ليس هناك من عَرَب في هذا الفيلم، بل نكتة حول مهاجر عربي ترد في وسط الفيلم وتمضي بلا سبب مجيء ولا سبب غياب. لكن المناخ الذي تدور فيه أحداث الفيلم البرازيلي، الذي عرضه مهرجان قرطاجنة الكولومبي أخيراً، له علاقة وطيدة بالرغبة في تقديم طبقة يد عاملة تعاني ما تعانيه من فرص عمل قليلة ومتباعدة وإحباطات وسفر دائم، إذ يبدأ بحكاية صبي يعيش على مقربة من مصنع يلوّث البيئة مع شقيقه الصغير ينتقل إلى حكاية أخرى يدلف إليها من خلال قراءة الصبي مذكرات كتبها عامل مات. هنا ننتقل بدورنا إلى أحداث أخرى في عملية غير مصوغة جيداً لدرجة أن التمهيد لم يعد ضرورياً. كما أن التعليق المصاحِب لا يضيف للصورة شيئاً.
The Good Postman ****
نادراً ما نجد فيلماً يعالج موضوعه الحادّ بمثل هذه الرقة التي يمارسها المخرج البلغاري تونيستاف خريستوف في فيلمه «ساعي البريد الجيد». حكاية مصوّرة بأسلوب تسجيلي لساعي بريد قرية صغيرة على الحدود التركية يرقب وفود المهاجرين السوريين المتسللين ويقرر أن يطرح في سعيه للفوز بمنصب مختار البلدة موضوع احتواء هؤلاء لتشغيلهم بما يفيد إعادة بناء القرية التي هجرها شبابها. يعارضه في ذلك مرشّح آخر يرى أن هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين غير مؤهلين وليسوا ذوي ثقة. أفضل من فيلم «نار في البحر»، الذي نال جائزة برلين الأولى في العام الماضي.
The Belko Experiment **
الموضوع أفضل من النتيجة في هذا الفيلم التشويقي الذي تقع أحداثه في مدينة بوغاتا، الكولومبية. ثمانون موظفاً أميركياً ينتقلون إلى واحدة من ناطحات السحاب هناك للعمل ليجدوا أنفسهم سجناء المكاتب التي يتم إقفالها آلياً عليهم وحبيسي أوامر صادرة من نظام صوتي غامض يأمرهم بقتل بعضهم بعضاً كشرط لأن يبقى البعض أحياء. هناك انعطافات جيدة تمر بها أحداث الفيلم، لكن العمل بأسره يبقى أعنف من أن يضمن أي تشويق فعال، ناهيك بأي حسنات إخراج تُذكر.
Beauty and the Beast **
في غمار قيام شركة «ديزني» بإعادة صنع قديمها الكرتوني كأفلام حيّة، يأتي «الجميلة والوحش» مثل واجب مدرسي كان عليها القيام به لإرضاء أصحاب الأسهم. الحكاية الفانتازية معروفة والفيلم يعتمد الحبكة ذاتها: الفتاة الجميلة التي تتعرف على وحش بشع يحتاج لمن يحبه لكنه اعتاد أن يكون قاسياً وعنيفاً. لها الفضل في تطويعه لكن على حساب المشاهد الذي كان يأمل في فيلم يبتعد عن البهرجة المعتادة. اختيار المخرج بل كوندون من المشاهد والمؤثرات تجعل العمل غارقاً في جماليات اصطناعية مبتَذَلَة.
من الفيلم البرازيلي «عربي» الذي عرضه مهرجان قرطاجنة الكولومبي مؤخراً
هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجاناتhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7/5088658-%D9%87%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%88%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D8%BA%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%82%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA
عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.
لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).
هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.
هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.
عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.
مفاجأة هوليوودية
ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.
فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.
تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).
الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.
لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.
نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.
لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة
امتعاض
ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi: Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.
نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.
مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.
المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».
يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.
الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.