تورم القدمين.. أسباب شائعة

مضاعفات الحمل والإصابات والقصور الوريدي تؤدي إليه

تورم القدمين.. أسباب شائعة
TT

تورم القدمين.. أسباب شائعة

تورم القدمين.. أسباب شائعة

تورم الكاحلين والقدمين هو من الحالات الشائعة التي لا يجب عادة أن تسبب القلق، وخصوصا إذا كان المرء قد تعرض للوقوف لفترات طويلة أو مارس المشي كثيرا. ولكن إذا ظل القدمان والكاحلان منتفخين لفترة زمنية أو كان تورمهما مصحوبا بأعراض أخرى، فإن الحالة قد تكون مؤشرا لوجود مشكلة صحية تتطلب الاهتمام لمعرفة أسبابها ومعالجتها.
دعونا ننظر إلى بعض الأسباب المحتملة لتورم القدم والكاحل، ومتى يتوجه المصابون إلى طلب المشورة من الطبيب بشأنها.

* مضاعفات الحمل
بعض حالات التورم في الكاحلين والقدمين هي من الأمور الطبيعية التي قد تصيب المرأة الحامل خلال فترة الحمل. ولكن حصول تورم مفاجئ أو مفرط في القدمين أو في إحداهما دون الأخرى، يستدعي الاهتمام ومراجعة الطبيب المتابع للحمل بصفة عاجلة، إذ إن ثمة عدة احتمالات لذلك التطور المفاجئ، مثل أنه قد يكون علامة على حالة تسمم الحمل، وهي حالة خطيرة يرافقها ارتفاع في ضغط الدم وزيادة إخراج بروتين في البول، أو ما يسمى زلال البول، وذلك بعد تجاوز الأسبوع الـ20 من بدء الحمل، أي تاريخ بدء آخر دورة شهرية حصلت لدى الحامل.
ولذا فإذا واجهت الحامل حالة تورم شديد في القدمين كليهما أو تورم فيهما يرافقه أعراض أخرى مثل آلام في البطن، والصداع، وقلة كمية البول، والغثيان والقيء، أو تغييرات في الرؤية ووضوح الإبصار، فإن ذلك يتطلب مراجعة الطبيب فورا ودون تأخير لأنها حالة معالجة إسعافية.

*إصابة خارجية
الإصابة injury في القدم أو الكاحل بفعل الارتطام أو الاصطدام بشيء أو التعثر، كلها إصابات يمكن أن تؤدي إلى التورم الموضعي في أجزاء القدم أو الكاحل أو التورم الكامل فيهما، وهو ما يظهر في فقط في القدم التي تعرضت للإصابة دون القدم الأخرى ما لم تكن الإصابة فيهما معا. ومن أكثرها شيوعا حالات إصابات الالتواء في الكاحل sprained ankle.
والتواء الكاحل يحدث عندما يرتطم الكاحل أو يصطدم بشدة بأي شيء خارجي أو حينما يتعرض المرء لزلة السقوط أو التعثر، ما يتسبب في شد الأربطة التي تمسك بأجزاء الكاحل لإبقائها في المكان المناسب ضمن التراكيب الداخلية لمفصل الكاحل والأجزاء المرتبطة به، أي يحدث شد تلك الأربطة إلى أبعد من مداها الطبيعي وبالتالي تهتكها أو تمزقها. كما قد تحصل تضررات أكبر في الكاحل أو القدم إذا كانت الإصابة أشد، مثل الكسور.
وللحد من التورم في الكاحل أو القدم جراء الإصابات، يجب إعطاء الراحة للقدم والكاحل، وأولى خطوات الراحة هي تجنب المشي على الكاحل المصاب أو القدم. ومن المفيد كذلك استخدام كمادات الثلج التي توفر برودة تسكن إحساس الأعصاب بالألم وتخفف من تفاعلات الالتهاب التي من أهم عناصرها تورم المنطقة التي تحصل عمليات الالتهاب فيها.
ومعلوم أن عناصر مظاهر عملية الالتهاب خمسة: وهي التورم والألم واحمرار الجلد وارتفاع حرارة المنطقة والحد من قدرة الحركة فيها. وكذلك من المفيد وضع لفافة من الضماد حول القدم أو الكاحل مع ضغط الضمادة بشدة متوسطة. وأيضا من المفيد جدا، ضمن خطوات معالجة إصابات القدم أو الكاحل، رفع القدم على كرسي أو وسادة لتسهيل سحب السوائل من القدم وتخفيف التورم فيها، وبالتالي تخفيف الألم الناتج عن ضغط التورم على الأعصاب والأجزاء الأخرى لتراكيب القدم والكاحل. وإذا كان التورم والألم شديدين، أو لا يتحسنان مع خطوات العلاج المنزلي هذه، فإنه من الضروري مراجعة الطبيب.

