رئيس «حركة الشعب»: استمرار تحالف «النداء» و«النهضة» خطر على الديمقراطية في تونس

المغزاوي قال إن رئيس الجمهورية ينوي الانقلاب على النظام السياسي

المغزاوي
المغزاوي
TT

رئيس «حركة الشعب»: استمرار تحالف «النداء» و«النهضة» خطر على الديمقراطية في تونس

المغزاوي
المغزاوي

انتقد زهير المغزاوي، رئيس حزب حركة الشعب (حزب قومي)، الجهات التي تختزل العمليّة السياسيّة في تونس في حزبين يتقاسمان السلطة أو يتداولان عليها، في إشارة إلى حزب النداء (الليبرالي) وحركة النهضة (الإسلامي)، واعتبر هذا الاختزال فهما خاطئا للخريطة السياسية لما بعد ثورة 2011، مشيرا إلى وجود نوايا واضحة للانقلاب على النظام السياسي من قبل رئيس الجمهورية الحالي، وقال إنه لا يتوقّف عن توسيع صلاحياته على حساب الصلاحيات الدستوريّة لرئيس الحكومة.
وكشف المغزاوي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في العاصمة التونسية، عن نية «حركة الشعب» التقدم بمرشح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، مشددا على أن عودة آلاف المقاتلين التونسيين من جبهات القتال إلى البلاد ستشكّل خطرا حقيقيا على الأمن الوطني، وعلى أمن دول الجوار خاصة، ودعا إلى التعامل معهم وفق القواعد القانونيّة المعمول بها في مجال مكافحة الإرهاب.
وحول تقييمه لثورات الربيع العربي، قال المغزاوي إن ما حدث في تونس ومصر إلى حدّ ما كان أقرب إلى ثورة شعبية وضعت نصب عينيها إسقاط أنظمة فاسدة ومفسدة، لكن دون أن يكون لديها البديل الواضح والجاهز الذي يمنع عودة أزلام الأنظمة السابقة. أما في ليبيا وسوريا واليمن فالأمر، حسب المغزاوي، هو أبعد ما يكون عن فكرة الثورة. وفيما يلي بقية الحوار.
> ما هو موقع «حركة الشعب» اليوم في المشهد السياسي التونسي؟
- «ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ» تتموقع ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ الديمقراطية ﺍلاجتماعية، ﻭﻫﻮ ﻣﻮﻗﻊ ﺗﻤﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ طبيعة أﻃﺮﻭﺣﺎﺗﻨﺎ ﻭﺑﺮﺍﻣﺠﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎرﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ يونيو (حزيران) ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺣﺪﺓ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎﺩﺭﺗﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻠﺘﺰﻡ ﺑﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ.
> هل هناك تحالفات سياسية ممكنة؟ وما هي الأحزاب الأقرب إليكم لو فكرتم في عقد تحالفات؟
- «ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ» أعلنت ﻓﻲ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﻣﺆﺗﻤﺮﻫﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻨﺬ ﺃﻳﺎﻡ ﻋن إﻴﻤﺎﻧﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ الوطنية ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍلائتلاﻑ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ، ﻟﻦ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﻋﺒﺮ تشكيل ﺗﺤﺎﻟﻔﺎﺕ جدية ﻭﺻﻠﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺍلأﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻓﻌﻼ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻱ للانحرافات ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻛﻢ ﻟﻜﻞ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ. و«ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ» ﺗﻤﺪ ﻳﺪﻫﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍلاﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺠﺒﺎﺋﻴﺔ ﻭتوفير فرص العمل، ﻭﻭﻗﻒ ﻧﺰﻳﻒ ﺍلاﻗﺘﺮﺍﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺍلاﺭﺗﻬﺎﻥ لإملاءﺍﺕ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻧﺤﺔ، ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍلإﺭﻫﺎﺏ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻕ ﻗﻮﻣﻲ، ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻱ.
ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍلاﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﺍﻟمقبلة ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻓﺮﺻﺔ ﺟﻴﺪﺓ ﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ لعقد ﺗﺤﺎﻟﻔﺎﺕ سياسية، تحترم مجمل ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻲ قامت عليها الحركة. ﺃﻣﺎ بخصوص ﺍلأﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺸﺮﻳﻜﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺍﺕ ﻣﻌﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﺑﻌﺪ، وهناك عدة مشاريع سترى النور خلال المحطات الانتخابية المقبلة.
> ما هو موقفكم من التحالف القائم بين حزب النداء وحزب النهضة؟ وهل تعتبرونه طريقا للانتقال السياسي أم حجر عثرة أمام التطور السياسي في البلاد؟
- قبل الانتخابات البرلمانية الماضية كنا نقول في «حركة الشعب» إن الاستقطاب الثنائي المعلن بين حركتي النهضة ونداء تونس هو استقطاب مغشوش يقوم على جمع النقيضين، لأنّ الطرفين مختلفان آيديولوجيا، لكنهما يحملان نفس الأطروحات تقريبا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، مع بعض التباينات الطفيفة على مستوى الارتباطات الدوليّة والإقليميّة، لذلك لم نستغرب توجّه الطرفين نحو التحالف مباشرة بعد الانتخابات. والتحالف بينهما هو الوضع الطبيعي، رغم أنّ قواعد الطرفين تتنصّلان منه، وهو مبني على التقاء المصالح بين الطرفين، لذلك كان أقوى من الضغائن التاريخيّة التي يحملها كلاهما تجاه الآخر، إضافة إلى أنّ الفاعلين الدوليين، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية حريصة على رعاية هذا التحالف وإبرازه في مظهر التحالف الصلب.
أعتقد أن بقاء هذا التحالف وتواصله سيكون خطرا على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس لأن نيّة الرعاة الدوليين لهذين الطرفين تتجه نحو اختزال العمليّة السياسيّة في تونس في حزبين يتقاسمان السلطة، أو يتداولان عليها دون الإخلال بالالتزامات المفروضة عليهما من حلفائهم الإقليميين والدوليين، وهذا فهم خاطئ للخريطة السياسية في تونس ما بعد ثورة 2011.
> انتقدتم بشكل مباشر تصريح نور الدين البحيري حول التونسيين الذين التحقوا بسوريا للدفاع عن النظام السوري، ما هو الفرق بين من التحق ببؤر التوتر للقتال وحمل السلاح سواء مع النظام السوري أو ضده؟
- حركة النهضة كانت ولا تزال حريصة على إحداث لبس لدى الرأي العام حول الملف السوري وموقفها منه. فمن السخف طبعا أن نسوّي بين المرتزقة الذين تمّ تسفيرهم لزرع الخراب والموت في سوريا وتهديد حياة المدنيين الآمنين، وهم يعدّون بالآلاف، وبين أفراد تخيّروا بشكل طوعي القتال إلى جانب «الشرعيّة» لاعتقادهم أن النظام السوري يشكّل حجر الزاوية في محور المقاومة والممانعة. هذا إذا ثبت أصلا أن هناك من ذهب من تونس إلى سوريا للقتال في صفوف النظام السوري، إذ إن الأمر مبني بالأساس على تخمينات محلية.
> ما هو موقفكم من عودة آلاف التونسيين الملتحقين ببؤر التوتر في الخارج ومن بينها سوريا؟
