إردوغان: القضاء الأوروبي يشن «حربا صليبية»

أنقرة تدرس إلغاء اتفاق إعادة قبول المهاجرين وبروكسل تحذر

إردوغان: القضاء الأوروبي يشن «حربا صليبية»
TT

إردوغان: القضاء الأوروبي يشن «حربا صليبية»

إردوغان: القضاء الأوروبي يشن «حربا صليبية»

في استمرار للحرب الكلامية مع أوروبا، اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان القضاء في الاتحاد الأوروبي بإطلاق ما سماه «حملة صليبية» ضد الإسلام عبر إصدار قرار يجيز للمؤسسات حظر ارتداء الحجاب في مكان العمل.
وقال إردوغان الذي كان يتحدث لجمع من مؤيديه في مدينة سكاريا غرب تركيا أمس الخميس: «محكمة الاتحاد الأوروبي، محكمة العدل الأوروبية يا إخواني، بدأت حملة صليبية ضد الهلال (رمز الإسلام)... أين هي الحرية الدينية؟ عار على قيمكم، عار على قانونكم وعدالتكم... أوروبا تعود بسرعة إلى أيام ما قبل الحرب العالمية الثانية».
وأصدرت محكمة العدل الأوروبية قرارا يسمح للشركات بمنع الموظفين من إظهار وارتداء رموز دينية أو سياسية، وقالت: إن مثل هذا الحظر «لا يشكل تمييزا مباشرا»، لكن يجب أن يبرر بـ«هدف مشروع» كإعلان انتهاج سياسة حيادية حيال الزبائن.
في المقابل، اعتبر الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الخميس تصريحات إردوغان الذي تحدث عن «ذهنية نازية» في ألمانيا وهولندا، بأنها «غير مقبولة»، وفق بيان صادر عن الإليزيه عقب اتصال هاتفي بين هولاند وميركل حيث أكد: «رئيس الجمهورية والمستشارة يعتبران غير مقبولة المقارنات مع النازية والتصريحات المعادية لألمانيا أو دول أخرى أعضاء». وشدد هولاند على «تضامن فرنسا مع ألمانيا ومع دول أخرى أعضاء في الاتحاد تستهدفها مثل هذه الهجمات».
وبحسب الإليزيه، فإن الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية «بحثا أيضا احتمال مشاركة مسؤولين سياسيين أتراك في فعاليات في فرنسا أو ألمانيا في إطار الاستفتاء المرتقب في تركيا في 16 أبريل (نيسان) المقبل والذي يهدف لتوسيع صلاحيات الرئيس التركي».
وتشن تركيا هجوما حادا على هولندا وألمانيا لرفضهما مشاركة الوزراء الأتراك في التجمعات التي تهدف إلى تشجيع الجالية التركية للتصويت بـ«نعم» في الاستفتاء التركي. كما علق إردوغان على نتائج الانتخابات الهولندية التي أجريت الأربعاء قائلا إن رئيس الوزراء الهولندي مارك روته كسب الانتخابات لكن خسر صداقة أنقرة.
في السياق نفسه، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن الدول الأوروبية باتت تبني سياساتها وفقاً لتركيا، مشيراً إلى أن نتائج الانتخابات البرلمانية في هولندا تعد دليلا على ذلك.
وحذر يلدريم في كلمة له خلال تجمّع جماهيري في ولاية تشانكيري وسط تركيا أمس في إطار حملته للاستفتاء على التعديلات الدستورية الحكومات الأوروبية من خطر انتهاج السياسات المعادية للإسلام والأتراك، مبيناً أن خوفها من الإسلام لن يجلب لها نتائج طيبة على الإطلاق. وقال: إن بعض الدول الأوروبية، ومنها ألمانيا وهولندا وسويسرا، تصبح ديكتاتورية وقمعية بين ليلة وضحاها، وتُظهر انحيازها الصريح عندما يتعلق الأمر بتركيا.
كما علق نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش المتحدث باسم الحكومة على نتائج الانتخابات الهولندية معتبرا أن تعزيز اليمين المتطرف بقيادة غيرت فيلدرز، مقاعده في البرلمان يعتبر وضعاً يبعث القلق حول مستقبل هولندا. وأضاف في كلمة في تجمع مماثل في إلازيغ شرق تركيا أن تركيا تأمل أن تشكل هولندا حكومة معتدلة في المرحلة المقبلة وتنتظر منها اتخاذ خطوات لعلاج الأزمة الراهنة بين البلدين التي قال: إن الجانب الهولندي افتعلها.
ونقلت تركيا قضية ممارسات هولندا تجاه وزيرة الأسرة، فاطمة بتول صايان كايا، إلى الأمم المتحدة من خلال مذكرة احتجاج قالت فيها إن «المعاملة الفظة» التي تعرضت لها الوزيرة تمثل انتهاكا لمعاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
واعتبر جاويش أوغلو أنه لا فرق بين حزب رئيس الوزراء الليبرالي مارك روته الذي فاز في الانتخابات التشريعية و«الفاشي» غيرت فيلدرز، اليميني المتطرف المعروف بعدائه للإسلام والمهاجرين، والذي خسر حزبه الانتخابات. وأشار إلى أن بلاده ليست لها مشكلة كبيرة مع ألمانيا في الوقت الراهن، موضحا أنهم تخطوا الأزمة بين البلدين بشكل كبير، والتي حدثت بعد إلغاء بلدية ألمانية، فعالية كان من المقرر أن يشارك فيها وزير العدل التركي بكير بوزداغ. وأكد جاويش أوغلو أن بلاده لا تريد تصعيد التوتر مع ألمانيا ولا مع هولندا، وأن أياً من الأزمتين لم تفتعلهما تركيا، وأن أوروبا وقعت في وضع سيؤدي إلى فقدانها قيمها، عبر انتشار العنصرية، ومعاداة الأجانب والإسلام والأتراك والمهاجرين.
وأعلنت أنقرة أنها تدرس مسألة إلغاء اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين وإعادة قبول المهاجرين الموقع بين الجانبين في الثامن عشر من مارس (آذار) من العام الماضي. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية أمس إن تركيا قد تلغي اتفاق اللاجئين وإعادة قبول المهاجرين، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي يهدر وقت بلاده فيما يخص مسألة استخراج التأشيرات. وأضاف جاويش أوغلو أن تركيا لا تطبق في الوقت الراهن اتفاق إعادة قبول المهاجرين، لأنها عاكفة على تقييم أوضاع اللاجئين.
وردا على تصريحات جاويش أوغلو، أعلن متحدث باسم المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي يتوقع من تركيا أن تحترم التزاماتها الواردة في اتفاق الهجرة المبرم بين الطرفين والذي هددت أنقرة بإعادة النظر فيه في أوج الأزمة الدبلوماسية مع هولندا وألمانيا.
وقال المتحدث مارغاريتيس سكيناس: «نبقى ملتزمين بتطبيق اتفاق الاتحاد الأوروبي وتركيا هذا التزام قائم على الثقة المتبادلة ويهدف إلى تحقيق نتائج ونتوقع من الطرفين الوفاء بالتزاماتهم».
وكانت تركيا وافقت بموجب الاتفاقية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي العام الماضي على استقبال المهاجرين الذين سافروا بطريقة غير شرعية إلى الاتحاد الأوروبي، مقابل وعد بالسماح للأتراك بالسفر إلى دول الاتحاد من دون الحصول على تأشيرة إلى جانب الحصول على دعم مادي يصل إلى 6 مليارات يورو في مقابل منع اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من العبور إلى اليونان فضلا عن تسريع محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.