«داعش» يعلن الرقة منطقة عسكرية بتشكيلات أمنية عشية المعركة

شهود عيان يتحدثون عن استعداده لاتخاذ دير الزور عاصمة بديلة

مقاتل من {الجيش الحر} يسير عبر نفق حفره «داعش» تحت مدينة الباب التي تم تحريرها أخيراً عبر قوات {درع الفرات}  (رويترز)
مقاتل من {الجيش الحر} يسير عبر نفق حفره «داعش» تحت مدينة الباب التي تم تحريرها أخيراً عبر قوات {درع الفرات} (رويترز)
TT

«داعش» يعلن الرقة منطقة عسكرية بتشكيلات أمنية عشية المعركة

مقاتل من {الجيش الحر} يسير عبر نفق حفره «داعش» تحت مدينة الباب التي تم تحريرها أخيراً عبر قوات {درع الفرات}  (رويترز)
مقاتل من {الجيش الحر} يسير عبر نفق حفره «داعش» تحت مدينة الباب التي تم تحريرها أخيراً عبر قوات {درع الفرات} (رويترز)

ينشغل تنظيم داعش حاليا بالاستعداد لمعركتين أساسيتين مترابطتين داخل سوريا، الأولى في معقله في الرقة، حيث تتحضر قوات سورية حليفة لواشنطن مدعومة بقوات برية أميركية لاقتحام المدينة خلال أسابيع قليلة، والثانية في دير الزور، حيث يسعى التنظيم للسيطرة على كامل المحافظة استعدادا لإعلانها عاصمة بديلة له بعد سقوط الرقة.
ولعل ما يرجح هذا السيناريو هو أخذه زمام المبادرة بإطلاق المعركة في دير الزور قبل يومين من خلال هجومه على المواقع المتبقية للنظام السوري الذي لا يسيطر على أكثر من 10 في المائة من مجمل المحافظة. وفي هذا السياق، يقول أحمد الرمضان، الناشط في حملة «فرات بوست» والمتخصص في شؤون «داعش»، إن التنظيم نقل كبار قيادييه وعتادا عسكريا كبيرا من الرقة والموصل إلى دير الزور التي تحولت إلى معقل بديل له، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الاشتباكات العنيفة بينه وبين قوات النظام والمستمرة منذ يوم الأحد الماضي أفضت إلى مقتل مائة عنصر من الطرفين. وأضاف: «من غير المستبعد أن يتمكن التنظيم من السيطرة على كامل المحافظة، خصوصا أن النظام لا يسيطر إلا على عدد من الأحياء في المدينة والمطار العسكري». وتمكن «داعش» في الهجوم الذي شنه في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بفصل مناطق النظام ومحاصرة المطار العسكري من أربع جهات. فبات القسم الأول الذي يسيطر عليه النظام يضم المطار العسكري وحيي الجفرة وهراببش، والقسم الثاني يضم حيي الجورة والقصور و«اللواء 137».
وشهد محيط منطقة المقابر قرب مدينة دير الزور يوم أمس اشتباكات عنيفة بين «داعش» والنظام. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الأخير شن هجوما عنيفا في محاولة لاستعادة السيطرة عليها، بحيث ترافقت الاشتباكات مع عشرات الضربات الجوية. في المقابل، أعلن «داعش» ليل أول من أمس (الاثنين) مصرع 28 عنصرا من قوات النظام، إثر هجوم ومواجهات قرب مطار دير الزور و«اللواء 113». ونقلت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم أن 6 من مقاتلي التنظيم نفذوا عملية تسلل في مزارع «أبو الوليد» قرب مطار دير الزور، وفجر أحدهم سترته الناسفة داخل خيمة يتجمع فيها عناصر النظام، ما أسفر عن مقتل 19 منهم، وأشارت الوكالة إلى أن 9 آخرين من عناصر النظام قتلوا إثر هجوم غرب «اللواء 113»، حيث أحرز مقاتلو التنظيم تقدما طفيفا وسيطروا على نقاط في محيط اللواء.
