تباين في خطابات رأس السنة الإيرانية بين خامنئي وروحاني

المرشد ينتقد التمييز والبطالة والرئيس يطالب بتخفيف القيود الأمنية

تباين في خطابات رأس السنة الإيرانية بين خامنئي وروحاني
TT

تباين في خطابات رأس السنة الإيرانية بين خامنئي وروحاني

تباين في خطابات رأس السنة الإيرانية بين خامنئي وروحاني

في مؤشر على استمرار خلافات داخلية حول الوضع الاقتصادي، انتقد المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، في خطابه بمناسبة العام الجديد في إيران ابتعاد الحكومة عن تلبية التوقعات في تطبيق سياسة «الاقتصاد المقاوم»، مشيراً إلى «مشكلات البطالة والتمييز والتهديدات الاجتماعية»، وفي المقابل دافع الرئيس حسن روحاني عن أداء الحكومة خلال العام الماضي، مشدداً على مواصلة سياساته الاقتصادية مع التركيز على الخروج من أزمة البطالة التي تضرب البلاد ورفع القيود الأمنية وملاحقة من ينتهك الحقوق المدنية للمواطنين، في إشارة إلى اعتقالات طالت عدداً من الناشطين والصحافيين الأسبوع الماضي.
وأعلن خامنئي أن العام الجديد سيحمل شعار «الاقتصاد المقاوم... الإنتاج وخلق فرص العمل». وفي إشارة إلى تقارير الحكومة عن إجراءاتها الاقتصادية، ذكر خامنئي أن «تحرك الحكومة يبتعد كثيراً» عن توقعاته وتوقعات الشعب، مشدداً على ضرورة أخذ الإحصائيات السلبية والإيجابية لتقييم أداء الحكومة.
وخلال العام الماضي، تبادل التياران الأساسيان في إيران تهماً بنشر إحصائيات مغلوطة عن الأوضاع في إيران، خصوصاً على صعيد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. واعتبرت الحكومة أن البنك المركزي الإيراني هو المرجع الأساسي لإعلان الإحصائيات عن الوضع الاقتصادي. وقبل أقل من أسبوعين، قال خامنئي إن الإحصائيات التي تعلنها الحكومة لا تترك أثراً على حياة المواطنين في المديين القصير والمتوسط.
وسلط خامنئي أمس الضوء على مشكلات معيشية واقتصادية ضغطت على المواطن الإيراني، وقال: «أنا مطلع على أوضاع الشعب، وأشعر بكل المعاناة من المشكلات الاقتصادية، مثل الغلاء والبطالة والتمييز وعدم المساواة والتهديدات الاجتماعية».
وبحسب ما قاله الرجل الأول في النظام الإيراني، فإن المخرج من تلك المشكلات لا «يمر فقط عبر تطبيق الاقتصاد المقاوم، إنما في وضع حلول وعلاج للوضع الراهن»، مضيفاً أن العلاج يبدأ من تقسيم الاقتصاد المقاوم إلى نقطتين أساسيتين؛ هما «الإنتاج الداخلي وخلق فرص عمل للشباب».
رغم ذلك فإن خامنئي أعرب عن ارتياحه تجاه الهاجس الأمني في البلاد وسط جيران يعانون من فقدان الأمن، وهو ما اعتبره من المؤشرات المهمة على تنعم الإيرانيين بالأمن.
وتعد هذه هي المرة الثانية التي يقر فيها خامنئي بوجود أزمات كبيرة في الداخل الإيراني، وكانت المرة الأولى في 15 فبراير (شباط) الماضي، عندما قال إن الشعب يشتكي من اللامبالاة والتمييز والعجز في معالجة مشكلاته، مطالباً المسؤولين بالاهتمام بتخصيص أوقاتهم لحل تلك القضايا بدلاً من الخلافات الداخلية. وفي الوقت ذاته اتهم أعداء النظام بطحن الهواء بالسعي وراء «إظهار عجز النظام».
