انطلاق بينالي {الشارقة 13} ببرنامج ثري وتجارب فنية مميزة

منتدى فكري وحفلات موسيقية وعروض سينمائية

من العرض الأدائي «خمسة أقدام فأعلى» - في بينالي {الشارقة 13} ({الشرق الأوسط})
من العرض الأدائي «خمسة أقدام فأعلى» - في بينالي {الشارقة 13} ({الشرق الأوسط})
TT

انطلاق بينالي {الشارقة 13} ببرنامج ثري وتجارب فنية مميزة

من العرض الأدائي «خمسة أقدام فأعلى» - في بينالي {الشارقة 13} ({الشرق الأوسط})
من العرض الأدائي «خمسة أقدام فأعلى» - في بينالي {الشارقة 13} ({الشرق الأوسط})

انطلق أمس أول أيام بينالي الشارقة 13 بعنوان «تماوج» ومنتدى الفكر «لقاء مارس» الذي يجمع نخبة من فناني ومفكري العالم، وخلال النهار كانت فرصة الصحافة للالتقاء مع الشيخة حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون والقيمة كريستين طعمة.
يتضمن البرنامج الذي يستمر لغاية 14 مارس: ثماني جلسات نقاشية ضمن لقاء مارس 2017 المصاحب للبينالي، بالإضافة إلى حفلين موسيقيين وسبعة عروض أداء بلغات مختلفة تتواصل على مدار خمسة أيام، تقام في ساحة المريجة، وساحة الخط، وساحة الفنون ومواقع جديدة أخرى في إمارة الشارقة، إضافة لثلاثة عروض سينمائية تقام في «سينما سراب المدينة» و«سينما الحمراء».
وخلال الجلسة الأولى لـ«لقاء مارس» دار النقاش تحت عنوان «ابتغاء المؤسسات»، وشارك فيها الفنانة الكورية نينا تشوي والفنانات آلاء يونس ومها مأمون، بينما أدار الحوار تشارلز إيشه. وتركز الحوار بشكل فلسفي حول مفهوم المؤسسات ومدى حاجة الإنسان لها وخاصة في عالم الفن.
وبدا أن اليوم الأول يجمع بين فعاليات البينالي التي توزعت حولنا بعض من صالات عرضه والنشاطات الأخرى مثل العرض السينمائية والأداء. فقدم الفنان المكسيكي ماريو غارسيا قصيدة في حب الأنهار مصاحبا كلماته بالتصوير السينمائي والموسيقى من خلال عرض بعنوان «خمسة أقدام فأعلى». يصور الشوق والحنين للأنهار بوصفها مساحة تلتقي فيها الثقافات والذوات المختلفة. يروي طيف العناصر الواسعة في العمل التركيب تاريخاً ثقافياً مغيباً للأنهار التي ترسم وتدمج قصصاً مختلفة عن الحركة والهجرة والتقسيم.
من نهر الميسيسيبي إلى نهر السين ونهر التيمس يجد الفنان متعه في رواية ما تعنيه الأنهار له، مستعينا بمعان أخرى جسدتها الأغاني الشهيرة واللقطات السينمائية.
اليوم الأول أيضا شهد عرض فيلم «خطوة خطوة» للمخرج السوري أسامة محمد الذي أخرجه عام 1977، الفيلم يدور في قرية الرامة السورية وتتبع أطفال القرية في بيتهم الفقيرة ومدارسهم، يبدأ الفيلم بتلك الوجوه البريئة وهي تبتسم في خجل للكاميرا، يسألهم صوت من خلف الكاميرا عن ماذا يريدون أن يعملوا في المستقبل، تأتي الإجابات البسيطة «مدرس» و«مهندس». تبدو تلك اللحظات وكأنها مقدمة للتحدي الذي تمثله الحياة الصعبة بعد ذلك، فعبر الفقر والقسوة التي يعاملون بها من المعلمين في المدرسة، نتوجع عندما نرى الأكف الظالمة تهوي على تلك الوجوه، وتلك الطفلة التي كانت تنام بجانب كتبها، تنهار على الأرض بعد أن يضربها المعلم. نتألم مع قصة الفتى الذي كان يعشق الدراسة وخيره والده بين أن يعمل معه في زراعة الدخان والطرد من المنزل، يترك منزله ليصبح عامل بناء ثم نراه وهو متطوع في البحرية. عبر عدد من الشخصيات نرى تطور مفهوم العنف، بذرة العنف التي بذرت داخل ذلك المراهق حولته بعد ذلك لجندي مستعد لقتل أقرب الناس له إن عارضوا السلطة.
يبدو البرنامج متخما بالفعاليات واللقاءات الحوارية وعروض الأداء، ما يمنح الزائر الفرصة لاختيار ما يتابع، وإن كان الاختيار لن يكون سهلا، فهناك الكثير من الفعاليات التي تستحق التوقف عندها والاستمتاع بها.
خلال النهار الأول أقيمت عدة جولات منظمة بإشراف الفنانين في ساحة الفنون لشرح الأعمال الفنية، ثم تلاها حفل الافتتاح الرسمي لبينالي الشارقة 13، برعاية وحضور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في ساحة المريجة. ولمن أراد أن ينهي يومه بجرعة فنية أخرى سنحت الفرصة مع بالعرض المسرحي الأدائي «قريب من هون» من تأليف وإخراج روي ديب، وذلك في مسرح معهد الشارقة للفنون المسرحية.
وفي ثاني أيامه يستهل البينالي اليوم السبت فعالياته بجلسة «حوار بينالي الشارقة 13»، وهي بمشاركة محاوري البينالي لارا خالدي، وزينب أوز، وقادر عطية وقيّمة البينالي كريستين طعمة، والتي تتناول الكلمات المفتاحية المكمّلة للإطار المفاهيمي لبينالي الشارقة 13: الماء، المحاصيل، الأرض والطهي. يتبع الجلسة عرض أداء لـ«مجموعة رقص ميديا» باللغة الإنجليزية تحت عنوان «ضرورة اللانهاية»، يليه عرض أداء «كلايمافور» لمجموعة كوكينغ سيكشنز، والعرض الثاني لـ«قريب من هنا» للفنان روى ديب، ثم يعاد تقديم عرض «ضرورات اللانهاية» باللغة العربية. وتختتم فعاليات اليوم بعرض لفيلم «هدية من الماضي (20 سبتمبر)» للمخرجة كوثر يونس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».