قطر تقطع باستحالة إعادة فتح اتفاقية سلام دارفور

آل محمود: نعمل على إعادة دمج وتسريح 19 ألف مسلح دارفوري

قطر تقطع باستحالة إعادة فتح اتفاقية سلام دارفور
TT

قطر تقطع باستحالة إعادة فتح اتفاقية سلام دارفور

قطر تقطع باستحالة إعادة فتح اتفاقية سلام دارفور

أبدى نائب رئيس الوزراء القطري عدم رضاه عن مستوى تنفيذ بعض بنود وثيقة الدوحة للسلام في إقليم دارفور السوداني، مؤكدا حرص بلاده على إحلال السلام والتنمية في الإقليم، وحث الشركاء الدوليين للإيفاء بالتزاماتهم المالية تجاه اتفاقية الدوحة، وحث الحركات المتمردة المترددة في التوقيع للحاق بالاتفاقية، قاطعا باستحالة إعادة فتح وثيقة السلام مجددا.
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء القطري أحمد بن عبد الله آل محمود في كلمته الافتتاحية لاجتماع اللجنة الدولية لمتابعة سير تنفيذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور بالخرطوم أمس، إن حكومة بلاده شرعت في إقامة 10 مجمعات خدمية بكلفة 70 مليون دولار بواقع مجمعين بكل ولاية من ولايات دارفور الخمس، على الرغم من إقراره بأن المجمعات المتفق عليها سابقا شابها بعض التأخير بسبب عدم الاتفاق على المواقع.
وجدد المسؤول القطري تأكيد حرص بلاده على إكمال عملية السلام والتنمية في الإقليم السوداني المضطرب، وأوضح أن أمير الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وجه بتسريع التنسيق مع الشركاء الدوليين لتنفيذ مشروعات تنموية تسهم في العودة الطوعية.
ودعا آل محمود الشركاء الدوليين والمانحين للالتزام بتعهداتهم لإنفاذ استراتيجية التنمية في الإقليم السوداني. وقال إن التحديات الماثلة في السودان لن يتغلب عليها المجتمع الإقليمي والدولي بشكل فعّال، ما لم يقدم الدعم اللازم لتوفير الأمن والاستقرار ولتمكين عجلة التنمية من الدوران في دارفور.
وحث آل محمود الحركات المسلحة المترددة على اللحاق بمسيرة السلام، لطي ملف النزاع المسلح إلى الأبد، قاطعا باستحالة فتح اتفاقية الدوحة مجددا. وأضاف: «تطالب الحركات المترددة بفتح الاتفاقية مجددا، وهذا بحكم المستحيل لأنه يعيد الأوضاع لنقطة الصفر، لكن يمكنها توقيع اتفاق وقف العدائيات، وتوقيع بروتوكول متفاوض عليه مع الحكومة السودانية يضاف للاتفاقية».
وقال محمود إن نسبة كبيرة من بنود وثيقة الدوحة تم تنفيذها، لكنه في ذات الوقت دعا بعثة حفظ السلام المشتركة في دارفور «يوناميد» لتوضيح أسباب عدم عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم، مشيرا إلى عدم رضاه عما تم تنفيذه بالقول: «نحن راضون ولسنا راضين عن التنفيذ، هناك تقدم لكنه بطيء، قطر ستبني 10 قرى نموذجية، بيد أن التنفيذ تأخر بسبب خلافات حول المواقع». وأضاف: «وفقا لتقارير يوناميد فقد تم تنفيذ 30 في المائة من المشاريع المتفق عليها، ونحن نريد تسريع التنفيذ».
وكشف آل محمود أن عدد المستهدفين بالدمج وإعادة التسريح من المسلحين في دارفور يبلغ عددهم أكثر من 19 ألف مقاتل، تم تسريح أكثر من 10 آلاف منهم، وتسريح وإعادة دمج 6800 منهم، وأن تسعة آلاف آخرين قيد التسريح وإعادة الدمج.
وشدد محمود على أهمية إقامة آلية تعمل على «رتق النسيج الاجتماعي» في دارفور، استنادا إلى أن السلام ووقف الاحتراب القبلي سيسهم في تحقيق التنمية والتعايش السلمي بين سكان الإقليم، وأعلن تخصيص حكومة بلاده لمبلغ مليوني دولار لدعم الحوار الدارفوري الداخلي.
وأوضح أن المجتمعين جددوا التأكيد على أهمية تسريع تنفيذ وثيقة الدوحة، وأن الوثيقة والحوار الوطني، أدتا لاستقرار الإقليم، وقال إن الجانب الأميركي شارك في الاجتماع بشكل إيجابي. وأضاف: «الوضع في دارفور يتحسن تدريجيا، علينا أن نستغل أجواء رفع العقوبات في تحسين أوضاع دارفور واستغلال هذه الفرصة».
وبحثت اللجنة الدولية لمتابعة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور في اجتماعها الثاني عشر التقدم المحرز والتحديات التي واجهت تنفيذ الوثيقة منذ اجتماعها الحادي عشر في 9 مايو (أيار) 2016 الماضي.
وترأس نائب رئيس مجلس الوزراء القطري آل محمود الاجتماع، وشارك فيه الممثل الخاص المشتركة لبعثة «يوناميد» كينغسلي مامابولو، والمبعوث الرئاسي للمباحثات أمين حسن عمر، ورئيس مكتب متابعة سلام دارفور مجدي خلف الله، وعدد من موقعي الاتفاقية وأبرزهم التجاني سيسي وبحر إدريس أبو قردة وآخرون، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ودول كندا وتشاد والصين ومصر وفرنسا واليابان وروسيا وبريطانيا وأميركا ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
وكان قد عقد في العاصمة القطرية الدوحة مطلع أبريل (نيسان) 2013 مؤتمر دولي للمانحين لاستقطاب الدعم من أجل السلام والتنمية في دارفور، وتعهدوا خلاله بدفع أكثر من 3.5 مليار دولار خلال فترة أربع سنوات، بيد أن معظم المانحين لم يوفوا بالتزاماتهم، باستثناء دولة قطر التي تولت الوساطة بين الفرقاء السودانيين، ووقعت اتفاقية سلام الدوحة يوليو (تموز) 2011 برعايتها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.