وشكلت الخلافات حول إدارة الوضع الاقتصادي محور الخلافات الداخلية في إيران بين الحكومة ومنتقديها، وشكلت انتقادات خامنئي اللاذعة لأداء الحكومة والاتفاق النووي رصيد خصوم روحاني في ممارسة الضغط المضاعف. ويتوقع أن يكون الوضع الاقتصادي من المحاور الأساسية بين المرشحين في السباق الانتخابي الرئاسي الذي ينطلق بعد أقل من شهرين. وتقول أوساط مقربة من روحاني إن خصومه يتطلعون إلى تحويل ورقة الوعود الاقتصادية من نقطة قوة إلى نقطة ضعف في سباق التنافس الرئاسي. وشهدت الخطابات الأخيرة لروحاني تأكيدات صارمة منه على تحقيق إنجازات في تحسين الوضع الاقتصادي بعد رفع العقوبات عن إيران. وروحاني المرشح الأول لائتلاف التيار الإصلاحي والمعتدل، ويتوقع أن يعلن المعسكر المحافظ عن ترشيح أكثر من شخصية في وقت تُجرى فيه مشاورات للتوافق على مرشح واحد لتفادي خسارة انتخابات 2013.
وقبل أسبوعين من نهاية السنة، خرج التباين حول «الاقتصاد المقاوم» بين المرشد الإيراني ورئيس الجمهورية بعد احتدام النقاش في الاجتماع السنوي الثاني لـ«مجلس خبراء القيادة»، أعلى هيئة تجمع رجال الدين في إيران. وخلال الاجتماع، دعا رئيس المجلس أحمد جنتي الحكومة الإيرانية إلى تقديم تقرير حول إجراءاتها في الاقتصاد المقاوم أو تقديم اعتذار إلى الشعب الإيراني. ورداً على تلك الانتقادات، قال حسن روحاني إنه انتصر في معركة الاقتصاد المقاوم قبل أن يؤكد خامنئي تلك الانتقادات بمطالبته الحكومة بتطبيق الاقتصاد المقاوم وعدم التعويل على الاستثمار الأجنبي.
ويطلق المرشد الأعلى الإيراني في خطاب بداية السنة الشعار الذي يكون محور سياسات البلاد على الصعيد الداخلي، ولم يبتعد خامنئي في شعار العام الجديد عن شعار العام الماضي بالإبقاء على مصطلح «الاقتصاد المقاوم»، الذي شكل كلمة الرمز خلال الفترة الماضية لضغوط داخلية تعرضت لها إدارة روحاني بعد التوصل للاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015، وكان شعار العام الماضي «الاقتصاد المقاوم... التحرك والعمل».
ودخل مصطلح «الاقتصاد المقاوم» القاموس السياسي الإيراني بعدما استخدمه خامنئي لأول مرة في النصف الثاني من عام 2010، ويعني ذلك اعتماد إيران على الموارد الذاتية والصناعات المحلية لمواجهة العقوبات الدولية على إيران، وبعد تنفيذ الاتفاق النووي، شكك خامنئي بنيات الدول الغربية في توقيع الاتفاق، محذراً الحكومة من التعويل على الانفتاح الخارجي وزيادة الصادرات، واتخذ استخدام المصطلح اتجاهاً جديداً بعدما اعتبر خامنئي توقيع الاتفاق محاولة للتغلغل في إيران.
وفي أهم جانب من الاقتصاد المقاوم، فإنه يفضل الاستثمار الداخلي والتعويل على المؤسسات الاقتصادية على تشجيع الاستثمار الأجنبي، ومن شأن ذلك أن يساعد الحرس الثوري على التوسع في النشاط الاقتصادي، وهو ما يثير قلق روحاني.
وبعد لحظات من رسالة خامنئي، بثت القناة الرسمية الأولى رسالة الرئيس الإيراني حسن روحاني بمناسبة العام الجديد في إيران. وأكد روحاني التزام حكومته بتنفيذ الاقتصاد المقاوم ومواصلة ما اعتبره إنجازات العام الماضي على صعيد السيطرة على التضخم والنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
وعلى خلاف انتقادات خامنئي، جمع روحاني بين الاتفاق النووي و«الاقتصاد المقاوم» واعتبر وجودهما معاً إيجابياً لبلاده.
واستغل روحاني خطابه السنوي لتمرير رسائل انتخابية على خلاف ما ذكره خامنئي عن الأوضاع الاقتصادية الهشة في الداخل الإيراني، ودافع روحاني عن أداء حكومته في الاقتصاد وتحقيق نمو بنسبة 8 في المائة وارتفاع المحاصيل الزراعية والدبلوماسية النفطية، في إشارة إلى ارتفاع حصة إيران في «أوبك» والتقدم على الصعيدين العلمي والرياضي، حسب مزاعم روحاني.
