حور القاسمي القوة الدافعة للبينالي: تفاعل الجمهور يعني لي الكثير

الشيخة حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون
الشيخة حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون
TT

حور القاسمي القوة الدافعة للبينالي: تفاعل الجمهور يعني لي الكثير

الشيخة حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون
الشيخة حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون

الحديث مع حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون دائما يحمل متعة هادئة ويعكس حبا عميقا للفنون ودورها في المجتمع. تنشغل هذه الأيام بفعاليات بينالي الشارقة 13 وتتنقل بين جنبات منصات العرض المختلفة بهدوء. أجلس معها في مقر مؤسسة الشارقة للفنون وأسألها بينما ترتشف فنجانا من القهوة العربية: «بماذا تشعرين الآن؟» بكلمة واحدة: «سعيدة»، تختصر أشهرا من الإعداد والترتيب للبينالي، وتضيف «سعيدة بانطباعات زوار البينالي. وأيضا بانطلاق استوديوهات الحمرية التي استخدمناها لعرض أعمال البينالي، هناك جانب آخر وهو أن الاستوديوهات أمر جيد لسكان المنطقة فقد خلقت حالة من النشاط التي تمتد للإمارات المجاورة».
فعاليات البينالي تعقد في عدد كبير من مرافق المدينة وشوارعها وبيوتها الأثرية، أسألها إن كانت تختار مع فريق عملها الأماكن التي تستخدم للعرض، تقول: «هناك أماكن نستخدمها في كل دورات البينالي وأخرى تم اختيارها بناء على المناقشة مع قيمة البينالي كريستين طعمة وما بينها وبين الفنانين المشاركين. وهذا العام اقترحت استخدام مبنى القبة السماوية وتحفظت كريستين في البداية ولكنها سرعان ما عرضت الفكرة على الفنانين المشاركين وطلب بعضهم استخدام المبنى لعرض أعمالهم».
عنوان البينالي وموضوعه الأساسي كلمة «تماوج»، كيف تحقق المضمون في الأعمال المشاركة؟ تقول: «يمكنك رؤية جوانب من هذا المعنى في كل مشروع».
أشير إلى أن البرنامج متخم بالعروض والمحاضرات وعروض الفيديو ولا بد للزائر خاصة القادم من الخارج أن يقسم وقته لرؤية أكبر عدد من الفعاليات، ولكن حور تشير إلى أن جمهور الإمارات ودول الخليج المجاورة لا يكتفي بزيارة واحدة «عدد كبير يعود كل أسبوع وخاصة من الدول المجاورة مثل السعودية، يزورن البينالي ثم يعودون برفقة أصدقائهم لرؤية المزيد».
خارج مبنى المؤسسة محاط بالأعمال الفنية، ففي ساحة صغيرة أمام المبنى وضعت دروع سوداء حول حديقة صغيرة، وعبر الشارع علق الفنان ناجي أستارا عملاقة ملونة على مدخل متحف الشارقة، يعاصر الزائر للبينالي الأعمال والشوارع والمباني كلها في خلطة واحدة تمنح المدينة مذاقا ثريا، تشير إلى أن هذه كانت سياسة البينالي منذ 15 عاما «في كل دورة نكتشف شيئا جديدا ونحاول أن نستغل المساحة أمامنا وهو ما يكون بطلب من أهالي المنطقة نفسها في كثير من الأحيان. هي تجربة قد تنجح وإذا لم توفق نجرب مرة أخرى بتوليفة مختلفة. بالنسبة للدروع السوداء التي تشاهدينها في الخارج لم نعرف كيف سيتفاعل زوار البينالي مع عمل ضخم يقتطع جانبا من مساحة محببة لهم يلعب فيها الأطفال دائما. رد الفعل كان جيدا، فالعمل أثار الكثير من التساؤلات حول معناه».
يأخذنا الحديث للفائدة التي يجنيها أهل الإمارات من البينالي، تقول: «كثير من المتطوعين الذين يعملون معنا كبروا مع البينالي، بعد انضمامي للعمل لاحظت التغيير الذي يحدثه في الناس، في الجامعات التي تساهم معنا وفي المتعاونين الذين يبدأون عملهم معنا خلال فترة دراستهم الجامعية وبعد التخرج أصبحوا من منسوبي المؤسسة».
البينالي كان بداية وشرارة لإطلاق فعاليات فنية ضخمة في باقي الإمارات: «الكثير من الفعاليات انطلقت بعدنا على سبيل المثال معرض (آرت دبي) ثم مشاريع المتاحف في أبوظبي وغيرها. أعتقد أن تلك المناسبات قربت بين الإمارات المختلفة وجعلت الجمهور يتغلب على المسافة الكبيرة بين الشارقة على سبيل المثال وأبوظبي لحضور الفعالية هنا أو ليزور المتاحف هناك...».
تأمل القاسمي أن يحقق البينالي الكثير للجمهور المحلي «تفاعل الجمهور مع البينالي يعني لي الكثير».
تتحدث بحماسة حول البرنامج التعليمي المصاحب للبينالي: «يعمل في البرنامج فريق خاص، نريد أن نشغل الطلاب وأن نقدم لهم أشياء جديدة يستفيدون منها».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».