ظريف في الدوحة لتحريك عجلة التسوية في العلاقات مع الخليج

الشيخ تميم يلتقي وزير الخارجية الإيراني لبحث «مستجدات الأوضاع في المنطقة»

أمير قطر لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني في الدوحة أمس
أمير قطر لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني في الدوحة أمس
TT

ظريف في الدوحة لتحريك عجلة التسوية في العلاقات مع الخليج

أمير قطر لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني في الدوحة أمس
أمير قطر لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني في الدوحة أمس

التقى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في الدوحة أمس، وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي قام بزيارة هي الثالثة لعاصمة خليجية خلال شهر، في مسعى إيراني لإنهاء التوتر القائم في علاقاتها المضطربة مع دول الخليج.
وقالت وكالة الأنباء القطرية أمس إن الشيخ تميم التقى بقصر البحر ظهر أمس، ظريف، حيث «جرى خلال المقابلة استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول مستجدات الأوضاع في المنطقة».
وهذه أول زيارة للوزير الإيراني إلى قطر منذ يوليو (تموز) 2015. وسبق للرئيس الإيراني حسن روحاني أن قام بزيارة خاطفة لكل من سلطنة عمان ودولة الكويت منتصف الشهر الماضي، في ظل سعي طهران لتسجيل اختراق في علاقاتها المتأزمة مع دول الخليج.
كما التقى ظريف وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وأكد وزير الخارجية القطري خلال الاجتماع حرص دولة قطر على علاقة الجيرة الحسنة وعلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، والتعاون بين دولها لما فيه مصلحة شعوبها.
كما أكد على أهمية أن ترتكز العلاقات الخليجية الإيرانية على الاحترام المتبادل ومبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الدول وأن تستند إلى القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، مشدداً على أهمية تسوية أي خلافات عن طريق التفاوض والحوار البنّاء.
من جانبه، تمنى وزير الخارجية الإيراني للعلاقات الثنائية بين البلدين المزيد من التطور والنماء، معرباً عن تطلع بلاده إلى تعزيز التعاون مع دولة قطر ودول المنطقة لإيجاد حلول للقضايا الإقليمية بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وكانت قطر قد استدعت سفيرها من طهران في يناير (كانون الثاني) العام الماضي، عقب طرد البعثة الدبلوماسية الإيرانية من السعودية إثر الاعتداء على سفارتها في طهران.
ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسي إيراني في الدوحة، طلب عدم الكشف عن هويته، أن ظريف بحث أمس مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر كيفية تحسين العلاقات بين البلدين. ولم تعد قطر سفيرها لإيران بعد.
وتتهم دول الخليج ومنها السعودية، طهران بمحاولة توسيع نفوذها داخل الدول العربية، وخصوصاً في سوريا والبحرين واليمن. وبالنسبة لإيران فإن درة التاج في علاقاتها الخليجية هي السعودية، التي اشترطت تغيير السلوك الإيراني كمدخل لبناء علاقات تقوم على الثقة بين البلدين. وتعّول طهران على وساطة محتملة لسلطنة عمان ودولة الكويت لتحسين علاقاتها مع بقية دول الخليج وخاصة السعودية، كما أن قطر تتخذ موقفاً أقل تشدداً في علاقاتها مع إيران؛ وفي مناسبتين خلال العامين الماضيين أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن دعمه لإجراء حوار بين دول الخليج وإيران يقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
يذكر أن الكويت تولت نقل رسالة خليجية إلى إيران تتضمن رؤية لقيام حوار سياسي بين دول الخليج وإيران، وفي هذا الصدد أوفد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وزير خارجيته الشيخ صباح خالد الحمد الصباح إلى طهران للقاء المسؤولين الإيرانيين، وتسليم الرئيس حسن روحاني رسالة بهذا الشأن.
وسبق لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن دعا في سبتمبر (أيلول) الماضي، دول الخليج وإيران إلى تسوية خلافاتها عبر الحوار.
وفي مكالمة هاتفية مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، في 13 سبتمبر 2016 بمناسبة عيد الأضحى، شدد الشيخ تميم على أهمية أن ترتكز العلاقات الخليجية الإيرانية على مبادئ حُسن الجوار والاحترام المتبادل، وأن تتم تسوية أي خلافات خليجية إيرانية عن طريق التفاوض والحوار.
كما أعلن الشيخ تميم خلال كلمة ألقاها في سبتمبر 2015 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن دولة قطر مستعدة لاستضافة حوار على أراضيها بين إيران ودول الخليج، مبيناً أن الخلافات مع إيران «خلافات سياسية إقليمية عربية إيرانية وليست سنية شيعية». وقال أمير قطر، إن الخلاف مع إيران «يمكن حله بالحوار والاتفاق على القواعد التي تنظم العلاقات بين طهران ودول الخليج، على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية»، معتبراً أن الأوان قد حان لإجراء حوار هادف بين دول متجاورة دون الحاجة لوساطة. مضيفاً أن «إيران دولة جارة مهمة، وأن التعاون بيننا وبينها في مصلحة المنطقة».