- عبّرنا منذ فترة عن موقفنا بوضوح من هذه القضيّة. فهؤلاء مجرمون في حق تونس أولا، ثم في حقّ سوريا ثانيا، وعودتهم إلى تونس ستشكّل خطرا حقيقيا على الأمن الوطني، وأيضا على أمن دول الجوار، خاصة بعد الخبرات التي اكتسبوها في القتل والتخريب. ولذلك التعامل مع هؤلاء يجب أن يكون وفق القواعد القانونيّة المعمول بها في مجال مكافحة الإرهاب.
> كيف تقيمون نظام الحكم في تونس اليوم؟ وهل تساندون الدعوة لاعتماد نظام رئاسي معدل عوضا عن نظام برلماني معدل؟
- النظام السياسي الراهن أقرّه دستور الجمهوريّة الثانية، ونحن نلاحظ كما يلاحظ الجميع، وجود نوايا واضحة للانقلاب عليه من طرف رئيس الجمهورية الحالي، الذي لا يتوقّف عن توسيع صلاحياته على حساب الصلاحيات الدستوريّة لرئيس الحكومة. أعتقد أن الشعب سيكون صارما في مواجهة أي محاولة للعودة إلى النظام الرئاسي الذي عانينا من ويلاته خلال العقود الستّة الماضية.
> هل سنرى رئيس حركة الشعب مرشحا للرئاسة سنة 2019؟
- لا يزال الوقت مبكّرا للإفصاح عن هذا الخيار. لكنّ الأكيد أن «حركة الشعب» سيكون لها مرشح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة.
> على الرغم من عراقة التيار القومي في تونس، فإن درجة تمثيليته السياسية ما زالت دون المأمول، فكيف تفسرون هذا الوضع؟
- محدوديّة التمثيل هذه ناتجة عن عقود من القهر السياسي والتعسّف الرسمي، التي كان التيار القومي من أكبر ضحاياها، هذا علاوة على حداثة تجربة القوميين بالعمل السياسي القانوني. وأنا على ثقة تامة من أن المستقبل سيكون أفضل لأن كل المؤشرات الراهنة تؤكّد ذلك.
> ما زالت قضية اغتيال البرلماني محمد البراهمي لم تبح بعد بأسرارها. هل تعتقدون أن هناك من له مصلحة في إخفاء الحقائق حول الاغتيالات السياسية؟
- طبعا هناك من تقتضي مصلحته إخفاء الحقيقة في ملف الاغتيالات السياسيّة. وهناك أطراف سياسيّة بعينها تتحمّل المسؤوليّة القانونيّة والسياسيّة والأخلاقيّة في هذه الجرائم. وهيئات الدفاع المختلفة ما زالت تؤكّد أن هناك أيادي خفيّة تعطّل سير البحث في هذه القضايا.
> كيف تنظرون اليوم إلى ثورات الربيع العربي بعد نحو ست سنوات من اندلاعها؟ وهل يمكن استغلالها لإرساء أنظمة ديمقراطية في الأقطار العربية؟
- كقوميين ناصريين كنا وما زلنا نعتقد أن مصائر الأمم تصنعها إرادة الشعوب التوّاقة إلى الحريّة والانعتاق والعدالة والكرامة. لكن هذا الأمر يصحّ عندما تكون إرادة الشعوب نفسها متحرّرة من كلّ أشكال التوجيه المباشر وغير المباشر، أي عندما تكون مالكة لزمام أمرها. وربّما هذا ما كان ينقص الحراك الشعبي الذي عمّ مختلف أرجاء الوطن العربي. وفي تونس ومصر إلى حدّ ما كان الأمر أقرب إلى ثورة شعبية من دون قيادة، وضعت نصب أعينها إسقاط أنظمة فاسدة ومفسدة دون أن يكون لديها البديل الواضح والجاهز الذي يمنع عودة أزلام الأنظمة السابقة. أما في ليبيا وسوريا واليمن فالأمر أبعد ما يكون عن فكرة الثورة، ويكفينا دليلا على ذلك الجهات التي دعمت، وما زالت تدعم التحركات التي نعتت زورا بالثورة.
ولكنني أستغرب من تجاهل الإعلام لعدد من الثورات العربية، وعزم قوى إقليمية على طمس معالمها في المهد، وكذلك من صمته عن مساءلة داعمي ثورات الربيع العربي وتعاملهم بمكيالين مع ما تعرفه المنطقة العربية من هزات اجتماعية. وستظلّ الديمقراطية هدفنا لكن السيادة الوطنيّة ووحدة النسيج الاجتماعي للشعب العربي ستظلان أسبق لدينا من كل شيء، أما الثورة فهي أعظم من أن تخترقها النزعات الطائفيّة والمذهبيّة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.