البرلمان الموريتاني يناقش تعديلات دستورية

المعارضة احتجت ودعت أنصارها للخروج إلى الشارع

البرلمان الموريتاني يناقش تعديلات دستورية
TT

البرلمان الموريتاني يناقش تعديلات دستورية

البرلمان الموريتاني يناقش تعديلات دستورية

بدأ البرلمان الموريتاني، أمس (الثلاثاء)، نقاش تعديلات دستورية مقترحة من طرف الحكومة تتضمن إلغاء مجلس الشيوخ وإنشاء مجالس جهوية للتنمية وتغيير العلم والنشيد الوطنيين، وهي التعديلات التي تعد ثمرة لحوار وطني نظمته الحكومة شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، غابت عنه المعارضة التقليدية التي ترفض هذه التعديلات.
النقاش الذي بدأ في الجمعية الوطنية، الغرفة السفلى من البرلمان الموريتاني، سيستمر على مدى يومين، فيما أكدت مصادر من داخل البرلمان لـ«الشرق الأوسط» أنه من أصل 147 نائباً في البرلمان الموريتاني، سجل مائة نائب أسماءهم على قائمة المتدخلين في النقاش، وسيحصل كل واحد منهم على 10 دقائق لعرض وجهة نظره بخصوص التعديلات الدستورية.
وسيركز النقاش على محاور محددة سلفاً من طرف لجنة مختصة، وتتضمن هذه المحاور: إلغاء مجلس الشيوخ، إنشاء مجالس جهوية للتنمية، تغيير العلم والنشيد الوطنيين، ودمج هيئات ومنشآت رسمية كثيرة.
وحظيت جلسة نقاش التعديلات الدستورية باهتمام كبير من طرف الرأي العام الموريتاني، خاصة أنها تدخل في إطار دورة برلمانية طارئة دعت لها رئاسة الجمهورية، من أجل مناقشة جملة من مشاريع القوانين في مقدمتها «مشروع القانون المتضمن مراجعة دستور 20 يوليو (تموز) 1991 والنصوص المعدلة له».
في غضون ذلك كانت الحكومة ممثلة في الجلسة البرلمانية من طرف وزير الدفاع الوطني جالو ممدو باتيا، الذي سيختتم النقاش بمداخلة يرد فيها على أسئلة وإشكالات البرلمانيين، فيما سيتم في ختام الجلسة فتح الباب أمام البرلمانيين لتصويت سري على التعديلات الدستورية.
وتشير التوقعات إلى أن الجمعية الوطنية ستصادق على هذه التعديلات الدستورية، لأنه من أصل 147 نائباً 16 فقط أعلنوا رفضهم لهذه التعديلات، وهم نواب حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل» المعارض، فيما يحظى التعديل الدستوري بدعم أغلبية مريحة مدعومة من طرف بعض أحزاب المعارضة المعتدلة التي شاركت في صياغة التعديل الدستوري.
النصوص الدستورية في موريتانيا تنص على أن مشاريع القوانين التي تصادق عليها الجمعية الوطنية ترفع إلى مجلس الشيوخ بوصفها الغرفة العليا في البرلمان من أجل المصادقة عليها أيضاً، ما يجعل الحكومة الموريتانية في وضعية حرجة، إذ إن التعديل الدستوري الذي يجب أن يمر بالشيوخ يتضمن مقترحاً بإلغاء مجلس الشيوخ، وهو ما يعارضه كثير من أعضاء هذا المجلس.
وسبق أن أكد أعضاء من مجلس الشيوخ محسوبون على الموالاة، رفضهم لهذه التعديلات الدستورية وللطريقة التي ينوي النظام تمريرها بها، فيما شكلوا قبل أشهر لجنة رفيعة المستوى مهمتها الوقوف في وجه تعديل الدستور، فيما اندلعت قبل أشهر أزمة حادة بين الشيوخ والحكومة بسبب تصريحات بعض الوزراء وصفوا فيها مجلس الشيوخ بـ«عديم الفائدة».
لاحتواء أزمة الشيوخ شرع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز هذا الأسبوع في سلسلة لقاءات مع أعضاء مجلس الشيوخ، كان آخرها أمس (الثلاثاء) حين اجتمع بـ11 من أعضاء مجلس الشيوخ في القصر الرئاسي، ناقش معهم السبل الكفيلة بتمرير التعديلات الدستورية.
وقد أثارت لقاءات الرئيس مع أعضاء مجلس الشيوخ انتقادات المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، والذي اتهم النظام بممارسة «الترهيب» ضد الشيوخ من أجل إرغامهم على التصويت لصالح التعديل الدستوري، وقال المنتدى في بيان صحافي إن هذه اللقاءات تعد «توظيفا لهيبة وسلطة منصب رئيس الجمهورية ضد الأطراف السياسية التي لا تسير في ركاب السلطة، وذلك في تعارض صريح مع نص وروح الدستور».
وأدان المنتدى الذي يضم أحزاباً سياسية وهيئات مدينة ونقابات عمالية، ما قال إنه «التعدي على فصل السلطات ومحاولة إخضاع السلطة التشريعية لإرادة سلطة تنفيذية تسخر الدولة ومقدراتها لخدمة أجندتها الأحادية»، وفق نص البيان.
وكان المنتدى قد دعا أنصاره أمس (الثلاثاء) للتظاهر أمام البرلمان بالتزامن مع فتح النقاش حول التعديل الدستوري، حيث تجمهر العشرات من الناشطين المعارضين قرب البرلمان رافعين العلم الوطني الذي أعلنوا رفضهم لتغييره، محذرين من أن يتسبب تعديل الدستور في انقسام الشعب الموريتاني وتأزيم الوضع السياسي.
ويغيب أغلب أحزاب منتدى المعارضة عن البرلمان، بعد أن قاطعت هذه الأحزاب آخر انتخابات تشريعية نهاية عام 2013 احتجاجاً على عدم حياد الإدارة في عملية الاقتراع، فيما قرر آنذاك حزب «تواصل» أن يشق عصا الإجماع ويشارك في الانتخابات ليحصل على 16 نائباً يشاركون اليوم في نقاش تعديل الدستور.
وكانت أصوات كثيرة داخل منتدى المعارضة قد دعت إلى مقاطعة نواب «تواصل» لجلسات نقاش التعديل الدستوري، ولكن لجنة مختصة قررت السماح لهم بالمشاركة في النقاش من أجل عرض وجهة نظر المعارضة، والتصويت بـ«لا» بعد ذلك.
بعد عرض التعديلات الدستورية على البرلمان الموريتاني بغرفتيه، سيتوجب على الحكومة أن تختار ما بين عرضها على استفتاء شعبي، أو استدعاء مؤتمر برلماني مشترك بين النواب والشيوخ للتصويت على هذه التعديلات، فيما ترجح المصادر خيار المؤتمر البرلماني، بسبب التكاليف المادية واللوجيستية للاستفتاء الشعبي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».