العراقيون يصوتون للمرة الأولى بعد الانسحاب الأميركي

ثلاثة قتلى حصيلة تفجيرات وقذائف استهدفت مراكز اقتراع

العراقيون يصوتون للمرة الأولى بعد الانسحاب الأميركي
TT

العراقيون يصوتون للمرة الأولى بعد الانسحاب الأميركي

العراقيون يصوتون للمرة الأولى بعد الانسحاب الأميركي

تبدأ الانتخابات العامة الأولى التي تشهدها البلاد منذ انسحاب القوات الأميركية من العراق عام 2011 اليوم (الاربعاء) وسعي رئيس الوزراء نوري المالكي للفوز بولاية ثالثة، وسط تصاعد لأعمال العنف. حيث تشتد في محافظة الأنبار غرب العراق. فيما يواجه الاقتصاد في البلاد صعوبات، في خضم انتقادات توجه للمالكي بأنه يعمق الانقسامات الطائفية ويحاول تعزيز سلطته.
ولا يعقد العراقيون آمالا تذكر على الانتخابات في إحداث تغيير في البلاد.
قال أحد المواطنين العراقيين ويدعى سعد جاسم، وكان من بين أول المصوتين اليوم، إنه يأمل أن تأتي الانتخابات بالتغيير، معربا في نفس الوقت عن اعتقاده بأن الوجوه القديمة ستظل في السلطة.
وقال آخر يدعى لطيف عبد الرزاق بعد إدلائه بصوته، ان الحزب المناسب هو الذي سيفوز بالانتخابات التي ستأتي برجل يقود البلاد الى الرخاء ويخلصها من تفجيرات السيارات الملغومة.
وفتحت مراكز الاقتراع في وقت مبكر من صباح اليوم، وفرض حظر للتجول على السيارات بشوارع بغداد.
يذكر ان عدد المترشحين يبلغ 9012 مرشحا، وستمثل الانتخابات البرلمانية استفتاء على المالكي الذي يحكم البلاد منذ ثمان سنوات.
ومع بدء التصويت قتل ثلاثة أشخاص وأصيب نحو 20 آخرين بجروح في سلسلة هجمات بقذائف الهاون والعبوات والأحزمة الناسفة استهدفت مراكز اقتراع في مناطق متفرقة من البلاد.
وقال مصدر امني رفيع في كركوك (240 كلم شمال بغداد) لوكالة الصحافة الفرنسية "قتلت امرأتان بانفجار عبوة ناسفة قرب مركز انتخابي في قضاء الدبس الواقع على بعد نحو 45 كلم شمال غربي كركوك. كما أصيب خمسة جنود بجروح في انفجار عبوة ثانية وضعت أمام مركز انتخابي آخر في القضاء ذاته.
واكد مصدر طبي في مستشفى كركوك العام للوكالة حصيلة ضحايا هذه الهجمات.
أما في الموصل (350 كلم شمال بغداد)، فأصيب شرطي ومدني بانفجار عبوتين ناسفتين قرب مركزي اقتراع غرب المدينة، وقتلت القوات الامنية ثلاثة مسلحين حاولوا اقتحام مركز انتخابي بجنوب الموصل. كما منعت القوات الأمنية انتحاريا من دخول أحد مراكز الاقتراع في شرق الموصل، إلا انه فجر نفسه وأصاب خمسة عسكريين بجروح، بحسب رائد في الشرطة وموظف بدائرة الطب العدلي.
من جهة أخرى، قتل شرطي وأصيب 10 اشخاص بجروح عندما فجر انتحاري نفسه امام مركز للتصويت في بيجي (200 كلم شمال بغداد)، حيث تمكن مسلحون من السيطرة على مركز انتخابي قبل ان يطردوا موظفي الانتخابات منه ويفجّروه.
في حين سقطت قذيفتا هاون قرب مركزي اقتراع في منطقة قريبة من الفلوجة غرب العراق من دون ان تتسببا بوقوع ضحايا.
وسقطت وفقا لمصادر في الشرطة 18 قذيفة هاون، وانفجرت سبع عبوات ناسفة في مناطق عدة من مدينة سامراء (110 كلم شمال بغداد)، ولا أنباء عن ضحايا.
وانفجرت كذلك 11 قنبلة صوتية في قضاء الطوز (175 كلم شمال بغداد) دون سقوط ضحايا، وفقا لقائممقام القضاء شلال عبدول.
من جهتهم، يجد محللون ان من غير المرجح أن يفوز أي حزب بأغلبية في البرلمان البالغ عدد مقاعده 328 مقعدا. وقد يصعب تشكيل حكومة حتى إذا فاز ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء بمعظم المقاعد، كما هو متوقع، وان كان المالكي واثقا من الفوز. وستمثل الفترة القادمة اختبارا لديمقراطية العراق.
يذكر انه، استغرق تشكيل حكومة جديدة تسعة أشهر بعد الانتخابات العامة الأخيرة عام 2010، بينما كان عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين موجودين في العراق.
وعلى النقيض من حكومات وحدة وطنية سابقة، فان من المتوقع أن يسعى المالكي لتكوين ائتلاف أقوى حول حكومة أغلبية.
ويحذر البعض من أن تشكيل حكومة جديدة قد يستغرق عاما. وستجري المفاوضات في الوقت الذي تستعر المعارك في الانبار وعلى مشارف بغداد، مما يضيف مزيدا من الاضطراب للعملية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.