مسلحون متشددون يقتلون ضابط شرطة كبيراً في انفجار بالعريش

الحكومة المصرية تحظر {الدرون}... وخبير أمني: تستخدمها العناصر الإرهابية

عادل أبو النور خلف القضبان خلال محاكمته أمس (أ.ف.ب)
عادل أبو النور خلف القضبان خلال محاكمته أمس (أ.ف.ب)
TT

مسلحون متشددون يقتلون ضابط شرطة كبيراً في انفجار بالعريش

عادل أبو النور خلف القضبان خلال محاكمته أمس (أ.ف.ب)
عادل أبو النور خلف القضبان خلال محاكمته أمس (أ.ف.ب)

بينما قتل مسلحون متشددون ضابطا كبيرا في الأمن المصري في انفجار استهدفه في مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، أعلن الجيش المصري أمس مقتل أحد العناصر التكفيرية أثناء محاولة زرع عبوة ناسفة في طريق القوات وتدمير سيارتين كانتا معدتين للتفخيخ. في غضون ذلك، حظرت الحكومة المصرية نهائيا استخدام الطائرات اللاسلكية، وقال خبير أمني إن «هذه الطائرات تكون من دون طيار وتستخدمها العناصر الإرهابية في جمع المعلومات واستهداف قوات الشرطة والجيش».
وكانت عناصر تكفيرية، يرجح انتماؤها إلى تنظيم «ولاية سيناء» قامت بزرع عبوة ناسفة بجوار شارع أسيوط بمنطقة الخزان بالعريش، وقالت وزارة الداخلية المصرية إن ضابط شرطة برتبة عقيد في مصلحة الأمن العام قتل في الانفجار بمدينة العريش، وأن رجلي شرطة آخرين أصيبا في الانفجار، الذي استهدف مدرعة كانت تقوم بدورية في المدينة، التي ينشط فيها إسلاميون متشددون ينتمون لتنظيم «ولاية سيناء» الموالي لـ«داعش».
وتتعرض قوات الشرطة والجيش لهجمات متكررة ذهب ضحيتها المئات من رجال الشرطة والجيش في هجمات شنها المتشددون في شمال سيناء المتاخمة لإسرائيل وقطاع غزة منذ عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي عن السلطة في عام 2013. وتبنى أغلبها تنظيم «ولاية سيناء» أو «أنصار بيت المقدس»... كما تقول الحكومة إن «المئات من العناصر المتشددة قتلوا خلال الحملات التي تشنها قوات الشرطة والجيش في سيناء».
وقالت مصادر أمنية أمس إن «أجهزة الأمن بشمال سيناء واصلت إعلان حالة التأهب لملاحقة العناصر المتورطة في زرع العبوة الناسفة، وإحباط مخططاتهم في استهداف الشرطيين والمدنيين على السواء».
وتقدم اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية المصري مشيعي الجنازة العسكرية للعقيد الراحل ياسر محمد منير الحديدي، من قوة قطاع مصلحة الأمن العام، وأكدت «الداخلية» في بيان لها أن «تلك الحوادث الإرهابية تزيد من عزيمة رجال الشرطة وإصرارهم على مواصلة المسيرة للقضاء على الإرهاب وحماية أمن وشعب مصر».
في ذات السياق، شهدت الأيام الماضية ضربات أمنية متلاحقة للعناصر المتطرفة واستهداف أوكارهم في شمال سيناء وقتل بعضهم والقبض على البعض الآخر، والتحفظ على كميات كبيرة من الأسلحة النارية، فضلا عن إحباط الكثير من المخططات الإرهابية الجبانة التي تحاول بين الحين والآخر النيل من استقرار الوطن.
وقال العميد محمد سمير المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس، إن «القوات نجحت أمس في قتل أحد العناصر التكفيرية أثناء محاولة زرع عبوة ناسفة على أحد محاور تحرك القوات، وتم تدمير نفقين رئيسيين، و66 عبوة ناسفة كانت معدة ومجهزة لاستهداف قواتنا، وضبط 73 فرد من المشتبه في دعمها للعناصر التكفيرية، وتدمير 22 وكرا للعناصر الإرهابية، وحرق 15 عشة (مخبأ) بها مواد إعاشة خاصة بالعناصر الإرهابية، وسيارتين كانتا معدتين للتفخيخ، و3 دراجات نارية تستخدمها العناصر التكفيرية في الهجوم على عناصر الجيش والشرطة».
إلى ذلك، وفي إطار الحفاظ على الأمن القومي ومؤسسات الدولة المصرية من فوضى استخدام الطائرات من دون طيار أو الطائرات اللاسلكية، أقرت الحكومة في مشروع قانون لتنظيم استخدامها، ويقول مراقبون إن «الحكومة عزمت على تشريع القانون الآن لينظم هذا الأمر الخطير بعد وقائع كثيرة تم ضبطها خلال الأشهر الماضية، والتي استهدفت الإضرار بأمن البلاد».
والقانون الجديد يحظر استيراد أو تصنيع أو تجميع أو تداول أو حيازة أو الاتجار أو استخدام الطائرات المحركة لا سلكيا، إلا بعد الحصول على تصريح بذلك من الجهة المختصة... كما يعاقب كل من يخالف ذلك بالحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل على خمسة آلاف جنيه.
وقال الخبير الأمني والاستراتيجي العميد السيد عبد المحسن، إن «هذه الطائرات اللاسلكية تستخدم من قبل العناصر الإرهابية في التجسس وفي جمع المعلومات، وفي تصوير المناطق الاستراتيجية خاصة في شبه جزيرة سيناء للقيام بعمليات استهداف ضد الشرطة والجيش»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «تلك الطائرات انتشرت بشكل مكثف في مصر منذ عهد جماعة الإخوان الإرهابية، وأن بعض العناصر الإرهابية الخطرة التي تم توقيفها مؤخرا وجد لديها طائرات من دون طيار».
وسبق قانون الحكومة المصرية، تحذيرات من نواب بالبرلمان، طالبوا بضرورة وضع تشريع يمنع استخدام هذه الطائرات، وذلك عقب رصد طائرة بمنطقة الجونة بمحافظة البحر الأحمر من دون طيار في فبراير (شباط) الماضي، قامت بتصوير مسارات البترول والطرق والمنشآت وبعض المواقع الحيوية. وقالت السلطات وقتها إن «التصوير تم من دون الحصول على أي تصاريح».
بدوره، قال اللواء حمدي بخيت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب (البرلمان)، إن «هناك ضرورة ملحة لمعاقبة مستخدمي الطائرات اللاسلكية، وحظر استخدامها في ظل الظروف الحالية»، مشيرا إلى أن «البعض يستخدمها في أفعال تضر بالأمن القومي المصري وفي الأعمال الإرهابية»، مضيفا أن هذه الطائرات كانت منتشرة في أثناء حكم الإخوان في منطقتي شرق القناة وشمال سيناء لتصويرهما.
بينما قالت مصادر برلمانية إن «القانون فور إحالته لمجلس النواب سيلقى تجاوبا كبيرا من قبل أعضاء البرلمان وسيتم الموافقة عليه لإقراره، لأنه ينظم مسائل تتعلق بالأمن القومي للبلاد»، مؤكدة «لدينا أمثلة كثيرة تدل على استخدام مثل تلك الطائرات من جانب التنظيمات الإرهابية... لذلك يتوجب اتخاذ الإجراءات الأمنية التي تضبط عمل مثل هذه الطائرات».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.