المبعوث الأميركي يتجول في الضفة ويلتقي مسؤولين فلسطينيين ومستوطنين

مع إطلاق تصريحات من الطرفين تخفض سقف التفاؤل بشأن إطلاق المفاوضات

فلسطيني يشير الى ارضه التي صادرتها اسرائيل لصالح المستوطنات في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
فلسطيني يشير الى ارضه التي صادرتها اسرائيل لصالح المستوطنات في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

المبعوث الأميركي يتجول في الضفة ويلتقي مسؤولين فلسطينيين ومستوطنين

فلسطيني يشير الى ارضه التي صادرتها اسرائيل لصالح المستوطنات في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
فلسطيني يشير الى ارضه التي صادرتها اسرائيل لصالح المستوطنات في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

في وقت قام فيه المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلايت، بجولتَيْ تعرُّف في الضفة الغربية؛ واحدة مع المسؤولين الإسرائيليين وأخرى مع الفلسطينيين، والتقى مع مجموعة من قيادة المستوطنين اليهود، عاد المسؤولون إلى تل أبيب ورام الله لإطلاق تصريحات تخفض سقف التفاؤل وتوضح أن الرجل ما زال في بداية مهمته ويحتاج إلى عدة جولات أخرى حتى يستطيع تحريك مسيرة المفاوضات السلمية.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إن الحديث عن العودة للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لا يزال مبكراً. وقال مسؤول في الخارجية الإسرائيلية إن إسرائيل تتوقع إجراء سلسلة محادثات معمَّقَة مع المبعوث الأميركي ستستغرق وقتاً طويلاً، وإن هدف المبعوث حالياً إعادة بناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومحاولات دمج دول إقليمية في المحادثات.
وكان المبعوث غرينبلات قد عاد من زيارة قصيرة إلى الأردن، اجتمع خلالها بالملك عبد الله الثاني، وأبلغه خلالها بأن تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين سيؤثر بشكل إيجابي على الشرق الأوسط كله.
وأكد أن للأردن دوره المهم في تحريك المفاوضات بين الجانبين. وقال الملك عبد الله للمبعوث الأميركي إن للولايات المتحدة دوراً مهماً في إنهاء الجمود السياسي واستئناف المحادثات السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس حل الدولتين، الذي يُعتَبَر الحلَّ الوحيد للصراع.
وأوضح أن التوصل إلى سلام عادل وشامل يتمّ في إطاره إقامة دولة فلسطينية مستقلة، سيضمن الأمن والاستقرار للمنطقة كلها.
وحال عودته من الأردن باشر في جولتين لبعض المناطق في الضفة الغربية؛ الأولى مع منسِّق عمليات الحكومة الإسرائيلية في المناطق الجنرال يوآب مردخاي، شملت منطقة جسر اللنبي والمنطقة «سي» (التي تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، وتشكل 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية). كما قام غرينبلات، بزيارة قاعدة تدريب قوات الأمن الفلسطينية في أريحا، التي أُقيمَت بتمويل أميركي، والتقى مع عدد من قادة الجهاز الأمني الفلسطيني، وأكد أن المساعدة الأميركية هدفت لبناء قدرات الفلسطينيين على محاربة الإرهاب وتوفير الأمن للفلسطينيين والإسرائيليين.
وقام كذلك بزيارة إلى مخيم الجلزون للاجئين قرب رام الله، وتحدث مع سكان من المخيم. كما زار بيت لحم والتقى مع طلاب جامعيين فلسطينيين من الضفة.
واجتمع غرينبلات مع الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، وناقش معه محاولات إحياء عملية السلام. وفي بيان نشره ديوان الرئاسة، جاء أن ريفلين أكد أمام غرينبلات أن «بناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو الخطوة الأولى ذات الأهمية الحاسمة نحو كل اتفاق ممكن». وأكد الطرفان أن أمن إسرائيل ومواطنيها ينطوي على أهمية أساسية وحاسمة. وقال ريفلين إنه مستعدّ للقيام بكل دور يُطلَب منه من أجل دفع الحوار بين إسرائيل والفلسطينيين، ومن ضمن ذلك إجراء لقاء قمة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ولأول مرة منذ احتلال عام 1967، التقى المبعوث الأميركي مع وفد يضمّ رؤساء مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، وبينهم رئيس المجلس، يوسي دجان ونائبه عوديد رفيفي. وقد عُقِد الاجتماع في فندق في القدس الغربية. وقال دجان في ختامه، إنه كان لقاءً بروح طيبة أبدى فيه المبعوث الأميركي تعاطفاً حميماً. وفي ساعة متأخرة من مساء أمس، بدأ اجتماع ثانٍ بين غرينبلات ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قيل إنه سيُخَصَّص لمناقشة صياغة تفاهمات حول البناء في المستوطنات.
من جهته، قال الرئيس السابق لجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، تمير باردو، إنه لن يحدث تقدم في مفاوضات بين إسرائيل ودول عربية للتوصل إلى سلام إقليمي من دون حدوث تقدُّم في عملية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين.
وشدد باردو خلال اجتماع للوبي التعاون الإقليمي عُقِد في الكنيست، أول من أمس، على أنه «لن ينعقد أي مؤتمر إقليمي أو مفاوضات من أي نوع كان مع الدول العربية من دون حدوث تقدم مع الفلسطينيين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».