ليبيا: منافسة عسكرية أميركية ـ روسية حول دور المشير حفتر

عودة الجدل حول مصير سيف الإسلام القذافي بعد نقله إلى سجن جديد

صورة أرشيفية لمحاكمة سيف الإسلام القذافي في العاصمة الليبية طرابلس (غيتي)
صورة أرشيفية لمحاكمة سيف الإسلام القذافي في العاصمة الليبية طرابلس (غيتي)
TT

ليبيا: منافسة عسكرية أميركية ـ روسية حول دور المشير حفتر

صورة أرشيفية لمحاكمة سيف الإسلام القذافي في العاصمة الليبية طرابلس (غيتي)
صورة أرشيفية لمحاكمة سيف الإسلام القذافي في العاصمة الليبية طرابلس (غيتي)

بينما تجددت المنافسة العسكرية بين أميركا وروسيا حول دور المشير حفتر، عاد أمس الجدل مجددا في ليبيا حول مصير سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، وسط معلومات متضاربة حول وجود محاولات وساطة لمنع اندلاع معركة وشيكة حول ميناء رأس لانوف بمنطقة الهلال النفطي، بعدما قال الجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر إن قواته التي وصلت إلى هناك على مدى الأيام الخمسة الماضية باتت على استعداد تام، فيما اجتمع حفتر مع قائد عمليات تحرير الموانئ العميد أحمد الدرسي.
وفى تطور مفاجئ أعلن أمس المكتب الإعلامي بالمجلس العسكري لثوار الزنتان، حيث يحتجز نجل القذافي، أنه تم نقل سيف الإسلام من سجنه إلى مكان آمن تحت رعاية لجنة مشكلة من أهالي وثوار مدينة الزنتان.
ولفت المكتب في بيان مقتضب إلى أن هذا التطور يأتي «نظرا لما حدث من توتر في الفترة الأخيرة بخصوص اعتقال سيف الإسلام وما ترتب عنه من تصريحات».
وكان العجمي العتيري، قائد «كتيبة أبو بكر الصديق» التي تشرف على سجن نجل القذافي، قد أعلن الأسبوع الماضي في تصريحات تلفزيونية أن سيف الإسلام القذافي أُطلق سراحه لاستفادته من شموله بقانون العفو العام، مؤكداً استمرار وجوده داخل التراب الليبي، وزعم أن أكثر من ثلثي الشعب الليبي أصبح يؤيد النظام السابق بعدما وصلت ليبيا إلى حال يرثى له، على حد قوله.
ومنذ الانتفاضة التي أسقطت والده عام 2011، تم احتجاز سيف الإسلام في سجن بالزنتان، وهي منطقة جبلية بغرب البلاد تخضع لسيطرة واحد من الفصائل المسلحة التي تخوض صراعا على السلطة بعد مقتل القذافي.
وأصدرت محكمة ليبية في العاصمة طرابلس العام الماضي حكما غيابيا بإعدام سيف الإسلام لارتكابه جرائم حرب منها قتل محتجين في انتفاضة 2011، فيما رفضت كتائب الزنتان تسليم سيف الإسلام لأي سلطات أخرى، بحجة أنها لا تثق في أن تضمن طرابلس عدم هروبه، لكنها وافقت على أن يحاكم هناك، على أن يمثل للمحاكمة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.
وشككت الأمم المتحدة الشهر الماضي في أن تكون محاكمة ابن القذافي تفي بالمعايير الدولية، وقالت في تقرير لها إنه يجب أن يواجه اتهامات منفصلة عن جرائم ضد الإنسانية، من بينها القتل والاضطهاد، في المحكمة الجنائية الدولية التي طلبت تسليمه.
وقال التقرير إن «الحكومة الليبية غير قادرة على ضمان اعتقال وتسليم (سيف الإسلام) الذي ما زال في الزنتان، ويُعتبر خارج سيطرة السلطات الليبية المعترف بها دوليا».
إلى ذلك، قال ناطق باسم قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر إن قوات الجيش تتقدم باتجاه رأس لانوف استعداداً لتحريرها من الميليشيات الإرهابية، لافتاً إلى أن هذا التقدم يأتي بعد اكتمال جاهزيتها والتحاق جميع الوحدات المسلحة بها باتجاه رأس لانوف استعداداً لتحريرها.
