بداية قوية من نهاية ضعيفة لاقتصاد الصين في 2017

رغم المخاطر التي تحيط بالاقتصاد العالمي

بداية قوية من نهاية ضعيفة  لاقتصاد الصين في 2017
TT

بداية قوية من نهاية ضعيفة لاقتصاد الصين في 2017

بداية قوية من نهاية ضعيفة  لاقتصاد الصين في 2017

رغم المخاطر التي تحيط بالاقتصاد العالمي، بداية من الحمائية التجارية التي يلوح بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتداعيات الاقتصادية التي سيخلفها الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، حتى مستويات أسعار الصرف حول العالم، فإن الصين بدأت عام 2017 بداية اقتصادية قوية.
وعلى غير المتوقع، تسارع نمو الاستثمار في الأصول الثابتة في الصين، إلى 8.9 في المائة في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى النشاط القوي لبناء العقارات والبنية التحتية. وكان اقتصاديون توقعوا أن ينمو الاستثمار بنسبة 8.2 في المائة ارتفاعا من 8.1 في المائة عام 2016 بالكامل.
وتجمع الصين بين البيانات الاقتصادية لشهري يناير وفبراير سعيا لتقليص التشوهات الموسمية الناجمة عن توقيت عطلة السنة القمرية الطويلة التي بدأت في أواخر يناير هذا العام. وجاءت العطلة العام الماضي في شهر فبراير.
كما تسارع نمو الاستثمار الخاص إلى 6.7 في المائة، بما يزيد على مثلي وتيرة العام الماضي، وهو ما يشير إلى أن الشركات الخاصة أصبحت أكثر تفاؤلا بآفاق الأعمال. وزاد الإنتاج الصناعي 6.3 في المائة، متجاوزاً التوقعات بقليل، وهي أفضل وتيرة نمو في نحو عام.
كما ارتفعت مبيعات العقارات في الصين من حيث المساحة 25.1 في المائة في أول شهرين، مقارنة مع ما قبل عام، متجاوزة المعدل السنوي للعام الماضي الذي كان الأسرع في 7 سنوات. كما سجلت زيادة ملحوظة في أول شهرين مقارنة مع ديسمبر (كانون الأول).
إلا أن معدل نمو الاستثمار في العقارات تراجع قليلا ليصل إلى8.9 في المائة من 11.1 في المائة خلال ديسمبر وفقاً لحسابات «رويترز». وكان النمو قد بلغ 6.9 في المائة في 2016. ونمت المبيعات 9.5 في المائة في أول شهرين من العام، وهي أبطأ وتيرة نمو في نحو عامين، وتقل عن مستواها في ديسمبر حين بلغت 10.9 في المائة.

مخاوف لأكبر اقتصادين
ووسط مخاوف من آفاق نمو الاقتصاد العالمي، وسط تراجع معدل النمو المستهدف لثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن الصين أكدت مؤخراً التنسيق مع الولايات المتحدة، لترتيب لقاء بين رئيسي البلدين، وهو ما أكده المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر يوم الاثنين الماضي، بأن الإعداد جار لعقد اجتماع بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني تشي جين بينغ.
وقال سبايسر لمجموعة من الصحافيين في واشنطن: «يجري التخطيط لزيارة تجمع الرئيس ترمب والرئيس تشي في موعد لم يحدد بعد».
وأوضح سبايسر أن الهدف من الاجتماع هو «المساعدة في نزع فتيل التوترات بشأن كوريا الشمالية، ونشر نظام الدفاع الصاروخي الأميركي (ثاد) مؤخرا في كوريا الجنوبية».
ولم تؤكد المتحدثة باسم وزارة الشؤون الخارجية الصينية وجود خطط لزيارة تشي للولايات المتحدة، ولكنها قالت: «هناك اتصال وثيق بين الفريقين الرئاسيين».
وقالت المتحدثة هوا تشون ينج، أمس الثلاثاء: «تعتقد الصين والولايات المتحدة أنه من المهم تحسين الارتباط بين رئيسي البلدين وعلى المستويات الأخرى». وأضافت أن «الجانبين مستمران في التواصل بشكل وثيق. سوف نعلن عن أي تطورات جديدة في الوقت المناسب».
وكان ترمب وتشي قد أجريا محادثات هاتفية في فبراير (شباط) الماضي، وأكد الرئيس الأميركي في ذلك الوقت أنه سيحترم سياسة «الصين الواحدة»، وذلك بعد أن انتقدته بكين جراء تواصله هاتفيا مع رئيسة تايوان.
ومنذ تنصيبه في يناير الماضي يركز ترمب على الممارسات التجارية للصين. وهناك مخاوف من أن يؤثر ذلك على العلاقات التجارية بين البلدين صاحبي أكبر اقتصادين في العالم.
ودعمت الصين البيانات الاقتصادية القوية، في بداية العالم الحالي، بإقراض مصرفي قوي وإنفاق حكومي على البنية التحتية. في ضوء محاولات لاحتواء مخاطر تراكم الديون الحاد.

التنسيق الأميركي - الصيني
من شأن التنسيق الأميركي - الصيني، وضع الاقتصاد العالمي على أول طريق الاستقرار؛ إذ إنه من المتوقع أن يواجه تداعيات جمة نتيجة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، فضلا عن التغييرات المتوقعة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسياسات الاقتصادية الأميركية، وهو ما يغير شكل النظام المالي العالمي، خلال الفترة المقبلة.
ويتأهب العالم لقرارات ترمب، بإجراءات استباقية، بخاصة في تحريك العملة، وهو ما جعل ترمب يهاجم الصين بدعوى أنها تتلاعب بأسعار الصرف من أجل تخفيض قيمة اليوان الصيني أمام الدولار، بما يعطي المنتجات الصينية ميزة تنافسية سعرية في الأسواق العالمية، في الوقت نفسه، فإن أحد كبار المسؤولين التجاريين في إدارة ترمب اتهم ألمانيا بزيادة العجز التجاري للولايات المتحدة من خلال إضعاف قيمة اليورو أمام العملة الأميركية.
وارتفاع قيمة الدولار يجعل المنتجات الأميركية المصدرة إلى الصين أعلى سعرا، في حين يجعل سعر المنتجات الصينية أقل سعرا. في الوقت نفسه، فإن ضعف قيمة اليورو يعزز الصادرات الألمانية، مما دفع بالفائض التجاري لألمانيا مع الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي.
ورغم تهديداتها المتكررة بالتصدي للصين، فإن إدارة ترمب لم تثر الموضوع مع بكين، ربما خوفا من التحذيرات من أن أي تحرك أميركي في هذا الاتجاه يمكن أن يشعل حربا تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.