إلى أين تسافر في 2017؟

وجهات هذا العام تشمل 6 قارات... و بينها دولة عربية

عُمان وجهة شرق أوسطية مميزة - نيوزيلندا وكندا على اللائحة
عُمان وجهة شرق أوسطية مميزة - نيوزيلندا وكندا على اللائحة
TT

إلى أين تسافر في 2017؟

عُمان وجهة شرق أوسطية مميزة - نيوزيلندا وكندا على اللائحة
عُمان وجهة شرق أوسطية مميزة - نيوزيلندا وكندا على اللائحة

يعكف خبراء السياحة سنويا على اختيار أفضل وجهات السياحة لنخبة من السياح يبحثون دوما عن الجديد وغير المعهود. وهم في ذلك الجهد لا يختارون بالضرورة أشهر الدول السياحية ولا أكثرها استقبالا، حيث لا تفضل النخبة الزحام خصوصا في فترات الذروة الصيفية والشتوية؛ بل قد يكون العكس صحيحا باختيار وجهات قد يغفلها مجموع السياح في العالم بحيث تقتصر على من يتبعون نصائح الخبراء ويتوجهون إلى مناطق سياحية جديدة.
ويأخذ الخبراء عدة عوامل في اختيار الوجهات السياحية الجديدة، ربما أهمها ناحية الأمان؛ فهناك لوائح تحذيرية أخرى من وجهات سياحية يجب تجنبها لأنها لا توفر الأمان اللازم للسياح، ومن بينها - للأسف - معظم منطقة الشرق الأوسط. ولا توجد أي شبهات لمخاطر أمنية في أي من الوجهات السبع المختارة هذا العام.
هنالك أيضا عوامل اختيار أخرى، مثل جودة الخدمات، خصوصا في فئة «الخمسة نجوم» للفنادق والمنتجعات، وتوافر البنية التحتية الضرورية والإمكانات التقنية للسياح، مثل توفير خدمات «برود باند» للإنترنت، وسلامة الطرق في المواصلات الداخلية، وسهولة الوصول بالطيران الدولي إلى هذه الوجهات السياحية من الخارج.
نواحي الخدمة الشخصية تأتي أيضا ضمن الاعتبارات المهمة، فالسائح، حتى في الفئات الثرية، يكره الاستغلال والمبالغة في تسعير الخدمات والإهمال في تقديمها وإغفال جانب الضيافة لحساب المصالح الضيقة للقائمين على القطاعات السياحية، التي تقنع السائح بعدم العودة مرة أخرى؛ بل ونصح الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي بالحذر من وجهات بعينها.
وتشترك مواقع السياحة العالمية الناجحة في أنها تستقبل سياحا يعودون إليها عاما بعد عام. وتعرف هذه الوجهات أن السائح لديه حرية الاختيار من بين أي موقع في العالم، وأنه غير مجبر على الحضور إلى بلد أو منطقة بعينها إلا إذا كان يرتبط بها وجدانيا وعاطفيا.
هذه الوجهات السبع هي ما استقر عليه رأي خبراء السياحة هذا العام، وهي لائحة تمثل قمة لوائح أخرى قد تكون أكبر عددا في الوجهات السياحية، وبعضها يختلف في الترتيب والاختيار. ولكن المواقع المذكورة تتكرر في أكثر من موقع وتتفق عليها أغلبية الآراء:

> تشيلي: وهي تمثل هذا العام أفضل الوجهات اللاتينية بعد أن كانت البرازيل على قمة اللائحة في العام الماضي. وكانت تشيلي حتى سنوات قريبة من الدول المهملة سياحيا في أميركا اللاتينية، ولكنها هذا العام تقع على قمة سياحة المغامرات الجذابة. وبدأ الاهتمام بدولة تشيلي منذ حصولها على جائزة خاصة في مهرجان السياحة العالمي الذي يجري سنويا في لندن. وهي دولة ذات طبيعة جغرافية طولية تمتد إلى 2650 ميلاً من الشمال إلى الجنوب بموازاة الشاطئ، ولا تمتد عرضا لأكثر من 150 ميلاً. وهي دولة ثرية بطبيعتها الجغرافية، وبها 36 محمية طبيعية، وبعض الملامح المناخية غير العادية؛ من الصحراء، إلى الجزر والفيوردات. وبلغ من اهتمام العالم سياحيا بتشيلي أن بدأت شركات الطيران العالمية، ومنها الخطوط البريطانية، رحلات مباشرة إلى العاصمة سانتياغو 4 مرات أسبوعيا. ومن لندن تستغرق الرحلة 14 ساعة و40 دقيقة. وفي سانتياغو تنتشر بوتيكات الهدايا والمطاعم الفاخرة، ومنها 4 مطاعم بين قائمة «بليغرينو» لأفضل 50 مطعما في العالم. ويمكن الطيران بالبالون فوق الصحراء الشمالية وبحيرات الملح وزيارة المحميات الطبيعية والتي تضم محمية جديدة هذا العام اسمها «باتاغونيا بارك». ويمكن اختيار باقات تشمل الطيران والإقامة وتأجير سيارة ورحلة بالون بداية من 7300 دولار للشخص الواحد. موسم الذروة هو الموسم الصيفي الجنوبي من ديسمبر (كانون الأول) وحتى مارس (آذار).