ووزع مكتب إعلام الجيش الليبي لقطات فيديو تظهر وصول قواته إلى هذه المنطقة، حيث تظهر دبابات أسلحة ثقيلة وناقلات مدرعة محملة بمقاتلي الجيش في إطار استعداده لمواجهة تحالف يضم سرايا الدفاع عن بنغازي وميليشيات من مصراتة، بهدف استرداد المناطق التي سيطر عليها هذا التحالف الأسبوع الماضي.
وبينما دعا الجنرال توماس وايلد هاوسر، قائد القيادة الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، إلى ضرورة أن يلعب مجلس النواب والمشير حفتر ما وصفه بـ«دور بناء» في خلق حكومة ليبية موحدة، كشف أوليج كرينيتسين، رئيس مجموعة «آر إس بي» الأمنية الروسية، أن قوة من بضع عشرات من المتعاقدين الأمنيين المسلحين من روسيا عملوا حتى الشهر الماضي في جزء من ليبيا يسيطر عليه حفتر.
واعتبر الجنرال توماس أن عدم الاستقرار في ليبيا يشكل على المدى القصير تهديدا كبيرا لمصالح أميركا وحلفائها في أفريقيا، مشيرا خلال جلسة استماع أمام لجنة المصالح العسكرية بمجلس الشيوخ الأميركي إلى أن تزايد المجموعات المسلحة والخلافات بين مختلف الفصائل في الشرق والغرب قد فاقم من الوضع الأمني في ليبيا، وحذر من أن تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا قد يسهل الحركة للمقاتلين الأجانب، وقد تمتد إلى تونس ومصر ومنطقة المغرب العربي عموما، لكنه لفت إلى ضرورة أن تختار الإدارة الأميركية شركاءها في ليبيا بعناية.
من جهته، قال رئيس شركة «آر إس بي» الأمنية الروسية - في أوضح إشارة حتى الآن على استعداد موسكو لتعزيز الدعم الدبلوماسي العلني لحفتر - إن وجود المتعاقدين العسكريين في المنطقة الشرقية بمثابة ترتيب تجاري، فيما قال أشخاص يعملون في مجال الأمن في روسيا إن ذلك ما كان ليحدث على الأرجح دون موافقة موسكو.
وعلى الرغم من أنه قال إن شركته لم تعمل مع وزارة الدفاع الروسية، فإنه أكد في المقابل أنها «تتشاور» مع وزارة الخارجية الروسية.
ويسعى حفتر للحصول على الدعم الخارجي للمساعدة في تعزيز سيطرته على مناطق ليبيا، وأبدت روسيا استعدادا للتحاور معه، وهو ما يتناقض مع نهج أكثر حذرا للحكومات الغربية. وقد زار حفتر موسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، والتقى بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بينما صعد في ديسمبر (كانون الأول) المنصرم على متن حاملة طائرات روسية قبالة الساحل الليبي، وتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع وزير الدفاع الروسي.
وفي الأسابيع الأخيرة استقبلت روسيا 100 من مقاتلي حفتر المصابين للعلاج، كما استقبلت منافس حفتر، فائز السراج رئيس الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة، لإجراء محادثات هذا الشهر.
ويسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستعادة الاستقرار في ليبيا، مكتسبا الثقة من التدخل العسكري الروسي في سوريا. لكن دبلوماسيين أجانب على معرفة بالتفكير الروسي يقولون إنه لا إجماع حتى الآن بشأن كيفية تحقيق ذلك، ويؤكدون أن وزارة الخارجية الروسية تريد أن يتحالف حفتر مع حكومة السراج.
لكن مع ذلك فإنهم يقولون إن هناك معسكرا أكثر تشددا في وزارة الدفاع الروسية وبعض الأشخاص في الكرملين، الذين يؤيدون دعم حفتر لبسط السيطرة على كامل ليبيا.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.