وبالتزامن مع المستجدات الميدانية في دير الزور، واصل «داعش» استعداداته لمعركة الرقة، فاستكمل، وفق أبو محمد الرقاوي الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت»، إنشاء التحصينات وبالتحديد عند الأطراف الشمالية للمدينة، كما أغلق شوارع بالكامل بالسواتر الترابية وفخخ الخنادق، حتى إنّه يحاول إقامة جسور بديلة عن تلك التي دمرها طيران التحالف الدولي. وقال الرقاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم «نقل عوائل قيادييه خارج المدنية، إلا أنه واصل استقبال النازحين من مناطق كانت خاضعة لسيطرته في ريف حلب الشرقي»، لافتا إلى أن العدد الإجمالي للمدنيين الموجودين في الرقة عند أطرافها قارب من نحو 300 ألف. وأضاف: «(داعش) مرتبك تماما، وهو يسعى لتجنيد الشبان بشتى الطرق، حتى إن هناك معلومات عن نيته تسليم السلاح للناس لحثهم على القتال، وهو ما قد ينقلب عليه في حال قرر هؤلاء مواجهته».
ولم يستبعد الرقاوي أن يعلن التنظيم «دير الزور» معقلا أو عاصمة بديلة عن الرقة، خصوصا أنه قادر على السيطرة على كامل المحافظة في حال انسحاب عناصره من الرقة إليها، مشيرا إلى احتمال ثان يقضي بشن هجوم للسيطرة على مدينة حماه، لاتخاذها معقلا له، خصوصا أن أعدادا كبيرة من عناصر التنظيم توجد في ريف حماه الشرقي، بالإضافة إلى أعداد من جند الأقصى الذين انضموا حديثا إلى «داعش».
وفي حين استبعد رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري، إعلان «داعش» دير الزور عاصمة بديلة له بعد سقوط الرقة، اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنّه قد يتخذ من غرب المحافظة وصولا إلى ريف حمص الشرقي وريف تدمر مقرا له، باعتبار أن المنطقة عبارة عن تلال وجبال محصنة. وأضاف: «لكن الأرجح أن يتحول التنظيم وفي المدى البعيد إلى مجموعة خلايا موزعة في مختلف المناطق ولا يحصر وجوده في محافظة معينة».
وفي الساعات الماضية، أعلن «داعش» الرقة مدينة عسكرية. وفي هذا المجال قال أحمد الرمضان، إن التنظيم قام بتشكيلات أمنية جديدة تمثلت بتعيين أبو آيات الجوفي واليا جديدا لمدينة الرقة بعدما كان يشغل منصب والي حلب، كما تم تنصيب أبو الحارث الشامي أميرا عسكريا للرقة، بعدما كان أميرا عسكريا بارزا بمدينة الموصل، ويلقب بـ«صائد الدبابات».
وبدا لافتا في الأيام القليلة الماضية مواصلة «داعش» في الرقة استقبال النازحين من ريف حلب الشرقي، حيث يشرف على عملية نقلهم على متن العبَّارات والزوارق، عبر نهر الفرات، من الضفة الجنوبية إلى تلك الشمالية. واعتبرت نوروز كوباني، من وحدات حماية المرأة، أن التنظيم يحاول ومن خلال استقدام مزيد من المدنيين عرقلة عمل سلاح الجو في المعركة المقبلة، لافتة إلى أنه يحضّر منذ فترة «أنفاقا وسواتر، ويأتي بالمقاتلين من دير الزور والعراق، تمهيدا لمعركة كبيرة الأرجح أنّها ستكون شبيهة بمعركة كوباني (عين العرب) داخل أحياء المدينة». وقالت نوروز كوباني، في تصريح لـ««الشرق الأوسط»: «الرقة كانت مقر إقامة عائلات المهاجرين من تونسيين وأجانب وإندونيسيين وغيرهم، ومعلومتنا تشير إلى إقدام التنظيم على إخراج معظم هذه العائلات باتجاه دير الزور».
دوليا، أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت يوم أمس الثلاثاء، أن الهدف الأساسي للتحالف الدولي في سوريا هو تحرير مدينة الرقة من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف إيرولت في تصريح صحافي: «يجب أن نتباحث مع جميع أطراف التحالف الدولي، لكي نرى كيف سيتم الاتفاق على مسألة تحرير الرقة، كما يجب أن نناقش مرحلة ما بعد التحرير»، معتبرا أن «القوات التي ستحرر المدينة يجب أن تكون عربية وبمشاركة الأكراد أيضا».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.