«هدنة غزة» أشعلت حرباً إعلامية حول الطرف المنتصر

فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
TT

«هدنة غزة» أشعلت حرباً إعلامية حول الطرف المنتصر

فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)

لم يكد اتفاق «هدنة غزة» يُعلَن، وتسود الآمال في وقف القتال بالقطاع، حتى اندلعت معركة أخرى في الفضاء الإعلامي العربي حول اسم المنتصر في الحرب، التي اندلعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ذلك الصراع على «هوية المنتصر» ارتبط بخلاف حول معايير النصر والهزيمة، بين من يربطها بحجم الدمار وأعداد القتلى، ومن يحيلها إلى فضاء أوسع رابطاً إياها بإحياء القضية الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني، لتشتعل حرب إعلامية في وسائل الإعلام التقليدية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تبارى كل طرف فيها من أجل ترجيح كفة المنتصر في الحرب التي استمرت أكثر من عام، وخلّفت نحو 50 ألف قتيل، إضافة إلى آلاف الجرحى، ناهيك عن الدمار الذي لحق بقطاع غزة وتبعاته الاقتصادية داخلياً وإقليمياً.

تزامنت هذه الحرب الافتراضية مع احتفالات وتهانٍ باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الوسطاء «مصر، وقطر، والولايات المتحدة الأميركية»، الأربعاء الماضي، ومن المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ، صباح الأحد، آملين أن ينهي معاناة سكان قطاع غزة.

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وكانت حركة «حماس»، قد اعتبرت أن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل «إنجازاً وانتصاراً» جاء نتيجة «الصمود الأسطوري» للشعب الفلسطيني.

«الحرس الثوري» الإيراني، أيضاً عدّ الاتفاق «هزيمة كبرى لإسرائيل»، حسب إفادة رسمية، الخميس الماضي. فيما كتب حساب المرشد، علي خامنئي، عبر منصة «إكس» أن «المقاومة الفلسطينية»، و«محور المقاومة» المدعوم من إيران، نجحا في إجبار إسرائيل على «التراجع». وأشادت وزارة الخارجية الإيرانية باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، عادّةً إياه «انتصاراً تاريخياً للشعب الفلسطيني». كما هنأ أمين عام «حزب الله»، نعيم قاسم، الفلسطينيين بوقف إطلاق النار في غزة.

«صمود الشعب الفلسطيني» كان أحد المعايير الرئيسية فيمن يرون في اتفاق وقف إطلاق النار «انتصاراً». وفي هذا السياق كتب عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، الإعلامي مصطفى بكري، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، يقول: إن «فرحة الفلسطينيين، رغم الموت والدمار، رغم الجوع والمرض، تؤكد أنه شعب جبّار لا يعرف اليأس أو الإحباط. عاد المحتل الصهيوني يجر أذيال الخيبة والعار... الشعب يشعر بالانتصار رغم الدمار والخراب».

وبالمثل حيّت الإعلامية المصرية لميس الحديدي «صمود ومقاومة» الشعب الفلسطيني، عبر منشور بحسابها على «إكس» اختتمته بهاشتاغ «غزة تنتصر».

