أمين عام «الاتحاد الاشتراكي» المغربي يتهم ابن كيران بـ {الإساءة} للديمقراطية

رداً على رفض إشراكه في الحكومة

إدريس لشكر يتحدث خلال المؤتمر الصحافي («الشرق الأوسط»)
إدريس لشكر يتحدث خلال المؤتمر الصحافي («الشرق الأوسط»)
TT

أمين عام «الاتحاد الاشتراكي» المغربي يتهم ابن كيران بـ {الإساءة} للديمقراطية

إدريس لشكر يتحدث خلال المؤتمر الصحافي («الشرق الأوسط»)
إدريس لشكر يتحدث خلال المؤتمر الصحافي («الشرق الأوسط»)

وجّه إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي، انتقادات شديدة إلى عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المكلف، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية؛ وذلك بسبب اعتراض ابن كيران على مشاركة حزبه في الحكومة، وحمله مسؤولية تعثر مفاوضات تشكيل الحكومة، متهما إياه بإهانة المؤسسات والأحزاب السياسية.
وجاءت تصريحات لشكر متزامنة مع بيان أصدره «الاتحاد الدستوري» المعارض، يحمل فيها ابن كيران أيضا تعثر مفاوضات الحكومة، كما تأتي بعد أيام قليلة بعد تصريحات عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، التي أعلن فيها تشبثه بـ«الاتحاد الاشتراكي» في التحالف الحكومي المقبل، وهو ما بدا أن الأحزاب الثلاثة قررت أن تشكل جبهة للتصدي لمواقف ابن كيران وحزبه، المدعوم في المقابل من حزبي الاستقلال، والتقدم والاشتراكية.
وقال لشكر في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس بمقر حزبه في الرباط، إن الملك محمد السادس عيّن عبد الإله ابن كيران رئيسا للحكومة، وليس حزب العدالة والتنمية، وإنه من «الأخطاء القاتلة التي جرى الوقوع فيها هي الخلط بين المؤسسة الحزبية ومؤسسة رئاسة الحكومة»، وأضاف لشكر موضحا «لقد عيّن الملك رئيس الحكومة بعد ثلاثة أيام من صدور نتائج الانتخابات، والسرعة التي طبعت تفاعل الملك مع مقتضيات الدستور، قوبلت ببطء شديد من لدن رئيس الحكومة في تكوين الأغلبية»، مشيرا إلى أن «المنهجية الديمقراطية في اختيار رئيس الحكومة والبحث عن الأغلبية، وإن كانت أساس الممارسة السياسية، إلا أنه لا يمكنها أن تفرز مناخا سياسيا سليما».
وجدد لشكر التأكيد على تشبث حزبه بالمشاركة في الحكومة المقبلة، واستمرار التحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار، وقال بهذا الخصوص «نحن مع أخنوش باعتباره شريكا للمرحلة، ويدنا ممدودة إلى رئيس الحكومة، وليس لكونه ناطقا رسميا باسم الحزب أو مفاوضا»، مضيفا أن «قرار المشاركة اتخذته قيادة الحزب عبر اللجنة الإدارية، وسندافع عن هذا القرار».
وردا على الانتقادات التي طالت حزبه بسبب تحالفه الظرفي مع «التجمع»، على الرغم من غياب أي روابط تجمع بين الحزبين، قال لشكر «عندما يأتي أخنوش لـ(الاتحاد) يكون شيطانا، وعندما يتم استقباله في حزب العدالة والتنمية يتحول إلى ملاك».
وشدد لشكر على أهمية التنسيق بين حزبه وثلاثة أحزاب أخرى هي «التجمع» و«الدستوري» و«الحركة الشعبية»؛ وذلك من أجل «تشكيل حكومة قوية»، وأضاف موضحا «نحن غير مستعدين للدخول إلى حكومة هشة، ولن نقبل بالاستفزازات المستمرة لرئيس الحكومة باستعماله لقاموسه الذي يسيء إلى الديمقراطية الناشئة، ولسمعة البلاد على المستوى الخارجي»، على حد تعبيره.
وانتقد لشكر «عناد» ابن كيران وإصراره على رفض مشاركة حزبه في التحالف المقبل، وتهديد ابن كيران أكثر من مرة بالكشف عما دار بينهما في أول لقاء جمعهما عندما عرض عليه المشاركة في التحالف الحكومي، وقال إن «السياسة لا تخضع لمنطق العناد»، وزاد متسائلا: «ماذا لو أن الوضع استدعى تشكيل حكومة وطنية؟»، داعيا ابن كيران إلى مراجعة مواقفه.
كما لفت لشكر إلى أن «مسار تشكيل الحكومة بلغ حدا لا يطاق بلجوء البعض إلى أسلوب المزايدة على مواقف حزبه من القضية الوطنية (قضية الصحراء)، وذلك ردا على الانتقادات التي وجهت إلى حزبه خلال حضوره المؤتمر الأخير للأممية الاشتراكية، حيث تمكنت جبهة البوليساريو من الانتقال من صفة عضو ملاحظ إلى صفة عضو استشاري داخل المنظمة؛ إذ فشل الحزب، كما يقول معارضوه، في أول اختبار له في الدفاع عن قضية الصحراء داخل المنظمة، ولا سيما أنه ربط مشاركته في الحكومة بقدرته على التأثير على مواقف المنظمة من قضية الصحراء. إلا أن لشكر رد بأنه «بفضل الجهود الاتحادية المتواصلة انتقل الخطاب الرسمي للأممية الاشتراكية إلى إعلان دعمها مساعي الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه يضمن السلم والاستقرار في المنطقة».
وبلغة متطابقة إلى حد كبير مع ما قاله لشكر في مؤتمر الصحافي، أعلن حزب الاتحاد الدستوري في بيان، أن «مسؤولية تعثر تشكيل الحكومة تقع كاملة على عاتق رئيس الحكومة المكلف»، مبرزا أن «هذا التعثر ناتج بالدرجة الأولى من طبيعة تعامله مع هذه المهمة الدستورية، الموسومة بغياب عناصر المنهجية التفاوضية العقلانية».
وأضاف الحزب، أن «هذه العناصر غابت حينما أصر رئيس الحكومة المكلف على أن يجعل مهمته هذه، منتسبة إلى حزب العدالة والتنمية، عوض أن تكون مهمة منتسبة إلى مؤسسة دستورية في طور التشكل، أي مؤسسة رئاسة الحكومة»، محذرا من عواقب تأخر تشكيل الحكومة على الأوضاع الاقتصادية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.