عريقات: إعلان الصندوق القومي منظمة إرهابية بمثابة سحب اعتراف

ضغوط لمنع تطبيق القانون الذي يمس مالية المنظمة

صائب عريقات يخاطب ديبلوماسيين أجانب بالقرب من نابلس الخميس الماضي (رويترز)
صائب عريقات يخاطب ديبلوماسيين أجانب بالقرب من نابلس الخميس الماضي (رويترز)
TT

عريقات: إعلان الصندوق القومي منظمة إرهابية بمثابة سحب اعتراف

صائب عريقات يخاطب ديبلوماسيين أجانب بالقرب من نابلس الخميس الماضي (رويترز)
صائب عريقات يخاطب ديبلوماسيين أجانب بالقرب من نابلس الخميس الماضي (رويترز)

وصف صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قرار وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اعتبار الصندوق القومي الفلسطيني، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، مؤسسة إرهابية، بمثابة إلغاء اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقال عريقات في بيانـ إن «اعتبار الصندوق القومي الفلسطيني، وهو جزء أساسي من منظمة التحرير الفلسطينية، منظمة إرهابية، بمثابة إعلان إلغاء اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية. ونحن ننتظر موقفا رسميا من الحكومة الإسرائيلية». وشدد عريقات على اعتبار هذه الخطوة «أمرا خطيرا، ونحن طلبنا توضيحات من الولايات المتحدة ودول أخرى».
وكان ليبرمان قد أعلن وضع الصندوق القومي الفلسطيني على لائحة الإرهاب، متهما إياه بدفع عشرات الملايين من الشواقل (العملة الإسرائيلية) بشكل شهري لمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. علما بأن هذا الصندوق القومي تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو الذي يمول جميع فصائل المنظمة، وكان يعد وزارة مالية الفلسطينيين قبل تأسيس السلطة الفلسطينية.
ويخصص الصندوق، الذي يحيط برصيده ومصادر تمويله كثير من السرية، أمواله لفصائل المنظمة ومعتقلين في السجون الإسرائيلية وعائلات «شهداء»، وأي احتياجات للاجئين الفلسطينيين في الشتات أو مؤسسات تابعة للمنظمة. ولم يكن الصندوق يدفع سابقا للأسرى، حيث كانت مخصصاتهم تدفع من خلال وزارة شؤون الأسرى التي اضطرت السلطة إلى إلغائها بسبب انتقادات دولية حول دفع الأموال الممنوحة لمعتقلين، وحولتها (الوزارة) إلى هيئة تابعة للأسرى، وأصبح الصندوق القومي هو الذي يتولى مهمة دفع المخصصات.
ويعتقد أن مصدر الأموال هي هبات واستثمارات كبيرة في أماكن كثيرة في العالم، وليس فقط في أراضي السلطة الفلسطينية.
وقال ليبرمان إن هذا الصندوق «هو منظمة إرهابية؛ لأنه يوفر دعما هائلا للإرهابيين»، موضحا أن لدى الصندوق «دورا مركزيا في الدعم المالي للإرهابيين الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل، وهو يستخدم كأهم مسلك لتحويل الأموال».
واستخدم ليبرمان قانون «الحرب ضد الإرهاب» الإسرائيلي منذ عام 2016 لإعلان الصندوق إرهابيا، وقال بهذا الخصوص: «سوف نتخذ الخطوات الضرورية لمصادرة أموال وأملاك الصندوق، من أجل منع دعم الإرهاب».
وعقب عريقات على تصريحات ليبرمان بأن «هذا يعني تدميرا للسلطة».
وكانت الرئاسة الفلسطينية قد وصفت تصريحات ليبرمان بخرق أساسي لاتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وأضافت في بيان صحافي: «إن الصندوق القومي من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، والذي يؤدي دوره وفق الاتفاقات الموقعة، ووفق المعايير الدولية بكل شفافية ومراقبة دولية».
وتابع البيان موضحا: «إنه في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الأميركية، ومن خلال محادثاتها مع الأطراف كافة، ووجود مبعوث الرئيس ترمب في المنطقة لإيجاد مناخ يساهم في صنع السلام، فإن هذا الإعلان يعتبر محاولة إسرائيلية لإعاقة وتخريب الجهود الأميركية والاستخفاف بها».
وقالت الرئاسة: «نرفض هذا القرار رفضاً تاماً، ونطالب الحكومة الإسرائيلية بمعالجة هذا الأمر فوراً، والتراجع عنه؛ لأن ذلك سيؤدي إلى نسف أسس الاتفاق والعلاقة القانونية مع إسرائيل. والرئاسة تدعو دول العالم كافة إلى رفض هذا الإعلان حفاظاً على اتفاق رعته الولايات المتحدة والعالم بأسره».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.