على الجانب الآخر كان هناك من لا يرى في اتفاق وقف إطلاق النار انتصاراً، مبرراً ذلك بحجم الدمار الذي ألمّ بقطاع غزة، وعدد الضحايا والمصابين، فضلاً عن التداعيات الاقتصادية محلياً وإقليماً وعالمياً، لا سيما مع هجمات جماعة «الحوثي» في اليمن على السفن المارة في البحر الأحمر، التي أدت إلى تغيير مسار الملاحة العالمية، ما كبّد شركات الشحن الكبرى تكاليف إضافية، فضلاً عن تراجع عائدات «قناة السويس المصرية» بنسبة وصلت إلى 60 في المائة، حسب تقديرات رسمية.

وهو ما عبّر عنه مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، العميد خالد عكاشة، في تصريحات متلفزة، الأسبوع الماضي، بقوله: «إن حصاد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ثقيل للغاية من حيث عدد الشهداء والجرحى والمفقودين». وأضاف: «ليس من الواضح من هو المنتصر ومن المهزوم بالحرب الدامية في غزة».

وبينما عدّ حساب على «إكس»، الحديث عن انتصار بعد هذا العدد من الضحايا بمثابة «عبث بدماء الأبرياء». قال حساب آخر على «إكس» إن «النصر لا يُقاس بالقتلى المدنيين ولا التدمير في البنية التحتية... النصر هو انتصار قوة على قوة في الميدان وفرض الشروط».

لكن الصحافية المصرية سارة علام شلتوت كتبت عبر حسابها على «فيسبوك»، تقول إن «الحديث عن الانتصار في غزة لا يراعي حجم الخسائر والتضحيات»، مشيرة إلى أن «الانتصار الوحيد الذي تم، هو إفشال مخطط التهجير»، وإن عدت ذلك «تراجعاً معنوياً ضخماً كونه مجرد إفشال مخطط».

ومن مواقع التواصل، انتقل الجدل إلى وسائل الإعلام الرسمية، عبر تقارير ومقالات عدة تحاول الإجابة عن سؤال «من المنتصر في حرب غزة».

وشارك حساب قناة «العربية» على «إكس» رابطاً من حلقة ناقشت هوية المنتصر مع تعليق، قال فيه الباحث في العلاقات الدولية، عباس خامه يار، يصف اتفاق وقف النار في غزة بـ«انتصار لـ(حماس)»... وقالت مذيعة «العربية»، ميسون نويهض: «بعد مقتل 50 ألف فلسطيني وتسوية القطاع بالأرض؟».

وتناولته قناة «فرنسا 24» في تقرير، وكتبت عبر «إكس»: «هل اتفاق تبادل الرهائن هو انتصار لـ(حماس)؟».

وكتب أستاذ الاجتماع السياسي في جامعة الكويت، محمد الرميحي، في مقاله بـ«الشرق الأوسط» يقول: «سوف يحصل الغزيون على غزة منقوصة الجغرافيا، ومن دون سيطرة (حماس)، والكثير من المقابر الجديدة، ومع ذلك سنجد من يتحدث عن (الانتصار)!».

الجدل بشأن هوية المنتصر بدأ قبل إعلان الاتفاق بوقت طويل، فمع طول أمد الحرب حاول كثيرون وضع سيناريوهات لنهايتها بناء على تعريف «الانتصار والهزيمة» بالنسبة لأطرافها. وقال الدكتور محمد عباس ناجي، في مقال نشره «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في فبراير (شباط) من العام الماضي، إن «هناك غموضاً بشأن معنى (الانتصار) و(الهزيمة) لدى كلٍّ من طرفَي الحرب والقوى الداعمة لهما».

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحديد هوية المنتصر والمهزوم في أي حرب مرتبط بمدى تحقيق كل طرف لأهدافه في تلك المعركة»، مشيراً إلى أنه «بتطبيق ذلك على غزة، فإن تل أبيب أعلنت أن هدفها من الحرب هو القضاء على حركة (حماس)، واستعادة الرهائن وهو ما لم تحققه».

وأضاف: «بينما لا يمكن على وجه الدقة معرفة أهداف حركة (حماس) من هذه الحرب، لكن يمكن ربط نتائجها بسياق القضية الفلسطينية وإعادة إحيائها سواء عبر حركة التضامن العالمي مع غزة، أو تحريك قضايا في محكمة العدل الدولية، وبالقياس على ذلك يمكن أن يعد اتفاق وقف إطلاق النار انتصاراً لفلسطين».

وعشية دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قالت حركة «حماس»، في إفادة رسمية السبت، إن «إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها العدوانية في غزة».