اتفاق «الوعر» ينقل مقاتلي المعارضة السورية المحاصرين إلى «درع الفرات»

40 حافلة أقلّت ألفي شخص بينهم 300 مسلّح إلى جرابلس بحماية روسية

مقاتلو من المعارضة وعائلاتهم يستعدون لركوب حافلات لمغادرة حي الوعر في حمص أمس (أ.ف.ب)
مقاتلو من المعارضة وعائلاتهم يستعدون لركوب حافلات لمغادرة حي الوعر في حمص أمس (أ.ف.ب)
TT

اتفاق «الوعر» ينقل مقاتلي المعارضة السورية المحاصرين إلى «درع الفرات»

مقاتلو من المعارضة وعائلاتهم يستعدون لركوب حافلات لمغادرة حي الوعر في حمص أمس (أ.ف.ب)
مقاتلو من المعارضة وعائلاتهم يستعدون لركوب حافلات لمغادرة حي الوعر في حمص أمس (أ.ف.ب)

انطلقت أمس المرحلة الأولى من اتفاق حي الوعر في مدينة حمص السورية، بخروج ألفي شخص بينهم 300 مقاتل معارض، من الحي المحاصر، إلى مدينة جرابلس الحدودية بمحافظة حلب في شمال سوريا. وتمت العملية بحماية الجانب الروسي بصفته الضامن الوحيد للاتفاق الذي وقّع بين لجنة التفاوض في الحي وبين ممثلين عن النظام السوري، وهو ما يؤشر إلى انضمامهم لقوات «درع الفرات» التي تدعمها تركيا وتحصر مهامها بقتال تنظيم داعش خلافا للانسحابات السابقة التي كانت تجري إلى محافظة إدلب حيث محاور القتال مع النظام.
كان المقاتلون الذين أدرجت أسماؤهم على لائحة الإجلاء قد توافدوا مع عائلاتهم إلى نقاط التجمّع المحددة داخل الحي، التي وصلتها حافلات النقل منذ ساعات الصباح الأولى. ولدى استكمال الاستعدادات وتأمين الخروج الآمن، استقلوا هذه الحافلات التي انطلقت بهم ظهراً باتجاه جرابلس، التي تسيطر عليها فصائل الجيش السوري الحرّ العاملة ضمن قوات «درع الفرات» والقوات التركية في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي.
الوجود الروسي على الأرض، ساهم في تنفيذ المرحلة الأولى للعملية من دون عوائق أو مضايقات من قبل النظام وميليشياته، وفق تعبير مدير مركز حمص الإعلامي أسامة أبو زيد، الذي أوضح أن الدفعة الأولى التي غادرت الحي تضمنت 2000 شخص، بينهم نحو 300 مسلّح، وعدد من المصابين، وتوجهوا على متن 40 حافلة إلى جرابلس.
وأكد أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضامن الوحيد للعميلة هو الطرف الروسي في قاعدة حميميم، بإشراف الجنرال ايغور كوناشيكوف الذي أشرف شخصياً على عملية الخروج»، مشيراً إلى أنه «لا وجود للأمم المتحدة ولا للصليب الأحمر الدولي، باستثناء الهلال الأحمر السوري الذي ساهم في نقل بعض المصابين من بيوتهم إلى الحافلات». وقال إن «عدد المسلحين داخل الحي يقدّر بألفي مقاتل، سيتم خروجهم على دفعات». وكان اتفاق التهجير وُقّع في 13 مارس (آذار) الحالي، بين لجنة التفاوض في حي الوعر وممثلي فصائل المعارضة، وبين ممثلين عن النظام بوساطة روسية، ونصّ الاتفاق على خروج أكثر من 12 ألف شخص من الحي على دفعات أسبوعية، من ضمنهم نحو 2000 مقاتل، على أن تبدأ الدفعة الأولى بالمغادرة خلال أسبوع. ورغم ما تضمنه الاتفاق من بنود تبدو في الشكل أنها تحفظ ماء وجه المعارضة، لكنه في المضمون يكرّس هيمنة النظام على الحي، مع تداعيات هذه الهيمنة، وشدد أسامة أبو زيد على أن «النظام والميليشيات الموالية له، لن يدخلوا الحي إلا بعد انتهاء إجلاء المقاتلين وعائلاتهم، لكن مع خروج آخر دفعة من المقاتلين، سيصبح تحت سيطرة النظام». ولفت إلى أن «الكتيبة الروسية ستكون موجودة فقط خلال مرحلة تنفيذ الاتفاق وليس بعد».
ويتضمّن الاتفاق نشر فرقة عسكرية روسية في حي الوعر، يتراوح عددها ما بين 60 و100 شخص، بينهم ضباط روس، تتلخص مهامها في مراقبة تنفيذ مراحل الاتفاق بدقة، وضمان التزام الأطراف به، والإشراف على عودة الأهالي والمهجرين إلى الحي، وكذلك عودة المهجرين الموجودين حالياً في الحي إلى منازلهم في أحياء حمص الأخرى، ومنع اعتقال الأهالي.
من ناحية ثانية، تسود مخاوف من عمليات انتقامية ضد المدنيين قد ينفذها النظام والميليشيات الموالية له، بعد الانتهاء من تنفيذ الاتفاق، باعتبار أن سكان الحي كانوا يشكلون بيئة حاضنة لمقاتلي المعارضة. إلا أن عضواً في لجنة التفاوض داخل حي الوعر رفض ذكر اسمه، قلل من هذه المخاوف، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الحي «لن يبقى فيه شباب ورجال قد يعتقلهم النظام ويجندهم للقتال في صفوفه». وتابع العضو المفاوض بأن «من سيبقى في الحي هم المسنون والأطفال والنساء فقط، الذين آثروا البقاء في بيوتهم ورفضوا الخروج منها، كي لا تحتلها الميليشيات الطائفية كما احتلت باقي مناطق حمص». وتحدث عضو لجنة التفاوض، أيضا، عن «حالات إنسانية مؤثرة جداً، حيث تجد الأب والأم يوضبون أمتعة أبنائهم الشباب، ويطلبون منهم المغادرة كي لا يكونوا عرضة للتشفي والانتقام»، لافتاً إلى أن أهالي حي الوعر «فقدوا الثقة بهذا النظام، الذي جوّع الناس واستهدفهم في منازلهم ودمّر الأفران والمراكز الطبية، وطاردهم إلى الملاجئ ليقتلهم بالبراميل المتفجرة». ويأتي الاتفاق بعد أكثر من شهر من القصف العنيف الجوي والمدفعي والصاروخي على الحي، من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها، التي خلفت أكثر من 250 قتيلاً وجريحاً، وسط نقص حاد في الكوادر الطبية والاختصاصات، وانعدام أدوية ومستلزمات العلاج للمصابين.
وقال الناشط الإعلامي ياسر المحمد من الحي، إن المقاتلين «خرجوا بسلاحهم الفردي فقط، في حين سلّموا السلاح الثقيل للقوات النظامية عن طريق اللجنة المدنية التي نظمت اللوائح الاسمية للخارجين»، مشيراً إلى أن اللجنة المدنية «ستنظم خلال الأيام القادمة لوائح اسمية حسب المنطقة التي يرغب كل من المغادرين الخروج إليها، كريف محافظة حمص الشمالي ومدينة إدلب».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.