الكرملين متمسك بآمال التطبيع مع واشنطن ولو بعد عشرات السنين

أعرب عن أسفه لعدم توفر ظروف مناسبة لإطلاق حوار روسي ـ أميركي

الكرملين متمسك بآمال التطبيع مع واشنطن ولو بعد عشرات السنين
TT

الكرملين متمسك بآمال التطبيع مع واشنطن ولو بعد عشرات السنين

الكرملين متمسك بآمال التطبيع مع واشنطن ولو بعد عشرات السنين

أعرب الكرملين عن أسفه لعدم توفر ظروف مناسبة حالياً لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، وأكد رغبته بالحفاظ على علاقات متينة مع الحكومة الأميركية، واستعداده للانتظار قدر ما يتطلبه ذلك من وقت، إلى حين أن تتغير الظروف، وتتحسن العلاقات بين البلدين.
وفي حوار على قناة «سي إن إن»، وصف دميتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين، المعلومات التي تتداولها وسائل الإعلام الأميركية حول التدخل الروسي في حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية، بأنها «معلومات غير صحيحة»، داعياً الأميركيين لأن يتساءلوا: «هل نحن بلد ضعيف إلى ذلك الحد، لدرجة أن دولة ما تتدخل في شؤوننا الداخلية، وتؤثر على منظومتنا الانتخابية؟»، مؤكدًا: «لا يوجد أدنى درجة من النيات لدى روسيا للتدخل بالحياة السياسية الداخلية الأميركية».
ووصف بيسكوف الحملات في وسائل الإعلام الأميركية، وفي المجتمع الأميركي، التي تضع روسيا في قفص الاتهام بأنها «هستيريا في أوساط الرأي العام الأميركي، وهستيريا في الأوساط الرسمية في واشنطن، وهستيريا في الوسط الإعلامي»، محذراً من أنها تلحق ضرراً كبيراً بمستقبل العلاقات الثنائية بين موسكو وواشنطن، واصفاً الولايات المتحدة بأنها «لاعب عالمي رقم واحد»، مؤكداً سعي روسيا لإقامة علاقات متينة مستقرة مع الحكومة الأميركية. وفي هذا السياق، أعرب بيسكوف عن اهتمام روسيا بـ«شراكة قابلة للتنبؤ لإجراء الحوار»، معرباً عن أسفه لعدم توفر ظروف مريحة لإطلاق الحوار بين البلدين.
ويرى الناطق الصحافي باسم الكرملين أن الحملات الواسعة المناهضة لروسيا في الولايات المتحدة نوع من «الإرهاب الانفعالي» الذي يشهد محاولات متكررة لتقديم أي اتصالات يجريها أميركيون مع ممثلي السلطات الروسية بصورة سلبية، في إشارة منه إلى اتصالات أجراها في وقت سابق موظفون من الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترمب مع دبلوماسيين روس، وألقت بظلالها على مجمل العملية الانتخابية في الولايات المتحدة.
لكن ورغم كل تلك الجوانب السلبية، ما زال الكرملين يعلق الآمال على تطبيع العلاقات مع واشنطن، وهو متمسك بآماله تلك بغض النظر عن عامل الزمن، إذ يدعو بيسكوف إلى «عدم تقييم الأمور، وإمكانية التطبيع بين البلدين انطلاقاً من تقديرات الوضع ليوم واحد، أو شهر واحد، وحتى عام واحد؛ تعالوا لنقيم الأمور بصورة أوسع بكثير»، لافتاً (لتوضيح ما يريد قوله) إلى طريقة التفكير والتخطيط عند الصينيين: «هم يفكرون لعشرات السنين، ومئات السنين»، معرباً بعد ذلك عن يقينه: «لا محال، علاقاتنا (مع الولايات المتحدة) ستتحسن».
وتجدر الإشارة إلى أن روسيا تحولت إلى عامل رئيسي في السياسة الأميركية، شاءت هي ذلك أم دون قصد منها، منذ الحملات الانتخابية للرئاسة الأميركية، وتحديداً حين وجهت الولايات المتحدة اتهامات لقراصنة إنترنت من روسيا باختراق الصفحة الرسمية للحزب الديمقراطي، بغية التأثير على نتائج الانتخابات. ولم تتوقف الاتهامات التي وجهها البيت الأبيض لموسكو حتى الساعات الأخيرة من حكم إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، بينما واجه ترمب منذ أيامه الأولى في البيت الأبيض معارضة شديدة من جانب الكونغرس، لا سيما وعوده الانتخابية بالنظر في إمكانية إلغاء العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ضد روسيا، وإطلاق حوار مع موسكو للتعاون في مجال التصدي للإرهاب. إذ لم يتمكن ترمب حتى الآن من التقدم قيد أنملة في هذا المجال، في الوقت الذي اضطر فيه منذ أول شهر من حكمه لإقالة مستشاره لشؤون الأمن القومي مايكل فلين، بعد الكشف عن محادثات أجراها الأخير مع السفير الروسي في واشنطن، حول العقوبات ضد روسيا.
ضمن تلك المناخات، انخفض سقف التوقعات الروسية لآفاق التطبيع مع الولايات المتحدة، وبرزت واضحة خيبة الأمل الروسية من ترمب، وتنفيذه وعوده خلال المرحلة الحالية، عندما أعلن شون سبايسر، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ينتظر من روسيا تهدئة الوضع في أوكرانيا، وأن «تُعيد القرم». وقد أثارت تلك التصريحات استياء واسعاً في أوساط كل مؤسسات السلطة الروسية، وحاول فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس الدوما الروسي، تذكير ترمب بوعوده الانتخابية، وقال إن المواطنين الأميركيين انتخبوا ترمب لأنه بدأ يتحدث حول ضرورة إنهاء النزاع في سوريا وليبيا، وتسوية الوضع في العراق، والتصدي للإرهاب، وأن يعيد بناء العلاقات مع روسيا والصين.
أما ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية، فقد وصف تصريحات سبايسر بـ«حمام بارد، يبرد بعض التوقعات الروسية السريعة والعالية في آن واحد بخصوص (سياسات) ترمب وفريقه»، معرباً عن قناعته بأن روسيا «تسرعت في تصنيف الرئيس الأميركي الجديد حليفاً»، متمسكاً رغم ذلك بأن «العلاقات الأميركية الروسية ستتغير نحو الأفضل، إلا أن هذا يتطلب بعض الوقت، لأن المزاجية المناهضة لروسيا في الولايات المتحدة قوية جداً الآن».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.