* الوذمة اللمفية
الوذمة اللمفية «Lymphedema» هي حالة يحصل فيها تطور واستمرار تجمع السائل اللمفاويlymphatic fluid في الأنسجة بدلا من سحبه إلى الأوردة عبر الأوعية اللمفاوية. وللتوضيح، فإن السوائل توجد في أنسجة أي منطقة من مناطق الجسم، ويتم سحب هذه السوائل من خلال أوعية لمفاوية، والأوعية اللمفاوية تصب السوائل المتجمعة فيها إلى عقد أو غدد لمفاويةlymph nodes بهدف تصفية السوائل تلك قبل صبها في نهاية الأمر إلى الأوردة، كي تعود السوائل تلك إلى الدورة الدموية.
هذه الشبكة من الأوعية اللمفاوية قد لا تعمل بالصفة المطلوبة، وهو ما يؤدي إلى عدم نجاحها في تجميع السوائل اللمفاوية من الأنسجة، وبالتالي تتراكم تلك السوائل في أنسجة منطقة ما من الجسم. والقدمان، أو أحدهما، عرضة لهذه المشكلة بسبب أي نوع من الاضطرابات في عمل أو تركيب الأوعية اللمفاوية، أو أي نوع من الاضطراب في عمل أو تركيب العقد اللمفاوية كما في تعريضها للأشعة العلاجية خلال مراحل علاج السرطان أو بسبب التهابات ميكروبية، أو بعدما تتم إزالة الغدد اللمفاوية بالعملية الجراحية كما في بعض جراحات السرطان وغيرها. السائل اللمفاوي هو من سوائل الجسم الغنية بالبروتين والتي تنتقل عادة على طول شبكة واسعة من الأوعية اللمفاوية. ويتم تصفية السوائل تلك من خلال الغدد اللمفاوية، وهذه الغدد أو العقد اللمفاوية هي بالفعل مثل الفخ الذي يعمل على حبس وتدمير المواد غير المرغوب فيها، مثل الجراثيم، قبل دخول السائل اللمفاوي إلى الدم من خلال الأوردة. ومن الضروري ملاحظة أنه دون علاج لمشكلات تجمع السوائل اللمفاوية، فإن تراكمها يمكن أن يعوق عمليات التئام الجروح، ما يؤدي إلى العدوى الميكروبية وتشوه منطقة القدم أو الساقين أو الفخذين.

* القصور الوريدي
القصور الوريديVenous insufficiency مصطلح يقصد به تدني كفاءة عمل الأوردة في القيام بسحب السوائل التي ترشح من خلال تدفق الدم إلى القدمين عبر الشرايين. والتورم في الكاحلين والقدمين غالبا ما يكون أحد الأعراض المبكرة لوجود حالة القصور الوريدي للأوردة في منطقة القدمين أو الساقين أو الفخذين.
الأوردة عبارة عن أنابيب، وفي داخل تلك الأنابيب صمامات تضمن جريان الدم خلال الأوردة باتجاه القلب، أي إلى أعلى. وحينما لا توجد تلك الصمامات في مجاري الأوردة، أو لا تعمل الصمامات تلك بكفاءة أو تكون الصمامات تالفة بفعل عوامل عدة، فإن الدم لا يتدفق كما يجب من خلال الأوردة، وبالتي تتراكم السوائل في القدم أو القدمين. وهناك حالات حادة من القصور الوريدي، أي تنشأ بسرعة، وحالات أخرى مزمنة، أي تنشأ ببطء وتستمر لفترات طويلة زمنيا. والقصور الوريدي المزمن يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في الجلد، والتقرحات الجلدية، وبالتالي إعطاء الفرصة لحصول العدوى الميكروبية في تلك التقرحات. إذا واجه المرء علامات القصور الوريدي تلك، فإن عليه مراجعة الطبيب.

* استشارية في طب الباطنية



عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء
TT

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة البيئة العالمية Environment International في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي لباحثين من فنلندا، عن تأثير عوامل الحياة المختلفة في تكوين البكتيريا المعوية المفيدة gut microflora أثناء فترة الطفولة المبكرة. وشملت هذه العوامل طريقة الولادة، والبيئة التي ينشأ فيها الطفل، ووجود أشقاء من عدمه، والتطعيمات المختلفة والمضادات الحيوية، وطريقة التغذية، وأيضاً عدد المساحات الخضراء المحيطة بالسكن.

ميكروبات الأمعاء

حدَّد الباحثون ثلاثة أهداف رئيسية للبحث الأول: معرفة إلى أي مدى يبلغ نضج ميكروبات الأمعاء أثناء مرحلة الرضاعة. والثاني: معرفة تأثير البيئة على تغيير مجتمع البكتيريا في الأمعاء في الرضاعة المبكرة والمتأخرة. والثالث: معرفة إلى أي مدى يوجد ارتباط بين مقاييس المساحات الخضراء السكنية وصحة ميكروبات أمعاء الرضع؛ لكي تكون نتائج الدراسة ملمة بكل الجوانب.

راجع الباحثون بيانات من دراسات طولية أُجريت في فنلندا لرصد خطوات النمو الصحي للأطفال (STEPS) من جوانب عدة. وضمت هذه الدراسات أمهات فنلنديات وسويديات ولدن أطفالهن بين عامي 2008 و2010 في مستشفى فنلندي معين (مستشفى جنوب غرب فنلنداHospital District of Southwest Finland).

كما شملت الدراسات أيضاً مجموعة فرعية من الرضع مشتقة من المجموعة الأصلية تمت متابعتهم بشكل دقيق جداً. وتم تقسيم الرضع المشاركين إلى مجموعات فرعية حسب فترات الرضاعة. وشملت المجموعة الأولى الرضاعة المبكرة التي تتراوح بين (0.5 و5 أشهر) والرضاعة المتأخرة التي تتراوح بين (11 و17 شهراً).

تضمنت البيانات كل ما يخص الرضع وأسرهم مثل حالة الأسرة الاجتماعية والاقتصادية والتركيبة السكانية للمنطقة التي تعيش فيها الأسرة (وجود أعراق عدة) بجانب السجلات الطبية والتاريخ المرضي للآباء وبشكل خاص الأمهات. وأيضاً تم جمع 1823 عينة براز من الرضع لتوصيف ميكروبات الأمعاء حسب تسلسلها وتم استخدام طرق حديثة في تحليل البراز لاستخراج الحمض النووي (دي إن إيه) لعائلات البكتيريا النافعة.

كما كانت هناك أيضاً بيانات إضافية عن جميع الظروف المحيطة بولادة الطفل، بداية من فترة الحمل وحتى انتهاء فترة الرضاعة من خلال البيانات الرسمية بجانب إجابة الآباء عن أسئلة عدة، مثل: هل تمت ولادة الطفل في الموعد المحدد لولادته؟ وهل كانت هناك مشاكل معينة في الحمل؟ وما هي الطريقة التي تمت بها الولادة... طبيعية أم قيصرية؟ وهل تم حجز الطفل في الحضانة بعد ولادته؟ ما هو وزن الطفل عند الولادة؟ طريقة الرضاعة وهل كانت طبيعية؟ في حالة استخدام اللبن الصناعي، ما هو نوع اللبن وهل كانت هناك حساسية من نوع معين؟ هل تناول الرضيع أي أدوية في مرحلة الرضاعة المبكرة؟ هل تناول الرضيع مضاداً حيوياً في الرضاعة المبكرة أو المتأخرة؟