واعتبر روحاني أن «إنجازات» الحكومة على صعيد التضخم والنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل خلال العام الماضي الأفضل منذ الـ25 عاماً الماضية. وتشمل تلك السنوات فترتين رئاسيتين لكل من محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد، فضلاً عن الـ6 سنوات الأخيرة من رئاسة علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
ووعد روحاني بأن يكون العام الجديد عام التوظيف وخلق فرص العمل في إيران، كما تعهد ببذل مزيد من الجهد لتجاوز ما وصفه بالخلل. وتشير إحصائيات مركز الإحصاء الإيراني بالحكومة إلى وجود أكثر من مليوني عاطل عن العمل، بينما إحصائيات مركز دراسات البرلمان أظهرت ضعف ما أعلنته الحكومة من أن عدد العاطلين عن العمل يقترب من 5 ملايين، وفي المقابل يتوقع خبراء أن يكون عدد العاطلين عن العمل نحو 7 ملايين. وتتوقع الدراسات أن عدد العاطلين عن العمل قد يرتفع إلى نحو 11 مليوناً بعد 4 سنوات، إن لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة لمواجهة البطالة.
يشار إلى أن التباين بين خطابات خامنئي وروحاني بداية العام الماضي شكلت محور تلاسن بين الجانبين استمر 4 أشهر. وقبل أسبوعين وجه أكثر من 80 برلمانياً رسالة مفتوحة إلى روحاني اتهموه فيها بإصراره على مواقف تعارض خامنئي.
في شأن متصل، فإن روحاني تناول الأمن في اتجاه مغاير لخامنئي بانتقاده تشديد «الأجواء الأمنية» في الداخل، خصوصاً فيما يتعلق بأمن المواطنين في استخدام الإنترنت، وذلك في إشارة إلى اعتقالات الأيام الأخيرة طالت عدداً من ناشطين موالين له في الانتخابات. وقال روحاني: «يجب أن يكون الفضاء المجازي (الإنترنت) آمناً للشعب ولا يكون أمنياً»، مضيفاً أنه يحاول التخفيف عن الأجواء الأمنية في المجالات الثقافية والاجتماعية وتقديم «أجواء المحبة والصداقة والأخوة»، بدلاً من ذلك.
وفي الأيام الأخيرة، وجهت شخصيات بارزة في البرلمان الإيراني انتقادات شديدة اللهجة إلى مخابرات الحرس الثوري بسبب اعتقال أكثر من 15 ناشطاً إلكترونياً وصحافياً خلال الأسبوع الماضي. وهدد نائب رئيس البرلمان علي مطهري باستجواب وزير المخابرات الإيرانية محمود علوي، بينما اعتبر مسعود بزشكيان النائب الثاني لرئيس البرلمان الإيراني أن الاعتقالات لا تليق بإيران. وفي تصريحات نقلتها وسائل الإعلام عن مطهري، ذكر أن الاعتقالات «تثير شبهات انتخابية». تلك التصريحات تزامنت مع رسالة مفتوحة وجهها عضو البرلمان محمود صادقي إلى قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري.
وأشار روحاني إلى توقيعه وثيقة الحقوق المدنية خلال العام الماضي، داعياً إلى مساندة شعبية من أجل تطبيق الوثيقة على أرض الواقع. وهدد من ينتهك الحقوق المدنية.
وتعد وثيقة الحقوق المدنية من جملة وعود روحاني الانتخابية في 2013، ورغم توقيعها فإن نشطاء المجتمع المدني يشككون في قدرة الحكومة الإيرانية على تطبيق الوثيقة. وطالب روحاني بانتخابات «تنافسية» وتعزيز روح الأخلاق في استحقاقات الانتخابية، مضيفاً أن الانتخابات الإيرانية الماضية شهدت «بعض القصور الأخلاقي»، في إشارة إلى ضرورة تعويض القصور.



تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع مباحثات مع رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وجاءت زيارة بارزاني لأنقرة، الثلاثاء، بدعوة من إردوغان، في وقت يجري فيه التلويح بتحرك عسكري تركي لإنهاء وجود حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق، ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، وكذلك مع انطلاق عملية جديدة في تركيا تهدف إلى حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمةً إرهابية.

وفي هذه الأجواء، زار بارزاني أنقرة للمرة الثانية في أقل من 3 أشهر، حيث زارها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتقى إردوغان، قبل أيام قليلة من الانتخابات التشريعية في كردستان التي أجريت في الـ20 من الشهر ذاته.

جانب من لقاء إردوغان وبارزاني بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الرئاسة التركية)

وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مباحثات مع بارزاني سبقت لقاءه مع إردوغان.

وبالتزامن مع مباحثات بارزاني مع إردوغان وفيدان، التقى نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية، عبر حسابها في «إكس»، عن انعقاد اللقاء دون ذكر أي معلومات عما دار فيه.

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ خلال استقباله رئيس حزب «حراك الجيل الجديد» شاسوار عبد الواحد (الخارجية التركية)

ويتزعم عبد الواحد، وهو رجل أعمال من السليمانية، حزب «حراك الجيل الجديد»، أكبر أحزاب المعارضة في إقليم كردستان العراق، وحل الحزب في المركز الثالث بعد حزبي «الديمقراطي الكردستاني»، و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، وحصل على 15 مقعداً من أصل 100 في برلمان الإقليم.

موقف حكومة أربيل

وبحسب مصادر تركية، تناولت مباحثات إردوغان وبارزاني، التي حضرها فيدان أيضاً، العلاقات بين أنقرة وأربيل، والوضع في كردستان، والجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة عقب الانتخابات التي أجريت في أكتوبر الماضي، إلى جانب التعاون في مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني.

وفقد الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، الأغلبية، التي كان يتمتع بها سابقاً، رغم حصوله على 39 مقعداً، فيما حصل «الاتحاد الوطني الكردستاني»، برئاسة بافل طالباني، على 23 مقعداً.

ولم يتم تشكيل حكومة جديدة في كردستان، حتى الآن، ويواجه الحزبان صعوبة في عقد تحالفات مع المعارضة التي أعلنت رفضها المشاركة في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية.

ويتطلب تشكيل الحكومة تنازلات متبادلة بين الأحزاب، في ظل سعي كل حزب لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مباحثاته مع بارزاني (الخارجية التركية)

وتقول أنقرة، إن حزب «العمال الكردستاني» قاد حملة لدعم «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بقيادة بافل طالباني، في انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقبلة.

كما تتهم طالباني، بدعم وجود «العمال الكردستاني» في محافظة السليمانية وفي سوريا، بعد توليه قيادة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وأغلقت في 3 أبريل (نيسان) 2023 مجالها الجوي أمام الطائرات من وإلى مطار «السليمانية»، متهمة حزب «العمال الكردستاني» باختراق المطار، وتهديد الأمن الجوي، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية التركية وقتها.

ومددت تركيا، الاثنين، حظر الرحلات الجوية من وإلى مطار السليمانية، للمرة الثالثة. وقال مدير المطار، هندرين هيوا، إن تركيا مددت حظر الرحلات الجوية لـ6 أشهر إضافية، قبل يوم من انتهاء الحظر.

وكان يعمل في السليمانية نحو 176 مكتباً سياحياً تعلن عن رحلات يومية إلى تركيا اضطر معظمها لتعليق عمله، بعد قرار الحظر التركي.

وبينما تشيد تركيا بموقف أربيل، تهدد بفرض مزيد من الإجراءات ضد السليمانية، إذا لم يوقف طالباني دعمه لـ«العمال الكردستاني».

