ليبيا: إحباط محاولة لتهريب سجناء نظام القذافي بوسط طرابلس

انقسام بين الميليشيات المسلحة حول هدنة لحكومة السراج

ليبيا: إحباط محاولة لتهريب سجناء نظام القذافي بوسط طرابلس
TT

ليبيا: إحباط محاولة لتهريب سجناء نظام القذافي بوسط طرابلس

ليبيا: إحباط محاولة لتهريب سجناء نظام القذافي بوسط طرابلس

في حين سخرت أمس سفارة إيطاليا في ليبيا من شائعات ترددت حول استعدادها لإخلاء مقرها في العاصمة الليبية طرابلس بسبب تدهور الوضع الأمني والعسكري حاليا، دخل سجن الهضبة، حيث يقبع كبار المسؤولين السابقين في نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، في دائرة مرمى نيران الميليشيات المسلحة التي تتصارع منذ نحو عامين على السلطة والنفوذ في المدينة، وسط حديث عن إحباط محاولة لتهريب سجناء نظام القذافي وسط العاصمة طرابلس».
ولم يمنع التوتر المستمر في العاصمة طرابلس، بضع عشرات من سكانها من التظاهر أمس في ميدان الجزائر بوسط المدينة، رافعين لافتات تطالب بخروج كل الميليشيات منها.
وردد متظاهرون هتافات في وقت سابق من مساء أول من أمس تحث المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي في شرق البلاد، على التقدم نحو العاصمة لتحريرها من قبضة الميليشيات المسلحة، لكن مسؤولين مقربين من حفتر قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن لديه «خطة غير معلنة لتحرير المدينة في الوقت المناسب»، على حد قولهم.
وتحدثت تقارير غير رسمية عن احتمال قيام بعثات دبلوماسية وسفارات عدة لدول عدة، أبرزها إيطاليا وتركيا بإجلاء دبلوماسييها من طرابلس؛ تحسبا لتوسع دائرة الاشتباكات، بينما نفت السفارة الإيطالية بطرابلس أنها تستعد لمغادرة العاصمة الليبية.
وقالت السفارة في بيان مقتضب بشكل ساخر، عبر تغريدة بثتها على موقع «تويتر»: «وردنا خبر إخلاء سفارتنا من خلال متابعتنا للقنوات الليبية البارحة من داخل مقر إقامتنا بطرابلس»، مضيفة: «جمعة مباركة من العاصمة».
وقالت مصادر طبية وأمنية: إن حصيلة الاشتباكات وصلت إلى 8 قتلي و40 جريحا في الاشتباكات التي اندلعت بين الكتائب الموالية للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج والكتائب المناوئة له التي تتركز في مناطق «الهضبة» و«صلاح الدين» و«خلة الفرجان» في طرابلس.
وبات سجن الهضبة الذي يخضع لحراسة مشددة وسط العاصمة طرابلس، هدفا لهجوم ميليشيات مسلحة، حيث يقبع 38 شخصاً من المسؤولين السابقين في نظام القذافي بعد إدانتهم بمحاولة قمع الانتفاضة الشعبية التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) عام 2011 ضده، وانتهت بسقوط نظامه ومقتله.
وقال سكان محليون ومصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن «الطرق المؤدية إلى السجن أغلقت تماما، واندلعت اشتباكات عنيفة بعد حالة من الاستنفار بين الميليشيات التي تحمي السجن بقيادة خالد الشريف، وكيل وزارة الدفاع السبق والقيادي البارز بالجماعة الليبية المقاتلة، وميليشيات أخرى تابعة على ما يبدو لحكومة السراج». في حين أعلن خليفة الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ الذي خسر للتو مكاتبه في طرابلس، أن ميليشيات السراج هاجمت السجن الذي يتواجد فيه عدد من السجناء الموقوفين بإشراف النيابة العامة، بينهم مسؤولو النظام السابق. ومن بين المسؤولين السابقين في نظام القذافي الموجودين داخل السجن نجله الساعدي، إضافة إلى صهره ورئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي، ومسؤولين آخرين.
وقال خالد الشريف، مسؤول السجن إن «معركة بالأسلحة دارت في محيط السجن في محاولة لتهريب السجناء أسفرت عن مقتل 3 من الحراس»، مشيرا إلى تأمين المنطقة التي يقع داخلها السجن، واعتبر أن إدارة سجن الهضبة بمنأى عن أي جدل سياسي في العاصمة، مهددا بتقديم مذكرة للنائب العام للعمل على ملاحقة المتورطين في الهجوم الذي تعرض له السجن.
