تونس والجزائر توقعان اتفاقات للتعاون الأمني والاجتماعي

موجة الإضرابات تمتد لتشمل عمال الحظائر وموظفي الخطوط الجوية التونسية

الشاهد وسلال خلال توقيع اتفاقيات التعاون في تونس أمس (أ.ف.ب)
الشاهد وسلال خلال توقيع اتفاقيات التعاون في تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس والجزائر توقعان اتفاقات للتعاون الأمني والاجتماعي

الشاهد وسلال خلال توقيع اتفاقيات التعاون في تونس أمس (أ.ف.ب)
الشاهد وسلال خلال توقيع اتفاقيات التعاون في تونس أمس (أ.ف.ب)

أعلن عبد المالك سلال، رئيس الوزراء الجزائري، خلال انطلاق أشغال الدورة الـ21 للجنة الكبرى المشتركة التونسية - الجزائرية، التي احتضنتها العاصمة التونسية أمس، عن توقيع اتفاقية بين تونس والجزائر في مجال التعاون الأمني، بالإضافة لاتفاقيات أخرى في مجال التعاون التجاري والثقافي، ومجالات المرأة والأسرة والطفولة والرياضة والتشغيل، علاوة على اتفاق حول تعزيز التعاون الإقليمي، ومواصلة التنسيق بينهما لإيجاد حل شامل للملف الليبي.
ووفق مصادر مطلعة على محتوى هذه الاتفاقية، سيمكن هذا الاتفاق الجديد من «مضاعفة جهود تونس والجزائر في التقريب بين مختلف الأطراف الليبية، بما يضمن المصالحة الوطنية عبر الحوار الليبي - الليبي الشامل دون تدخل، وفي إطار الحل السياسي المنشود، المبني على مسار التسوية الذي ترعاه الأمم المتحدة».
واستقبل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الوزير سلال في قصر قرطاج، وتطرق اللقاء بينهما إلى عدد من القضايا التي تهم المنطقة، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في ليبيا، حيث أكد الباجي على أن حل الأزمة في ليبيا لا يمكن أن يكون إلا توافقياً وسلمياً في الوقت نفسه، عبر آلية التشاور والحوار بين مختلف الأطراف الليبية، وبمساعدة دول الجوار، كتونس والجزائر ومصر، داعياً إلى مواصلة التنسيق والتشاور بين الدول الثلاث لإنجاح مبادرة دعم التسوية السياسية الشاملة في ليبيا، والعمل على تحقيق نتائج ملموسة تمهد الطريق لعقد قمة ثلاثية بالجزائر على مستوى رؤساء الدول الثلاث.
وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية مع الجزائر، دعا الباجي إلى مزيد من تعزيز التنسيق والتشاور معها في المجالين الأمني والعسكري، لمجابهة مختلف التحديات التي تواجه البلدين، ورحب في هذا السياق بما تحقق من نتائج خلال أشغال اللجنة الكبرى المشتركة، مثمناً الحصيلة الإيجابية لاتفاقيات التعاون المعروضة للتوقيع خلال هذه الدورة.
وبعد لقائه صباح أمس برئيس الحكومة يوسف الشاهد، أكد رئيس الوزراء الجزائري على العلاقة الوطيدة التي تربط بين تونس والجزائر، بقوله: «نحن مطمئنون ما دامت تونس والجزائر يداً في يد»، وتعهد بمواصلة مشوار التعاون مع تونس.
وكان عبد القادر مساهل، الوزير الجزائري لشؤون المغرب العربي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، قد أشار خلال فعاليات الدورة الـ19 للجنة المتابعة الجزائرية – التونسية، يومي 4 و5 مارس (آذار) الحالي بالجزائر، وهي لجنة التحضير للدورة الـ21 للجنة الجزائرية - التونسية الكبرى، إلى أن اتفاق التعاون الأمني بين تونس والجزائر سيعزز مساعي التشاور في اتجاه تسوية الأزمات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً في ليبيا.
من جهة ثانية، توقفت الرحلات الجوية على الخطوط التونسية أمس، إثر ظهور خلافات بين طيارين وفنيين في الشركة، قبل أن تستأنف رحلاتها «تدريجياً»، بعد تعليقها لعدة ساعات. كما نظم المئات من عمال الحظائر أمس وقفة احتجاجية في ساحة القصبة، أمام مقر الحكومة بالعاصمة، للمطالبة بتسوية وضعيتهم المهنية الهشة، كما نفذ نحو 100 ألف عامل في اليوم نفسه إضراباً وطنياً عن العمل بكل الولايات (المحافظات)، مطالبين بتسوية وضعياتهم المهنية، وتحديد جدول زمني لإدماجهم النهائي في العمل الحكومي، وإنهاء صيغة العمل المؤقت، وإلحاق العاملين به في القطاع العام، مع تمكينهم من المساواة في الأجور والامتيازات، مثل بقية العمال في الاختصاصات نفسها.
وتلقى مطالب عمال الحظائر دعماً من الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى نقابات العمال)، الطرف الرسمي الممثل لهم في جلسات التفاوض مع الحكومة، خصوصاً أن معظم عمال الحظائر لا يتمتعون بعطل دورية، ولا يتقاضون أجوراً تتماشى مع عملهم، ولا يحظون بالتغطية الصحية، وأجورهم لا تتعدى في الغالب 333 ديناراً (نحو 135 دولاراً) في الشهر.
وطرح تشغيل عمال الحظائر في البداية كحل لتجاوز أزمة البطالة، إلا أنه خلف مشكلات جمة استعصى حلها على الحكومات المتتالية، نتيجة تراكم أعداد المشتغلين بشكل مؤقت.
وتزامن ذلك مع إيقاف الخطوط الجوية التونسية (مؤسسة حكومية) جميع رحلاتها صباح أمس، إثر عودة التوتر بين طاقم الطائرات والفنيين العاملين في المطار، وكلاهما من موظفي الخطوط الجوية التونسية. وأعلنت الشركة أنها اتخذت هذا القرار «حفاظاً على سلامتهم وسلامة الأسطول».
وفي حين توعد رئيس الحكومة بتطبيق القانون بصرامة في حق الأطراف المتنازعة التي أخلت بالتزاماتها المهنية، وشوهت صورة الشركة وتونس، تحول أنيس غديرة، وزير النقل، إلى مطار تونس قرطاج، وشكل على الفور خلية لمتابعة هذا الأزمة. كما توجهت تعزيزات أمنية مكثفة إلى المطار للسيطرة على موجة الغضب العارم الذي انتابت بعض المسافرين.
وأعلنت الشركة مساء أمس العودة التدريجية للرحلات، بعد ساعات من التوقف في جميع الاتجاهات، لكن هذه العودة لم تخف عمق الخلاف بين العاملين في الخطوط الجوية، وهو ما جعل بعض الهياكل النقابية الممثلة لموظفي شركة الخطوط الجوية يشيرون إلى أن الحادث «مفتعل، وهو عبارة عن تحضير لخصخصة أنشطة الشركة، واستغناء الحكومة عنها، بعد أن تراكمت ديونها».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.