وتم استخدام بيانات مركز تسجيل السكان في فنلندا لمعرفة الظروف البيئية لمسكن كل أسرة، بالإضافة إلى البيانات الخاصة بالمعلومات الجغرافية للمكان. وتقيم هذه المعلومات نسبة الغطاء النباتي السكني لكل أسرة مقارنة بعدد السكان ومساحة الأرض الكلية، وأيضاً معلومات عن المساحات الخضراء في منطقة الجوار لأسرة كل رضيع والأماكن المفتوحة المحيطة بمكان السكن.

عوامل تشكيل الميكروبات

وأظهرت التحليلات التي تناولت العوامل المؤثرة على تكوين أمعاء الرضع أن العمر هو العامل الرئيسي في تشكيل الميكروبات المعوية. وفي مرحلة الرضاعة المبكرة من عمر الطفل هناك نوع معين من البكتيريا Actinobacteriota يكون هو السائد بنسبة (54 في المائة)، أما في مرحلة الرضاعة المتأخرة فيسود نوع آخر من البكتيريا؛ ما يسلط الضوء على أن عامل العمر فقط كان مسؤولاً عن نحو 9 في المائة من تنوع واختلاف أنواع البكتيريا.

وقال الباحثون إن الدراسات السابقة تعاملت مع الفئة العمرية من عمر يوم وحتى ثلاث سنوات على أنها فئة عمرية واحدة. لكن حسب الدراسة الحالية، هناك فرق واضح بين الرضاعة المبكرة حتى عمر 5 أشهر والرضاعة المتأخرة حتى عمر عام ونصف العام. ولذلك؛ تجب على الأبحاث المستقبلية مراعاة الفئات العمرية في نماذج الدراسة التي تركز على الرضع.

أظهرت النتائج أن تجمعات الميكروبات المعوية لدى الرضع ارتبطت بشكل كبير بطريقة الولادة ووجود أشقاء وعمر الأم. وفي المقابل، كانت العوامل الأقل ارتباطاً بتنوع ميكروبات الأمعاء هي: دخل الأسرة والرضاعة الطبيعية وتعرُّض الأم للمضادات الحيوية في فترة ما قبل الولادة مباشرة بجانب الوقت الذي يقضيه الطفل في الهواء الطلق.

في مرحلة الرضاعة المبكرة كانت طريقة الولادة (سواء قيصرية أو طبيعية) مسؤولة عن 0.5 في المائة من التنوع في مجتمع ميكروبات الأمعاء وانخفضت تدريجياً إلى 0.3 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المتأخرة. واللافت للنظر أن عامل وجود الأشقاء أصبح أكثر أهمية من أي عامل آخر مع الوقت، حيث تزايدت نسبة تنوع الميكروبات المعوية من 0.5 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المبكرة إلى 0.7 في المائة في الرضاعة المتأخرة. وبشكل عام ارتبط وجود الأشقاء بزيادة اختلاف ميكروبات الأمعاء (ظاهرة صحية) في كلتا الفئتين العمريتين.

ولعبت المساحات الخضراء دوراً مهماً في تباين الميكروبات المعوية في مرحلة الرضاعة المتأخرة، بينما لعبت دوراً أقل أهمية في الفئة العمرية الأصغر، وربما يكون ذلك بسبب بقاء الرضع في المنازل المغلقة معظم الوقت في المراحل الأولى من الحياة بسبب الخوف عليهم نظراً لضعف مناعتهم ما يوضح الأهمية الكبيرة للتواجد بجوار المساحات الخضراء ليس على الجهاز التنفسي فقط، لكن أيضاً على أجهزة الجسم الداخلية ومنها ميكروبات الأمعاء.

* استشاري طب الأطفال