وكانت إدارة السجن قد أعلنت أن جميع المحتجزين بداخله بصحة جيدة، ما اعتبر بمثابة أول تأكيد رسمي على عدم نجاح عملية محتملة لتهريب السجناء.
وتصاعدت حدة الرفض بين تشكيلات مسلحة موالية لحكومة السراج في طرابلس لاتفاق أعلنت عنه الحكومة أول من أمس ويقضي بوقف فوري لإطلاق النار بين الميليشيات المسلحة التي يتوزع انتماؤها ما بين حكومة السراج وحكومة الإنقاذ الوطني التي يترأسها غريمه السياسي خليفة الغويل وتعتبر موالية للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) لسابق والمنتهية ولايته.
وقالت قوة الردع والتدخل المشتركة - محور أبو سليم الكبرى: «نؤكد للجميع أننا لم نكن طرفاً في توقيع الاتفاق»، لكنها أوضحت في المقابل أنها لن تقف «ضد مساعي حقن الدماء».
وأضافت: «لسنا دعاة حرب ونراقب عن كثب مجريات الأمور ولن نرضى إلا بالحلول الكاملة»، وتابعت: «لن نتخلى عن أهل العاصمة في تلبية مطالبهم والعيش في سلم وأمان وطرد العصابات التي تؤرق مضاجع سكانها».
ومنذ توليها مهامها قبل عام، لم تتمكن حكومة السراج من بسط سلطتها في كل أنحاء البلاد. وفي طرابلس، تمكنت من الحصول على تأييد بعض الفصائل المسلحة، لكن هناك أحياء عدة لا تزال خاضعة لسيطرة مجموعات أخرى معادية لها.
وكانت كتيبة ثوار طرابلس قد أعلنت رسميا أنه، وباعتبارها إحدى كتائب طرابلس التي أخذت على عاتقها حماية مدينة طرابلس وأحيائها وخدماتها، فلن ترضى بأنصاف الحلول والاتفاقيات الشكلية التي ليس لها في الواقع رصيد، وأن الاتفاق الذي وقع بحضور المجلس الرئاسي لحكومة السراج، لا يمثلها ولا يمثل تطلعات الأهالي.
والتشكيلان اللذان نددا باتفاق الهدنة معروفان بدعمهما حكومة السراج التي تحظى بتأييد المجتمع الدولي؛ الأمر الذي يزيد حال الارتباك في طرابلس التي تعاني انعدام الأمن منذ فترة طويلة. وأعلنت حكومة السراج عن اتفاق ينص على «الوقف الفوري لإطلاق النار في العاصمة طرابلس، وخروج كافة التشكيلات المسلحة» منها، وفقا للاتفاق السياسي خلال مهلة 30 يوما إلى جانب «إطلاق كافة المعتقلين على الهوية». ووقع على الاتفاق مسؤول من الحكومة، إضافة إلى وزارتي الدفاع والداخلية وعمداء بلديات وآمري مجموعات مسلحة في طرابلس ومصراتة، المدينة الواقعة في الغرب الليبي التي تنحدر منها غالبية المجموعات المسلحة المتواجدة في العاصمة.
واستنادا إلى الاتفاق تم تكليف قوات موالية لحكومة السراج بتأمين مناطق تسيطر عليها فصائل متنافسة.
وتجددت المعارك لفترة وجيزة في الهضبة الخضراء بجنوب العاصمة، حيث يوجد مستشفى كبير والمعتقل الذي يضم سجناء موالين للنظام السابق، كما أغلقت معظم المتاجر وكل المدارس والجامعات أبوابها، فيما خلت الطرقات من السيارات.
وتمكنت الميليشيات الموالية لحكومة السراج من طرد مجموعات مسلحة موالية لحكومة الغويل والسيطرة على مقرها إلى الجنوب من وسط طرابلس بعد معارك عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة.
وبدأ الهجوم أولا على محيط قصر الضيافة الذي يضم نحو عشر فيلات فاخر،ة وكان يستخدم مقرا لقيادة مجموعات موالية الغويل، الذي استبعد من السلطة العام الماضي مع تشكيل حكومة السراج.
ويرى محللون لوكالة الصحافة الفرنسية، أن عملية الميليشيات الموالية لحكومة السراج، يرجح أنها تمت في إطار تطبيق الاتفاق السياسي الليبي المنبثق عن مفاوضات جرت تحت إشراف الأمم المتحدة في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية العام قبل الماضي، والذي نص على خروج المجموعات المسلحة من طرابلس والمدن الليبية عموما.
وتشهد ليبيا فوضى وانقسامات منذ الإطاحة بنظام القذافي عام 2011، وتتنافس فيها ثلاث حكومات، منهم اثنتان في طرابلس، هما حكومة السراج التي تحظى بدعم المجتمع الدولي وحكومة الغويل، وأخرى في الشرق موالية لمجلس النواب والجيش الوطني الذي يقوده المشير حفتر.



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.