تعديلات دستورية في كازاخستان بين مرحب ومشكك ومتفهم

الرئاسة تتنازل عن جزء من صلاحياتها للبرلمان والحكومة

الرئيس نور سلطان نزار بايف اقترح جملة تعديلات دستورية  أقرها البرلمان (رويترز)
الرئيس نور سلطان نزار بايف اقترح جملة تعديلات دستورية أقرها البرلمان (رويترز)
TT

تعديلات دستورية في كازاخستان بين مرحب ومشكك ومتفهم

الرئيس نور سلطان نزار بايف اقترح جملة تعديلات دستورية  أقرها البرلمان (رويترز)
الرئيس نور سلطان نزار بايف اقترح جملة تعديلات دستورية أقرها البرلمان (رويترز)

أقر برلمان جمهورية كازاخستان جملة تعديلات دستورية، اقترحها الرئيس نور سلطان نزار بايف، ويمنح بموجبها صلاحيات كانت بيد الرئاسة لكل من البرلمان والحكومة الكازاخيين. وحسب التصريحات الرسمية من العاصمة الكازاخية آستانة، فإن التعديلات الدستورية دليل على نضج منظومة الدولة، التي لم تعد بعد الآن بحاجة إلى إدارة وسيطرة مباشرة وأحادية الجانب من الرئاسة، وعليه يرى البعض أن تلك التعديلات تعني التخفيف من صلاحيات الرئيس الكازاخي، لصالح البرلمان والحكومة. في المقابل هناك من يرى أن الرئاسة الكازاخية تسعى عبر تلك الخطوة إلى تفادي تحمل المسؤولية عن التطورات الاقتصادية في البلاد، وتحميلها للحكومة والبرلمان، ولا تعني بأي شكل من الأشكال تقييدا أو حداً لصلاحيات نزار بايف وموقع الرئاسة، لا سيما أنه يحتفظ بالحق في تعيين وزراء السلطة، أي الخارجية والدفاع والداخلية. وفي تعليقه على تلك التعديلات التي بادر إلى إدخالها على نص الدستور، قال الرئيس نزار بايف في تصريحات مطلع مارس (آذار) إن «القانون الجديد يعزز إلى حد بعيد دور البرلمان في شؤون الدولة، بما في ذلك خلال تشكيل الحكومة»، التي ستصبح بدورها أكثر استقلالية لأنه «سيتم نقل الصلاحيات بإدارة الاقتصاد إلى الحكومة»، التي تمنحها التعديلات الحق في صياغة برنامج الدولة ومنظومة تمويل القطاع العام من الموازنة. وبينما كان رئيس الحكومة في السابق يتولى مهامه أو يتنازل عنها أمام الرئيس، فإن هذه العملية ستجرى لاحقاً أمام البرلمان المنتخب الجديد، ولم يعد الرئيس يملك الصلاحيات بإلغاء أو تجميد قرارات الحكومة ورئيسها، ويقوم البرلمان باختيار أعضاء الحكومة وتعيينهم، بيد أن تعيين وزراء الدفاع والخارجية والداخلية يبقى بيد الرئاسة.
ويرى عادل بيك جاكسيبيكوف، مدير الديوان الرئاسي، أن تلك التعديلات ستجعل الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن قرارتها. ورحب البرلمانيون بالخطوة الجديدة، وفي تصريحات صحافية علقت فيها على التعديلات، أشارت يكاتيرينا نيكيتنسكايا، العضو في البرلمان عن حزب «أك جول»، أي «حزب كازاخستان الديمقراطي»، إلى أن «البرلمان وحده من الآن فصاعدا سيعتمد القوانين، والرئيس تنازل عن هذه الصلاحيات، وأبقى لنفسه على الحق في تحديد الأولويات خلال اعتماد القوانين، وما تبقى سيكون من شأن البرلمان». ومن وجهة نظر الحزب الشيوعي الكازاخي، فإن التعديلات الدستورية «تعني من حيث المبدأ أن برلمان البلاد سيصبح منذ الآن مؤسسة سلطة فعلية، مؤسسة السلطة التشريعية».
وإلى جانب نقل بعض الصلاحيات للبرلمان والحكومة، تضمنت التعديلات الدستورية اقتراحا بأن يعكس الدستور مبادئ وإنجازات مؤسس كازاخستان المستقلة الرئيس نور سلطان نزار بايف، وتأكيد دوره التاريخي في بناء البلاد. وخلال عرضه أمام البرلمانيين للتعديلات الدستورية، أشار البرلماني الكازاخي نورلان عبديروف إلى الدور التاريخي للرئيس نزار بايف، وعليه تم اقتراح تعديلات على المادة الثانية من الفقرة 91 في الدستور، لتصبح على النحو التالي: «إن استقلال كازاخستان ووحدة وسلامة أراضيها، وسيادتها، والمبادئ الأساسية لنشاط الجمهورية، التي حددها الدستور، ووضعها مؤسس كازاخستان المستقلة، الرئيس الأول لجمهورية كازاخستان - قائد الأمة، ومقامه، تبقى كلها ثابتة (لا يجوز المساس بها)». بعبارة أخرى يُمنح الرئيس الكازاخي صفة «يلباصي» أي (قائد الأمة)، ومعها حصانة مطلقة، إذ لا يجوز المساس بمقامه، كما لا يجوز المساس باستقلال كازاخستان ووحدة وسلامة أراضيها وسيادتها الوطنية، كما شملت التعديلات جوانب أخرى من حياة المجتمع الكازاخي، المعروف بالتنوع الديني والعرقي، وحرصا على ضمان السلم الأهلي، يقول الدستور بعد التعديل: «يعتبر غير دستوري أي نشاط يساهم في زعزعة الاستقرار والتعايش القومي والديني». أما الاتفاقات الدولية التي تشارك فيها كازاخستان، فإن التعديلات تنص على أن «آليات وشروط الاتفاقيات الدولية التي تشارك فيها كازاخستان، على الأراضي الكازاخية، يجري تحديدها بموجب التشريعات الوطنية». فضلا عن ذلك أصبح بوسع السلطات الكازاخية سحب الجنسية من أي مواطن، بموجب الدستور الذي يسمح بذلك لكن، فقط، بناء على قرار المحكمة بحق مرتكبي جرائم إرهابية، أو في حالة إلحاق الضرر بالمصالح الحيوية لجمهورية كازاخستان.
ومع كثرة التعديلات التي أدخلها البرلمان على الدستور، فإن الاهتمام في أوساط المراقبين تركز بصورة خاصة على تلك التي تتناول صلاحيات الرئيس. وكان مارات سيزديكوف، القائم بأعمال سفير كازاخستان في روسيا قد وصف التعديلات بأنها «مجرد انتقال من النظام الرئاسي المطلق، إلى نظام الحكم الرئاسي الطبيعي، أما أركادي دوبنوف، الخبير بشؤون آسيا الوسطى فقد اعتبر أن أيا من التعديلات لم يمس موقع الرئاسة، وفي الوقت ذاته حرر الرئيس نفسه من المسؤولية عن الوضع في المجال الاقتصادي - الاجتماعي، معززا بذلك موقفه». وما بين المرحبين بتلك التعديلات والمشككين بأهدافها، برزت وجهة نظر ثالثة يقول أصحابها إن التعديلات الأخيرة، أيا كانت الأهداف منها، فهي خطوة، وإن كانت ضمن الحد الأدنى، لكنها جيدة، تعكس رغبة لدى الرئاسة بتغيير تدريجي لطبيعة مؤسسة ومنظومة الحكم.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.