أبدت «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»، وهي أهم تنظيم ديني في البلاد مستقل عن الحكومة، استياء من «المال الفاسد» الذي استشرى في فترة إعداد لوائح المترشحين لانتخابات البرلمان المرتقبة في 4 مايو (أيار) المقبل. واعتقلت الشرطة مؤخرا، 6 أشخاص بشبهة دفع رشى مقابل وضع أشخاص في مقدمة لوائح «جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وكتب الشيخ عبد الرزاق قسوم رئيس «العلماء المسلمين»، بموقعها الإلكتروني، إن «الأصل في الانتخابات وفي كل الدساتير والقوانين العالمية، أن تُبنى على الطهر فلا تُنجّس. وأن تحاط بالقدسية فلا تُدنّس، وأن تقام على الحرية والشفافية، فلا يصيبها تلوث أو تجسس». وقال إن «الانتخابات في حقيقتها إدراك وفهوم، يستوي في ذلك الحاكم والمحكوم، والإمام والمأموم، والأمي العامي وصاحب العلوم... فهي ليست مجرد ممارسات للحقوق والواجبات، أشبه ما تكون بالطقوس والعادات، وإنما هي ثقافة سياسية يصاحبها وعي، وقيم خلقية يتبعها سعي، فإن لم تكن كذلك، فهو الانحراف، والفساد، والبغي». وانتقد قسوم «المقدمات الخاطئة التي انطلق منها تنظيم الانتخابات، فبدل أن نبحث عن تجسيد الشعارات في النزاهة والإخلاص والكفاءات، تتدخل المحسوبية والعشائرية وفساد الذمة الوطنية والمالية، وبذلك أفرغت دساتيرنا ومواثيقنا من محتواها الصحيح، وعرضناها للتشويه والتقبيح»، مشيرا إلى «أننا نرى أعراض الحمى الانتخابية قد لاحت، فأحزاب قد جاءت وأخرى قد ناءت. فالبعض يرفع شعار الإدارة والعمارة، والإنارة، والآخر يغري بالإثارة، و(الشكارة) تفاديا للخسارة، وتعويضاً للنزاهة، والكفاءة، والمهارة». وتعد «الشكارة» (الكيس) كناية عن تغلغل المال المشبوه الذي لا يعرف له أثر، في السياسة وبخاصة في البرلمان. وأضاف قسوم بنبرة تذمر: «هكذا، بدل أن يكون الانتخاب، كما هو في حقيقته رمزاً للوطنية، والانتماء وحسن الانتساب، تحول عندنا إلى تنابز بالألقاب، وإلى مثير للاضطراب، بل وإلى الانتحاب داخل الأسر والعشائر وبين الأحباب».
وتابع الشيخ قسوم، يصف الوضع الذي يسبق الانتخابات: «هذه، واحسرتاه، مراحل الانتخابات كما يصورها الراسخون فيها، والذين اكتووا بنيرانها، فأحرقتهم وأقضتهم لياليها، ولا تسل عن مصير الطعون، فكل ذلك إنما هو ذر للرماد في العيون». وانتقد ضمناً «الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات»، التي تتكون من 400 عضو، نصفهم قضاة، فقال: «أما لجنة الإشراف على الاقتراع، فيجب أن يتولاها أهل الحل والعقد السياسي والديني والاجتماعي، ذلك أن محراب الانتخابات يقتبس من محراب الدين، لا يتولاه إلا المطهرون عقدياً ووطنياً وأخلاقياً واجتماعياً، ولا عبرة بما يكون عليه أهل الحل والعقد، من مذهبية دينية أو آيديولوجية وطنية».
واستحدث التعديل الذي أدخله الرئيس على الدستور، العام الماضي، «هيئة الانتخابات» كضمانة على نزاهة الاقتراع. واختار رئيسا لها الإسلامي المعارض سابقا، عبد الوهاب دربال، الذي كان سفيرا للجامعة العربية لدى الاتحاد الأوروبي. وعرفت «جمعية العلماء»، خلال ثلاثينات القرن الماضي، وفي عهد مؤسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس، بمحاربة الاستعمار الفرنسي، وتخليص فئات واسعة من الجزائريين من سيطرة الطرقية والشعوذة. وبعد الاستقلال (1962) تعرض قادتها للاضطهاد من طرف الحكام الثوريين، بسبب خطابهم غير المهادن تجاههم. وظلت على هذا الموقف إلى اليوم، لذلك حرمتها الحكومات المتعاقبة من كل أشكال الدعم التي تمنح للجمعيات والتنظيمات «الطيعة».
ويواجه أمين عام «جبهة التحرير» الدكتور جمال ولد عباس، فضيحة كبيرة بسبب ضبط نجله، من طرف الشرطة، داخل شقة بصدد تسلم نحو 500 ألف دولار، رشوة، مقابل ترشيح أشخاص على رأس لوائح الحزب. ولما سئل ولد عباس عن هذه الفضيحة، أصيب بنوبة غضب. وقال للصحافي الذي سأله عن ورطة ابنه: «ألا تخجل؟ ألا تعرف من أنا؟». وتم أيضا ضبط قيادية الحزب، سليمة عثماني، متلبسة بتقاضي رشوة بقيمة 100 ألف دولار، بالعملة المحلية، لوضع شخص في مقدمة مرشحي «الجبهة» بولاية قسنطينة بشرق البلاد. و«الجبهة» هي صاحبة الأغلبية في البرلمان الذي انتهت ولايته، وينتظر أن تحافظ على هذه المكانة في البرلمان الجديد.
علماء الجزائر يهاجمون «المال الفاسد» قبل الانتخابات
حزب الأغلبية غارق في شبهة الرشوة أثناء اختيار لوائح المرشحين
علماء الجزائر يهاجمون «المال الفاسد» قبل الانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة