توحد التشكيلات السياسية المعارضة أبرز تحديات المحادثات السورية

4 منصات بمعزل عن الأكراد تواجه النظام في المفاوضات

وفد الهيئة العليا للمفاوضات في طريقه للقاء المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا خلال محادثات «جنيف 4» الشهر الحالي (أ.ب)
وفد الهيئة العليا للمفاوضات في طريقه للقاء المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا خلال محادثات «جنيف 4» الشهر الحالي (أ.ب)
TT

توحد التشكيلات السياسية المعارضة أبرز تحديات المحادثات السورية

وفد الهيئة العليا للمفاوضات في طريقه للقاء المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا خلال محادثات «جنيف 4» الشهر الحالي (أ.ب)
وفد الهيئة العليا للمفاوضات في طريقه للقاء المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا خلال محادثات «جنيف 4» الشهر الحالي (أ.ب)

انتهت محادثات «جنيف» الأخيرة، على إشكالية مرتبطة بتمثيل المعارضة في محادثات السلام السورية. إذ طالب النظام بأن تتمثل المعارضة في وفد واحد، متخذاً من الانقسامات ذريعة لتسجيل نقاط لصالحه، في وقت تتعدد فيه التكتلات السياسية، تماما مثل التشكيلات العسكرية، منذ اليوم الأول لمحاولات مأسسة المعارضة السورية، وتختلف بعناوين وأجندات يلتقي بعضها مع النظام السوري، فيما بقي الائتلاف والتشكيلات المنبثقة عنه مثل «الهيئة العليا للمفاوضات» ثابتين على موقف واحد يتمثل بالتمسك بمقررات «جنيف 1».
وعلى الرغم من أن المعارضة السورية لم تتوحد في تشكيل سياسي واحد منذ عام 2011، فإن الإطار السياسي العام الذي يتلاقى مع الفصائل العسكرية في الهدف والأجندات، اجتمع في «المجلس الوطني السوري» بداية في 2011، قبل أن ينضم ويتسع أكثر في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهو الإطار الأكثر ثباتاً، والأكثر استمرارية، وتخطى عمره 4 سنوات.
وبرزت، لاحقاً، منصات مثل منصة القاهرة التي تضم جهاد المقدسي والفنان جمال سليمان وغيرهما، ومنصة موسكو التي يتولى رئاستها نائب رئيس الحكومة السورية الأسبق قدري جميل. كما ظهرت منصة آستانة التي تمثلها رندة قسيس، فضلاً عن وجود «هيئة التنسيق الوطنية» التي قدمت نفسها منذ البداية على أنها «معارضة الداخل».
وعكس تعدد المنصات ارتباكاً في المفاوضات التي تقام في جنيف، رغم أن المعارضين السوريين في الائتلاف، يكررون تأكيدهم أن «الهيئة العليا للمفاوضات» المنبثقة عن مؤتمر الرياض، هي الموكلة حصراً التفاوض في العملية السياسية «بالنظر إلى أنها تمثل الجناحين السياسي والعسكري في المعارضة»، إضافة إلى كونها «تضم ممثلين عن فئات سياسية غير الائتلاف مثل هيئة التنسيق الوطني»، كما أنها تأسست بإرادة دولية في «اجتماع فيينا» عام 2015 للدول المعنية بسوريا الذي حضرته روسيا وإيران، والذي أوصى الرياض برعاية جسم موحد للمعارضة السورية لبدء العملية السياسية.
ورغم ذلك، بقيت الأزمة المتعلقة بالتمثيل حاجزاً يعترض في الوقت الراهن الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف المزمع عقدها في 23 من الشهر الجاري، في وقت تختلف فيه معايير التفاوض بين الهيئة والمنصات الأخرى. إذ تركز الهيئة على فكرة أن روسيا تحاول توجيه المفاوضات باتجاه مفاوضات بين النظام وعدة أطراف بعضها قريب من النظام، ما يعني أن ذلك سيبدل في شكل الحل السياسي، مع تعدد الأهداف وغياب الرؤية الموحدة.
والهيئة العليا للمفاوضات، هي ثمرة مؤتمر الرياض الذي عقد في ديسمبر (كانون الأول) 2015، وقضى بأن يمثل الوفد المفاوض 6 أشخاص من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، و6 عن الفصائل العسكرية، و5 عن هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي، بالإضافة إلى 6 شخصيات مستقلة.
وإذ تتشارك مختلف الأطياف السياسية المعارضة فكرة التوصل إلى دولة ديمقراطية مدنية تعددية، تختلف في مقاربتها لبقاء النظام. وتصر الهيئة العليا للمفاوضات على قضية الانتقال السياسي الذي ورد في القرار 2254، وتشير إلى أن بيان «جنيف 1» تحدث عن إنشاء «هيئة حاكمة انتقالية تؤدي إلى حكم ذي مصداقية غير طائفي»، كما تصر على إجراءات بناء الثقة الواردة ضمن المواد 12 و13 و14 من القرار الدولي 2254.
كما تؤكد المعارضة أن هدف التسوية السياسية، يتمثل في تأسيس نظام سياسي جديد من دون بشار الأسد وأركان الحكومة الحالية، وألا يكون له أي دور في المرحلة الانتقالية وما بعدها، مع الاستعداد لاستئناف المفاوضات مع ممثلي الحكومة استناداً إلى مبادئ جنيف والقرارات الدولية، والتشديد على أن «جنيف» هو المرجعية الوحيدة للانتقال السياسي، بالإضافة إلى القرارين 2254 و2118.
في المقابل، تُتهم رندة قسيس بأنها مقربة من روسيا، وأن منصتها لا تمثيل لها على الأرض. وإثر استبعادها من مفاوضات جنيف الأخيرة، شنت هجوماً على دي ميستورا متهمة إياه بعدم الجدية، «وذلك لتعويله على الهيئة العليا للمفاوضات لتشكيل وفد المعارضة السورية إلى محادثات جنيف».
كذلك، يعتبر قدري جميل من المقربين من موسكو، فهو يقيم فيها، ويتعارض في مواقف كثيرة مع «الائتلاف الوطني السوري».
وفي المقابل، يحظى أكراد سوريا بدعم عسكري غربي كبير، ويتشكل القسم الأكبر منهم في حزب الاتحاد الديمقراطي الذي لم يشارك في أي من المفاوضات.
وبموازاة اختلاف أهداف الاتحاد الديمقراطي الكردي الساعي لإنشاء فيدرالية في شمال سوريا وتربطه شبكة مصالح مع النظام ومدعوم من الولايات المتحدة، يعتبر «المجلس الوطني الكردي» من المقربين من المعارضة والائتلاف. وتأسس المجلس الوطني الكردي في أربيل بالعراق في 2011، تحت رعاية الرئيس مسعود بارزاني، عقب الإنشاء المسبق للمجلس الوطني السوري.
لكن الحظوة، بقيت لصالح «الاتحاد الديمقراطي» الذي أعلنت القوات التابعة له في عام 2013 إقامة إدارة ذاتية في مناطق بشمال سوريا، ونجحت بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة أميركية في استعادة مناطق أساسية من تنظيم داعش، بينها كوباني (عين العرب) الحدودية مع تركيا عام 2015.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.