قوات حفتر تحاول تعويض خسائرها في الهلال النفطي... وتركيا تنفي تورطها

مصادر عسكرية: معارك جوية وبرية عنيفة ضد «سرايا بنغازي»

قوات حفتر تحاول تعويض خسائرها  في الهلال النفطي... وتركيا تنفي تورطها
TT

قوات حفتر تحاول تعويض خسائرها في الهلال النفطي... وتركيا تنفي تورطها

قوات حفتر تحاول تعويض خسائرها  في الهلال النفطي... وتركيا تنفي تورطها

قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلات تابعة لسلاح الجو الليبي شنت أمس سلسلة غارات جوية مكثفة على تجمعات للميليشيات التي يعتقد أنها موالية لحكومة الوفاق الوطني في ميناء ومطار راس لانوف، وسط تعزيزات لقوات برية تابعة للجيش.
وكانت كتائب دفاع بنغازي قد نجحت في شن هجوم سريع وخاطف على ثلاثة محاور أول من أمس، أدى إلى اختراق دفاعات الجيش الوطني في منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية.
واضطر الجيش الوطني الليبي إلى سحب رجاله وعتاده من المنطقة المحيطة بمينائي السدر وراس لانوف لتفادي حدوث معركة تتسبب في وقوع أضرار، بينما دخلت كتائب دفاع بنغازي الميناءين بعد الهجوم.
لكن قوات الجيش، وفقاً لما أكده مسؤول عسكري بالجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط»، سرعان ما استوعبت الصدمة وبدأت في المقابل في شن هجوم برى وجوى منظم، حيث انضمت طائرات حربية وقوات برية للقوات المتمركزة في المنطقة.
وشملت الغارات قصف آليات عسكرية ومعاقل لسرايا الدفاع عن بنغازي في منطقه المشروع على بعد 4 كيلومترات فقط من مدينة راس لانوف السكنية.
وأوضحت المصادر أن المعارك التي اندلعت مجدداً استهدفت مواقع للمتطرفين في منطقة الهلال النفطي، كما نفت ما رددته قيادات في سرايا الدفاع، عن انسحاب قوات الجيش مجدداً باتجاه البريقة مخلفة وراءها أسحلتها ومعداتها العسكرية.
وقال المركز الإعلامي للقوات الخاصة التابعة للجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر في بيان مقتضب إن «السحق مستمر لميليشيات تنظيم القاعدة الإرهابي بالموانئ النفطية».
وطبقاً لما أعلنه العميد محمد أحمودة، مسؤول غرفة عمليات سرت الكبرى، فإن قوات الجيش بدأت في التقدم بشكل كبير تجاه خليج سرت، وتمكنت من استعادة مواقع من الإرهابيين.
وأصدر حفتر قراراً بإنشاء كتيبة جديدة تحمل اسم «عثمان بن عفان» وتعيين معمر أحمد الفيتوري الضاوي آمراً لها، على أن تكون مهمتها مساندة قوات الجيش في المنطقة الغربية ويكون مكان تمركزها منطقة ورشفانة، وتبعيتها إلى غرفة عمليات تحرير طرابلس.
إلى ذلك، نفت تركيا عبر سفارتها في ليبيا اتهامات وجهها أعضاء في البرلمان الليبي المتواجد بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، عن تورط تركيا في دعم القوات التي يقاتلها الجيش الليبي في منطقة الهلال النفطي.
وأعربت السفارة في بيان بثته وكالة الأناضول التركية، عن أسفها لما وصفته بـ«التهمة غير الحقيقية الموجهة ضد تركيا»، مشيرة إلى أن تركيا تعترف بالمؤسسات المشكلة في نطاق الاتفاق السياسي الليبي، وتدعم هذه المؤسسات فقط.
وأكد البيان أن «المؤسسات التركية الرسمية وعلى رأسها مجلس الأمة التركي مستعدة للتعاون مع البرلمان الليبي»، مشيراً إلى أن «تركيا ترغب في وحدة واستقرار وأمن وسلام ورفاهية ليبيا الشقيقة، وتؤيد حل المشاكل بين الأطراف، عبر الحوار والأساليب السلمية».
وقلت السفارة التركية: «تلقينا بقلق نبأ الاشتباكات بمنطقة الهلال النفطي وقبلها الاشتباكات التي وقعت في طرابلس، ودعت أطراف الاشتباكات إلى الاعتراف بسلطة المجلس الرئاسي ودعم جهوده في إحلال الأمن.
وشن خصوم الجيش الوطني الليبي عدة هجمات غير ناجحة على الموانئ في منطقة الهلال النفطي في شرق ليبيا التي عانت موانئها من أضرار بالغة في موجات القتال السابقة، وما زالت تعمل دون طاقتها الإنتاجية، في إطار حملة في صراع أوسع نطاقاً بين الفصائل المتمركزة في شرق وفي غرب ليبيا.
وسيطر الجيش في سبتمبر (أيلول) الماضي على موانئ السدر وراس لانوف والبريقة والزويتينة، علماً بأن ثلاثة من هذه الموانئ كانت مغلقة منذ فترة طويلة باستثناء البريقة، لكن قامت المؤسسة الوطنية للنفط بإعادة فتحها مما زاد من إنتاج ليبيا من النفط لأكثر من المثلين.
وتتألف كتائب دفاع بنغازي جزئياً من مقاتلين طردهم من بنغازي الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر الذي يخوض حملة عسكرية منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ضد إسلاميين وخصوم آخرين.
ويصف الجيش الوطني الليبي معارضيه بأنهم إسلاميون متطرفون، ويتبادل الجانبان الاتهامات بالاستعانة بمرتزقة من دول مجاورة لليبيا جنوبي الصحراء الأفريقية.
ويتهم البعض في الشرق أيضاً عناصر من حكومة السراج التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس بدعم كتائب دفاع بنغازي وحلفائهم.
وبلغ إنتاج ليبيا في الآونة الأخيرة نحو 700 ألف برميل يوميا من النفط الخام، أو أكثر من مثلي إنتاجها في مطلع العام الماضي، لكنه ما زال أقل بكثير من الكمية التي كانت تنتجها قبل انتفاضة عام 2011 والتي بلغت 1.6 مليون برميل يومياً.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.