غداة صمت الحملة الانتخابية.. 21 مليون عراقي يستعدون اليوم لانتخابات المصير

لغة الوعود تعطلت وكذلك هواتف المرشحين خوفا من عقوبات وغرامات مفوضية الانتخابات

غداة صمت الحملة الانتخابية.. 21 مليون عراقي يستعدون اليوم لانتخابات المصير
TT

غداة صمت الحملة الانتخابية.. 21 مليون عراقي يستعدون اليوم لانتخابات المصير

غداة صمت الحملة الانتخابية.. 21 مليون عراقي يستعدون اليوم لانتخابات المصير

يتوجه نحو 21 مليون مواطن عراقي إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد للسنوات الأربع المقبلة وسط أزمة سياسية وأمنية حادة. ويتنافس 9032 مرشحا على 328 مقعدا نيابيا يتكون منها البرلمان العراقي.

وبينما بدأ الصمت الانتخابي أمس وتعطلت لغة الوعود التي كالها طوال شهر الحملة الدعائية المرشحون وكانت مفردة «التغيير» القاسم المشترك لها، صمتت أيضا هواتف المرشحين. فبسبب الإجراءات التي بدت صارمة هذه المرة، سواء على صعيد فرض غرامات مالية ضخمة على من يخرق تعليمات المفوضية الخاصة بالانتخابات بشأن الدعاية الانتخابية أو استبعاد المخالفين، أغلق معظم المرشحين والمرشحات هواتفهم أو فضلوا عدم الرد على أسئلة وسائل الإعلام خشية أن يقولوا كلاما يكلفهم ثمنا غاليا بعد أن أنفق بعضهم ملايين الدولارات على الصور والملصقات والشعارات والولائم والهدايا طوال فترة الحملة الدعائية، مستفيدين من عدم وجود قانون للأحزاب يمكن من خلاله معرفة مصادر التمويل المالي لكل هذه الأحزاب والقوى والكيانات التي يبلغ عددها 277 كيانا وائتلافا.

وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد كشفت عن تجاوز نسبة المشاركة في «التصويت الخاص» الذي بدأ أول من أمس واستمر أمس 91 في المائة. وقال رئيس الدائرة الانتخابية بالمفوضية، مقداد الشريفي، في مؤتمر صحافي إن تلك «المشاركة شكلت مفاجأة للمفوضية وإنجازا كبيرا للقوات الأمنية والمفوضية في آن معا». وأضاف الشريفي أن «عدد وكلاء الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية بلغ 627 ألف وكيل مسجل لدى المفوضية، وأن التصويت جرى بمراقبة 170 ألف مراقب من منظمات المجتمع المدني، فضلا عن 4800 من الإعلاميين»، مبينا أن «المفوضية فتحت 542 مركزا لتصويت عناصر القوات الأمنية، ضمت 2672 محطة اقتراع». وأوضح أن «عدد المشمولين بالتصويت الخاص بلغ مليونا و23 ألف ناخب»، وأن الذين «صوتوا منهم بلغ 835 ألف عنصر». وذكر الشريفي، أن «المفوضية فتحت 36 مركزا انتخابيا للمهجرين تضم 84 محطة اقتراع»، لافتا إلى أن هنالك «139 مركزا تضم 144 محطة للراقدين في المستشفيات البالغ عددهم 84 ألفا و980 ناخبا». وتابع أن «نزلاء السجون البالغ عددهم 24 ألفا و155 شخصا صوتوا في 34 مركزا تضم 60 محطة اقتراع»، مستطردا أن «المشمولين بالانتخابات المشروط، أي من دون بطاقات إلكترونية، بلغ 15 ألفا وثلاثة ناخبين».

من جهتها أكدت صفية السهيل، العضو المستقل في البرلمان العراقي المنتهية ولايته التي لم تترشح للانتخابات الحالية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من عمان أنها «تتطلع إلى حقبة جديدة من التغيير الفعلي تسودها علاقات طيبة بين القوى والكتل والأحزاب إلى جانب توفر الإرادة السياسية الحقيقية لها جميعا من أجل العمل الجاد لإزالة الشعور العارم بالإحباط والخيبة وفقدان الثقة التي طبعت الدورة الماضية». وأضافت أن «من الضروري أن يكون صراع القوى السياسية على السلطة ما بعد ظهور النتائج صراعا سلميا ويكون هناك تقبل للنتائج بطريقة ديمقراطية بعيدا عن العنف والقسر والتجاوز». وكشفت صفية السهيل عن أن سبب وجودها في عمان حاليا هو «عدم وجود اسمي في سجلات الناخبين في بغداد وأنا عضو في البرلمان وأنا أحد أعضاء هذا البرلمان الذي وضع الضوابط الخاصة التي يتوجب على المفوضية السير بموجبها»، مشيرة إلى أن «الحجة التي لم أحصل بموجبها على البطاقة الإلكترونية هي أنه ليست لدي بطاقة تموينية وهذا صحيح لأننا اتفقنا على أن أصحاب الدخول العالية لا يتسلمون بطاقات تموينية وبالتالي جئت إلى عمان لكي أصوت بعد إبراز وثيقتين وهو نفس ما عمله الدكتور إياد علاوي».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.