اجتماعات للمعارضة السورية تحضيراً للجولة المقبلة من «جنيف»

«الائتلاف» و«الهيئة العليا» يرتبان أوراقهما ويتمسكان بمطلب تراتبية بحث «السلة الثلاثية»

رجل من درعا يعبر بدراجته أمس أمام أبنية دمرها قصف الطيران الحربي (أ.ف.ب)
رجل من درعا يعبر بدراجته أمس أمام أبنية دمرها قصف الطيران الحربي (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات للمعارضة السورية تحضيراً للجولة المقبلة من «جنيف»

رجل من درعا يعبر بدراجته أمس أمام أبنية دمرها قصف الطيران الحربي (أ.ف.ب)
رجل من درعا يعبر بدراجته أمس أمام أبنية دمرها قصف الطيران الحربي (أ.ف.ب)

بدأت الأنظار تتوجّه إلى مفاوضات «جنيف» المزمع عقده في 23 مارس (آذار) الحالي بعد فشل الجولة الثالثة من آستانة والتي لا تستبعد المعارضة أن تنعكس نتائجها سلبا على المباحثات في جنيف، في وقت اعتبر فيه المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا أن «الهجمات الانتحارية التي شهدتها دمشق وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، مشيراً إلى أنها تهدف لتعطيل محادثات السلام».
ومن المتوقع أن تتكثف اجتماعات الهيئة العليا للمفاوضات في الأيام المقبلة تحضيراً لمفاوضات جنيف، حيث أنهت يوم أمس الهيئة السياسية في الائتلاف اجتماعاتها، بحضور أعضاء في الهيئة العليا للمفاوضات والوفد المفاوض والوفود الاستشارية والإعلامية، حول «جنيف». وكان تأكيد من المجتمعين على أهمية التمسك بمطلب التراتبية في بحث المواضيع المقترحة وليس كما سبق لدي ميستورا أن أعلن أن البحث سيتم بشكل متوازٍ بين الملفات، بحسب ما أوضح نائب رئيس الائتلاف السابق هشام مروة. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفقرة 16 من القرار 2118 تنص صراحة على أن الحل يبدأ بتشكيل هيئة حاكمة انتقالية»، مشيراً إلى أنه بعد ذلك يمكن البحث في المواضيع الأخرى المتمثلة بالدستور والانتخابات والإرهاب.
من جهته قال فؤاد عليكو عضو وفد الهيئة العليا التفاوضية، لـ«الشرق الأوسط»: «لغاية الآن لا نزال نتمسك بموقفنا لجهة تراتبية البحث في السلّة الثلاثية (الانتقال السياسي والدستور والانتخابات) مع عدم رفضنا بحث (قضية الإرهاب)، ومن المتوقع أن تتضح معالم موقفنا بشكل أكثر بعد اجتماع الهيئة المحدد اليوم الجمعة وغدا السبت لبحث مفاوضات جنيف 4 بمساريها الماضي والمقبل، ومن ثم اجتماع الوفد المفاوض لبحث ما قرّرته الهيئة في 19 و20 مارس الحالي. وانطلاقا من المعطيات الحالية وعدم تنفيذ أي من الاتفاقات السابقة رغم الوعود التي كانت روسيا قد قدّمتها، يجد عليكو أن فرص نجاح جولة جنيف المقبلة، ضئيلة جدا أو حتى معدومة»، مضيفاً: «نحن سنذهب لبحث الانتقال السياسي لكن لن يحصل أي تقدم، ومما لا شك فيه أن النظام سيبقى متمسكا بموقفه».
وفي نهاية اجتماع الهيئة السياسية في الائتلاف، يوم أمس، أوضح أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف رياض الحسن أن الاجتماعات بحثت عدداً من الأوراق التي يجري العمل عليها، والتي تتضمن مسارات التفاوض التي أعلن عنها المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا، والتي تشكل جدول أعمال الجولة الجديدة من التفاوض.
ولفت الحسن الانتباه إلى أن هذه الأوراق تتضمن القضايا المتصلة بالقيام خلال فترة ستة أشهر بإنشاء هيئة حاكمة جديدة، إضافة إلى الدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب وتدابير بناء الثقة.
وبيّن الحسن أن المجتمعين وضعوا ملاحظاتهم على الـ«لا ورقة» التي قدمها دي ميستورا في جولة التفاوض الأخيرة، وتتضمن المبادئ الأساسية.
وأكد أمين سر الهيئة السياسية أن هذه التحضيرات تأتي في سياق الدعم الذي يوفره الائتلاف الوطني للوفد المفاوض في سبيل تحقيق العملية السياسية الانتقالية الشاملة التي تلبي مطالب الثورة بنيل الحرية والكرامة.
مع العلم أن رئيس الوفد إلى جنيف، نصر الحريري، كان قد أكد «عزم الوفد مناقشة تفاصيل عملية الانتقال السياسي والتصدي لجرائم الحرب والإرهاب العابر للحدود وإرهاب الدولة، ووضع دستور جديد للبلاد، والدخول في انتخابات حرة ونزيهة بعد إنجاز الانتقال السياسي وتشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية كاملة الصلاحيات». وحذر من محاولات النظام «وضع العراقيل أمام العملية السياسية، والبقاء في دوامة من المناقشات قد لا تنتهي»، مطالباً الأمم المتحدة «باتخاذ قرارات محددة من أجل إجبار النظام على الدخول في مفاوضات جادة، وإنهاء محاولاته للتهرب من الاستحقاقات الدولية».
ولم يستبعد مروة «أن ينعكس فشل آستانة سلباً على (جنيف)، وهو ما قد يتسلّح به النظام الذي سبق لرئيس وفده بشار الجعفري أن اعتبر غياب الفصائل يظهر العورة السياسية لها، متّهماً أيضاً «تركيا بالمسؤولية عن هذا الأمر لعرقلة آستانة، وهو ليس صحيحاً على الإطلاق والدليل على ذلك أن الجبهة الجنوبية لم تحضر أيضاً المباحثات».
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر بارزة في المعارضة السورية لـ«وكالة الأنباء الألمانية» أنه لا علاقة لتركيا بمقاطعتهم جولة محادثات آستانة، وشددت على أن هذا الموقف لن يتغير من أي محادثات قادمة ما لم تتوقف خروقات القوات الحكومية والقوات الداعمة لها.
ونفى محمد علوش، القيادي بجماعة «جيش الإسلام» رئيس وفد المعارضة السورية بجولتي محادثات آستانة السابقتين، للوكالة نفسها، أن تكون تركياً مارست أي ضغوط على فصائل المعارضة العسكرية لمنعها من المشاركة في الجولة الثالثة، التي جرت على مدار اليومين الماضيين بغياب المعارضة. وشدد بقوله: «العكس هو ما حدث، وقد أصرت الفصائل على رفض المشاركة رغم مطالبة تركيا لنا».
وأكد: «لقد كان هذا قراراً ثورياً خالصاً، وموقفنا ثابت وهو أننا لن ننخرط في أي مفاوضات عبثية لا تؤدي إلى نتائج ملموسة تخفف من معاناة السوريين».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.