> كندا: يمثل هذا العام مناسبة فريدة في تاريخ كندا؛ حيث تحتفل البلاد بذكرى 150 عاما على تأسيسها كونفدرالية ذاتية الحكم ضمن الإمبراطورية البريطانية؛ مما يعني تأسيسها بوصفها دولة مستقلة. وهي دولة مترامية الأطراف ومتنوعة الطبيعة، وتتعين زيارتها، خصوصا في عام سوف يكون مليئا بالاحتفالات. وهناك كثير من المناطق التي يمكن زيارتها في كندا؛ من جبال الروكي غربا، إلى البحيرات والحدائق في منطقة كولومبيا البريطانية. كما توجد بعض الجزر الخضراء التي تتمتع بجمال فائق، مثل «جزيرة الأمير إدوارد». وفي الشمال، توجد الدائرة القطبية التي تمتد لآلاف الأميال من الأراضي الخالية من أي وجود إنساني. وتوفر كندا فرص قيادة فريدة على طرق غير مزدحمة تمتد لآلاف الأميال، ومنها طرق جبلية وأخرى جليدية. ولمن يفضل الاسترخاء، هناك رحلات بالقطار عبر كندا تمر بمناطق طبيعية خلابة. ومن المدن الكندية، تتميز فانكوفر ومونتريال وتورونتو، وهي مدن تستخدم اللغتين الإنجليزية والفرنسية. وهناك كثير من شركات السياحة التي تنظم رحلات إلى كندا؛ منها رحلة لمدة 9 أيام للقيادة في كندا تشمل فانكوفر وجبال الروكي بتكلفة تصل إلى 2500 دولار للفرد الواحد، بما في ذلك رحلة الطيران. وتنظم شركات السياحة رحلات هذا العام تحت شعار: «كندا 150».

> برمودا: تقع جزر برمودا في المحيط الأطلنطي بالقرب من الشواطئ الكاريبية، وهي تشتهر بالشواطئ الرملية وصيد الأسماك وملاعب الغولف الخضراء. وخلال شهر يونيو (حزيران) المقبل تستقبل برمودا مسابقة الزوارق الشهيرة «كأس أميركا»، وهنا تتحول الجزيرة الهادئة إلى شعلة نشاط سياحي وتجاري. وعند زيارة برمودا، فلا بد من زيارة مدينة هاميلتون ذات الميناء المرصع باليخوت من مختلف الأحجام. كما يتسم الجانب الشمالي من الجزيرة بالمشاهد الطبيعية التي تجعله يماثل خلفية أفلام الغرب الأميركية. وتتنافس عدة دول أوروبية، بالإضافة إلى أميركا، على الكأس في مسابقات تبدأ يوم 26 مايو (أيار) وتستمر حتى يوم 27 يونيو (حزيران) المقبلين. وأفضل وسيلة للسفر إلى برمودا هي عن طريق سفن «الكروز»؛ ومن أهمها «رويال كاريبيان» و«نورويجيان كروز» و«ريجنت سفن سيز». وهناك رحلات مخصصة لمسابقات «كأس أميركا» تنطلق من بوسطن إلى برمودا طوال فترة السباق. وتبدأ أسعار الرحلات من 1500 دولار.

> نيوزيلندا: سوف يزداد الإقبال على نيوزيلندا هذا العام بفضل رياضة الرغبي التي تنظم فيها البلاد دورة لفرق بريطانية وآيرلندية أمام منتخبها الشهير المعروف باسم «أول بلاك». ولكن الزوار من السياح سوف يجدون كثيرا من عوامل الجذب السياحي الأخرى في نيوزيلندا؛ ومنها موقع تصوير فيلم «لورد أوف ذا رينغز» ومدينة كرايست تشرش التي دمرها زلزال هائل ثم أعيد بناؤها. ولمن لا يفضل رياضية الرغبي، هناك كثير من المغريات في نيوزيلندا؛ منها مشاهدة الحيتان والاستمتاع بالطبيعة والشلالات المائية. ومن منطقة الخليج، يمكن الطيران المباشر من الدوحة على «الخطوط القطرية» إلى أوكلاند في نيوزيلندا، في رحلة تتميز بأنها أطول رحلة طيران في العالم عبر 14.5 ألف كيلومتر. وداخل نيوزيلندا يمكن استكشاف كثير من الجزر. ويمكن الذهاب في رحلات لمدة 21 يوما من الدوحة تشمل الطيران والإقامة في أكواخ سياحية والمواصلات الداخلية وتأجير سيارة بتكلفة تصل إلى 8 آلاف دولار.