وزيرا الدفاع العراقي والتركي يوقّعان مذكرة تفاهم لإنهاء خطر «العمال الكردستاني» (الخارجية التركية)

واتفقت أنقرة وبغداد على التنسيق ضد حزب «العمال الكردستاني»، عبر مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، وقعها وزير الدفاع التركي يشار غولر ونظيره العراقي ثابت العباسي، في ختام الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى بين البلدين، عُدّت جزءاً من استكمال التفاهمات التركية - العراقية بشأن تثبيت الأمن على الحدود بين البلدين، والتعاون في تحييد حزب «العمال الكردستاني» ومقاتليه.

موقف ضد «العمال الكردستاني»

وأعلنت بغداد «العمال الكردستاني» «تنظيماً محظوراً»، بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لبغداد وأربيل في أبريل (نسيان) الماضي، إلا أن تركيا لا تزال تنتظر من بغداد إعلانه «منظمة إرهابية»، كما هو الحال في تركيا والاتحاد الأوروبي وأميركا.

وعشية زيارة بارزاني لأنقرة، هدد إردوغان بدفن المسلحين الأكراد بأسلحتهم إن لم يقوموا هم بدفن هذه الأسلحة، ملوحاً بعملية عسكرية تركية خارج الحدود، إذا كان هناك تهديد لحدود تركيا. وقال إن على جميع الأطراف أن تجري حساباتها على هذا الأساس.

كما انتقد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي حضر لقاء إردوغان وبارزاني، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي عقب مباحثاتهما في أنقرة، الاثنين، السماح بوجود عناصر حزب «العمال الكردستاني» في سنجار، قائلاً إنه ربما يتغير الوضع قريباً.

حوار مع أوجلان

وجاءت زيارة بارزاني في أجواء عملية جديدة بمبادرة من رئيس حزب «الحركة القومية»، حليف حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، دولت بهشلي، تضمنت دعوة زعيم «العمال الكردستاني»، السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، للحديث في البرلمان وإعلان حل الحزب، والتخلي عن أسلحته، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في إطلاق سراحه، مبرراً ذلك بالتطورات في المنطقة.

وأيد إردوغان دعوة حليفه، لكنه تجنب تماماً الإشارة إلى إمكانية إطلاق سراح أوجلان، الذي سمح لوفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا، بلقائه في سجنه في جزيرة إيمرالي ببحر مرمرة غرب البلاد، واختتم «وفد إيمرالي»، الذي يضم كلاً من نائبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» سري ثريا أوندر، وبروين بولدان، والسياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، الثلاثاء، جولة على الأحزاب السياسية، عقب اللقاء الذي تم مع أوجلان في سجن إيمرالي في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للتباحث حول ما جاء، والتصور المروح لحل المشكلة الكردية في تركيا، وإنهاء الإرهاب وحل حزب «العمال الكردستاني».

جانب من لقاء رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزال مع وفد إيمرالي (موقع الحزب)

وبدأت الجولة بلقاء رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، ورئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، الخميس الماضي، ثم لقاءات مع رئيسي حزبي «المستقبل» أحمد داود أوغلو، و«السعادة» محمود أريكان، ورئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم عبد الله غولر، وعدد من نواب رئيس الحزب، الاثنين، ثم لقاء رؤساء أحزاب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، أوزغور أوزال، و«الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، و«الرفاه من جديد» فاتح أربكان، الثلاثاء.

واستثني من اللقاءات حزب «الجيد» القومي، الذي رفض أي مفاوضات مع أوجلان.

ورحبت الأحزاب التركية بالعملية الجديدة، مشترطة أن تتسم بالشفافية، وأن تجرى من خلال البرلمان، وأن تحظى بأكبر مشاركة مجتمعية في كل مراحلها.

وشهدت تركيا في الفترة بين عامي 2013 و2015 عملية مماثلة استهدفت حل المشكلة الكردية، حظيت بدعم من مسعود بارزاني، الذي زار مدينة ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، بصحبة إردوغان الذي كان رئيساً للوزراء في 2013، قبل أن يعلن إردوغان نفسه في 2015 عدم الاعتراف بعملية الحل، قائلاً إنه لا يوجد مشكلة كردية في تركيا.