ميزانية بريطانيا: تفاؤل في 2017... ثم تقشف 3 سنوات

هاموند: على البلاد أن تعاود العيش طبقاً لإمكاناتها

وزير المالية البريطاني يحمل حقيبته الشهيرة التي تحوي مشروع الموازنة  قبل تقديمه للبرلمان أمس (تصوير: جيمس حنا)
وزير المالية البريطاني يحمل حقيبته الشهيرة التي تحوي مشروع الموازنة قبل تقديمه للبرلمان أمس (تصوير: جيمس حنا)
TT

ميزانية بريطانيا: تفاؤل في 2017... ثم تقشف 3 سنوات

وزير المالية البريطاني يحمل حقيبته الشهيرة التي تحوي مشروع الموازنة  قبل تقديمه للبرلمان أمس (تصوير: جيمس حنا)
وزير المالية البريطاني يحمل حقيبته الشهيرة التي تحوي مشروع الموازنة قبل تقديمه للبرلمان أمس (تصوير: جيمس حنا)

قدم وزير المالية البريطاني فيليب هاموند، أمس الأربعاء، أول ميزانية بريطانية كاملة، لأول مرة منذ قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، وجاءت معدلات النمو أفضل من التوقعات في العام الجاري، لكن التوقعات خفضتها خلال الثلاث سنوات اللاحقة. فيما يبدو أن هاموند يجهز البريطانيين للتقشف تحسبًا لتداعيات «بريكست».
وقال وزير المالية البريطاني فيليب هاموند أمس، إن بلاده رفعت توقعاتها الرسمية للنمو الاقتصادي لعام 2017. لكنها خفضتها للسنوات الثلاث التالية. وبدا وفياً لخطه الصارم، فلم يخرج عن الإطار الذي حدده المحافظون منذ عودتهم إلى السلطة قبل سبع سنوات. وقال: «على البلاد أن تعاود العيش طبقا لإمكاناتها».
وتوقع مكتب مسؤولية الميزانية نمو الناتج المحلي الإجمالي اثنتين في المائة في 2017 ارتفاعا من تقديرات بنمو نسبته 1.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) لكن بما يقل عن التوقعات الصادرة قبل عام بنمو نسبته 2.2 في المائة قبل التصويت على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وأبلغ هاموند البرلمان أن مكتب مسؤولية الميزانية يتوقع حاليا نموا يبلغ 1.6 في المائة في 2018 مقارنة مع توقعات نوفمبر البالغة 1.7 في المائة.
وبلغت توقعات النمو لعامي 2019 و2020 نسبة 1.7 في المائة و1.9 في المائة مقارنة مع التوقعات السابقة بنمو نسبته 2.1 في المائة لكلا العامين. وتبلغ توقعات النمو لعام 2021 اثنتين في المائة دون تغيير عن التوقعات الصادرة في نوفمبر.
وكان من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد البريطاني بقوة بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) لكن المستهلكين واصلوا الإنفاق بقوة وساعدوا الاقتصاد كي ينمو 1.8 في المائة بوتيرة تفوق باقي مجموعة الاقتصادات الدول السبع الكبرى في 2016 باستثناء ألمانيا.
لكن المؤشرات تتزايد على أن المتسوقين أصبحوا أكثر حذرا في الوقت الذي يدفع فيه انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني عقب الاستفتاء التضخم للارتفاع.
وتعتزم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إطلاق محادثات انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي قبل نهاية مارس (آذار) لتبدأ عملية من المتوقع أن تجعل الشركات حذرة بشأن الاستثمارات طويلة الأجل.
وتعافى الجنيه الإسترليني من خسائره صباح أمس، ليستقر لفترة وجيزة مقابل اليورو ويكتسب قوة مقابل الدولار بعدما ألقى وزير المالية البريطاني فيليب هاموند بيانه لميزانية عام 2017. وبدأ الجنيه - الذي يعاني من ضغوط ضعف الطلب الاستهلاكي والقلق بشأن مفاوضات الانفصال البريطاني المرتقبة - في الصعود مع بدء كلمة هاموند أمام البرلمان؛ وصعد أكثر بعد أن حدّث الوزير بعض التوقعات الرسمية للاقتصاد والميزانية. وبحلول الساعة 12:59 انخفض الإسترليني 0.2 في المائة مقابل الدولار ليجري تداوله مقابل 1.2177 دولار بزيادة نصف سنت تقريبا من أدنى مستوى بلغه خلال يوم أمس. ونزل بشكل طفيف خلال اليوم مقابل اليورو إلى 86.67 بنس. وكان الجنيه الإسترليني قد هبط إلى أدنى مستوي في سبعة أسابيع قبيل الإعلان عن الموازنة البريطانية.
ولم يطرأ تغير على مؤشر فاينانشيال تايمز البريطاني على نطاق واسع منذ بدء خطاب الميزانية وانخفض 0.2 في المائة حتى وسط التعاملات.
وغادر هاموند حاملا حقيبته الحمراء المعهودة التي تحتوي على خطابه مقر رئاسة الحكومة متوجها إلى وستمنستر، ليكشف أمام النواب الخطوط العريضة لعائدات ونفقات الحكومة، فضلا عن التوقعات الاقتصادية.
ومن المقرر أن تستغرق مفاوضات الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، سنتين بين لندن وبروكسل لترتيب الخروج الكامل، على أن تبدأ من مارس (آذار) الحالي.
ويأتي ذلك في وقت تسجل بريطانيا منذ الاستفتاء وضعا اقتصاديا مواتيا، في ظل نشاط لم يشهد التباطؤ الذي تكهنت به السيناريوهات الكارثية التي انتشرت مع تنظيم الاستفتاء.
وبالتالي، فإن الأنظار لم تركز على الميزانية نفسها، بقدر توقعات النمو التي تستند إليها، بعدما يصححها «مكتب المسؤولية عن الميزانية»، المعهد الرسمي شبه المستقل، والتي جاءت مرتفعة في عام 2017، ولكنها هبطت في الثلاث سنوات التالية.



الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.