريك»، التي يرأس مجلس إدارتها اللورد أرنولد وينستوك، والتي تعدّ أكبر منتج للأجهزة والمعدات الإلكترونية في بريطانيا. اللورد وينستوك معروف عنه أنه يهودي صهيوني، وحاول أخيرا شراء شركة «إيه إي جي - تلفونكون» الألمانية، إلا أن الصفقة فشلت بعد تدخل المستشار الألماني هلمت شميدت. لكن نفى متحدث باسم الشركة في لندن هذا الأسبوع أي معرفة بالمفاوضات بين شخصيات مسؤولة في الشركة ووزارة الطاقة الإسرائيلية.
وعلى الرغم من نفي الشركة لموضوع المفاوضات، فإنه بات معروفا أن الحكومة الإسرائيلية بدأت بالتحضير لبناء محطة طاقة على مساحة كيلومترين مربعين في صحراء النقب.. حيث تؤكد مصادر استخباراتية غربية حيازة إسرائيل أسلحة نووية، من خلال محطة الطاقة النووية التي بنتها فرنسا في إسرائيل، وباستمرار، فقد رفضت إسرائيل التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وتضيف «الشرق الأوسط» في مقالها أن الإسرائيليين حاولوا إقناع الحكومة البريطانية أن توافق على صفقة محطة الطاقة، بشرط أن ينص أحد بنود العقد على «عدم انتشار الأسلحة النووية»، لكن دون أن يجبر إسرائيل على توقيع المعاهدة. لكن قبل أن يقوم المسؤولون المعنيون بالأمر ووزارة الطاقة الإسرائيلية بالتقدم بالطلب إلى الوزارات المعنية للتصديق عليه، فقد قيل لهم إن مجلس الوزراء مصمم على أن يرفض أي طلب لأسباب مبدئية.
أُثير الموضوع ثانية خلال المؤتمر السنوي لحزب المحافظين في مدينة برايتون الساحلية، ووُجّه سؤال لرئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر حول المفاوضات السرية، لكنها أجابت بغضب قائلة: «لا أعرف من أين حصلت على هذه المعلومات. أعتقد أن وزير الطاقة هو أفضل شخص يمكنه الإجابة عن سؤالك».
ويقول كاتب المقال إن محاولات أخرى لمساءلة وزير الخزانة نايجل لوسون حول المفاوضات بينه وبين وزير الطاقة الإسرائيلي ووجهت بالطريقة الدفاعية نفسها. و«قال لي: (يمكنك أن تتصل بمكتبي في لندن للحصول على المعلومات التي لدينا). ولكن عندما اتصلت بمكتبه قيل لي: لا نعرف أي شيء عن أي اجتماع بين وزير الخزانة ووزير الطاقة الإسرائيلي اتسحاق موداي».
ويضيف روبرت ليتل كاتب المقال في «الشرق الأوسط» أنه أصبح جليا أن الحكومة البريطانية لا تريد أن تظهر أنها على اتصال، بعد أحداث لبنان، مع الحكومة الإسرائيلية، بخصوص موضوع يعدّ دوليا استفزازيا، مثل الطاقة النووية. حتى الاعتراف بأن اتسحاق موداي قد زار لندن أخيرا يعدّ بحد ذاته محرجا للحكومة البريطانية.. خصوصا لمارغريت ثاتشر التي بقيت منغمسة في جولتها بالشرق الأقصى، وكانت الوحيدة بين قادة دول العالم، التي التزمت الصمت تجاه ما قامت به إسرائيل في لبنان، والمذابح التي ارتُكبت في بيروت.
لكن الذي زاد من حساسية الحكومة البريطانية تجاه شؤون الشرق الأوسط، جاء عندما قامت مطبوعة لندنية تسمى «سيتي ليميتس» بنشر وثائق بريطانية سُربت من وزارة الخارجية البريطانية.
مكاتب المطبوعة جرت مداهمتها من قبل شرطة سكوتلانديارد، وجرى استجواب العاملين، منهم دنكان كامبل (المتخصص حاليا بشؤون الإجرام في صحيفة «غارديان»). الوثائق المسربة تظهر التناقض بين سياسات الحكومة البريطانية المعلنة والخفية بخصوص الشرق الأوسط، ووسط أميركا والسوق الأوروبية. كما أن الوثائق التي نشرتها المطبوعة اللندنية «سيتي ليميتس» تبين أنه أصبح واضحا لدى الحكومة البريطانية أن منظمة التحرير الفلسطينية قد زادت من مكانتها ومكانة رئيسها ياسر عرفات. ويضيف كاتب المقال أن بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية كانتا على علم بالاجتياح الإسرائيلي للبنان قبل وقوعه، واخبروا سفراءهم لدى الدول العربية بذلك. وهذا قبل محاولة الاغتيال التي تعرض لها السفير الإسرائيلي في لندن، والتي كانت السبب المعلن لأرييل شارون لاجتياح لبنان.
وبخصوص هذا الموضوع تكلم يوري أفنيري (الذي يعدّ بطلا قوميا في إسرائيل) المحلل السياسي الإسرائيلي عضو الكنيست سابقا، الذي بدأ المفاوضات السرية بين منظمة التحرير وإسرائيل، في كتابه «عدوي صديقي» حول لقاءاته مع سعيد حمامي، ممثل منظمة التحرير في لندن، في سبعينات القرن الماضي، ومع عصام السرطاوي، بتفويض من ياسر عرفات.
وقال أفنيري في كتابه إن الفلسطينيين يعتقدون أن إسرائيل هي التي كانت وراء محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن. ورد هو قائلا إنه من الصعب عليه تصديق ذلك، لأن هذا النوع من التصفيات يعدّ خطا أحمر في إسرائيل. لكنه يضيف في كتابه أن هناك شيئا محيرا، وهو أن شارون اجتمع مع أليكساندر هيغ في الإدارة الأميركية قبل اجتياح لبنان بقليل، وقال له إنه يريد الدخول إلى لبنان لتصفية منظمة التحرير. وقال هيغ لشارون: «لا يمكنك عمل ذلك دون تقديم ذريعة». ورد شارون قائلا: «بسيطة، سوف أجد لك الذريعة التي تريدها».
ويقال إن إسرائيل التي كانت تستعد للعملية وجيشها يقف مستعدا على الحدود اللبنانية دخلت مباشرة بعد الإعلان عن محاولة الاغتيال. ويقول أفنيري إن «الموضوع ما زال يقلقني، ولا أعرف التفسير له».



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)