> الدنمارك: تحتفل مدينة أرهوس في الدنمارك هذا العام باختيارها عاصمة للثقافة الأوروبية، ولكنها مع ذلك لا تستطيع أن تنافس الجذب السياحي للعاصمة كوبنهاغن التي توفر للسياح مناخا مرحا وأكلات شهية ومنافذ تسوق متعددة. وتشتهر مدن الدنمارك بتميز المطاعم فيها، وقد منحت مؤسسة «ميشلان» للتفوق ما مجموعه 20 نجمة لنخبة 16 مطعما في كوبنهاغن، وهو أعلى عدد من النجوم تحصل عليه مطاعم المدينة في تاريخها. وتفتتح قرب نهاية العام الحالي بالقرب من العاصمة كوبنهاغن أول مزرعة سياحية تقدم الوجبات الطبيعية المعدة طازجة من المزرعة نفسها. وتوفر المزرعة منتجاتها أيضا لبعض أشهر مطاعم المدينة. ويمكن زيارة الدنمارك في مدة أسبوع أو مدينة كوبنهاغن في 3 أيام، وهناك كثير من الباقات السياحية التي تناسب جميع فئات السياح وأعلاها إقامة في فنادق «خمسة نجوم» مع وجبتي الإفطار والعشاء. وتبدأ الأسعار من 1500 دولار للرحلات القصيرة إلى العاصمة الدنماركية.

> سلطنة عمان: يكمن سر اختيار سلطنة عمان ضمن أفضل الوجهات السياحية في عام 2017 في قدرتها الفائقة على التجديد مع المحافظة على التراث، وهو ليس بالأمر الهين. ولا يغيب عن أعين الخبراء ما حققته دبي المجاورة من معجزات عمرانية وخدمات سياحية فاخرة، إلا أن سلطنة عمان تبقى ذلك المزيج الفريد من القديم والحديث وفن الضيافة المتواضع، بالإضافة إلى المشاهد الخلابة، مع بنية تحتية سياحية متميزة. والعاصمة مسقط توفر بعضا من هذه المشاهد السياحية ببيوت بيضاء اللون صغيرة الحجم ترصعها مآذن المساجد وتحيطها سلاسل الجبال القريبة. وبالقرب من المدينة يرتفع جبل الأخضر إلى 10 آلاف قدم، بينما تمتد الصحراء الشمالية إلى أطراف الربع الخالي في السعودية. ويمتد الساحل العماني بلا زحام سياحي ليوفر للنخبة الزائرة مياها صافية وطبيعة غير مأهولة تمتد لمئات الأميال. وهناك أيضا منطقة صلالة الخلابة التي تجذب مزيدا من السياح. وتتوسع «الخطوط الجوية العمانية» إلى مزيد من الوجهات التي تجلب منها السياح وتطير بداية من أبريل (نيسان) المقبل في رحلات مباشرة من مانشستر في بريطانيا إلى مسقط. وهي تطير من مطار هيثرو إلى مسقط مرتين يوميا. وتذهب الخطوط البريطانية الآن مباشرة من لندن إلى مسقط من دون توقف في أبوظبي كما كانت تفعل في الماضي.

> زامبيا: وهي توفر فرصة فريدة لزيارة أدغال أفريقيا في زامبيا، خصوصا في المحمية الطبيعية «ليوا» التي تمتد إلى أعالي نهر الزامبيزي. وهناك مناطق في زامبيا لم تمسها السياحة بعد، ومنها مناطق توفر مشاهد طبيعية في كل الاتجاهات وعلى مدى البصر. وتتجمع الحيوانات الوحشية والطيور عند منابع المياه؛ منها على الأقل 300 فصيل من مختلف أنواع الطيور. وتشتهر منطقة «ليوا» بأنها موقع أكبر هجرة جماعية لحيوانات «وايلد بيست» التي تنطلق كل عام بحجم 43 ألف حيوان، تتبعها قطعان من الحيوانات الوحشية الأخرى التي تبحث عن طعامها اليومي. ويحد من وجود السياح في محمية «ليوا» صعوبة الوصول إليها. وحديثا تم بناء أكواخ سياحية فاخرة في وسط مناطق المحميات تربطها بمدينة ليفنغستون طائرات «تشارتر» تنقل السياح بأعداد محدودة. وهي تجربة فريدة لمن يستطيع التغلب على مصاعب السفر إلى قلب أفريقيا.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.