تنفيذ الإعدام بحق 15 إرهابياً ومجرماً في الأردن

رجال شرطة أردنيون يقفون خارج قلعة أثرية بالكرك بعد اقتحامها حيث لاذ بها مسلحون عقب تبادل إطلاق النار مع الشرطة - أرشيف (رويترز)
رجال شرطة أردنيون يقفون خارج قلعة أثرية بالكرك بعد اقتحامها حيث لاذ بها مسلحون عقب تبادل إطلاق النار مع الشرطة - أرشيف (رويترز)
TT

تنفيذ الإعدام بحق 15 إرهابياً ومجرماً في الأردن

رجال شرطة أردنيون يقفون خارج قلعة أثرية بالكرك بعد اقتحامها حيث لاذ بها مسلحون عقب تبادل إطلاق النار مع الشرطة - أرشيف (رويترز)
رجال شرطة أردنيون يقفون خارج قلعة أثرية بالكرك بعد اقتحامها حيث لاذ بها مسلحون عقب تبادل إطلاق النار مع الشرطة - أرشيف (رويترز)

أعلن وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، اليوم (السبت)، تنفيذ أحكام إعدام بحق 15 «إرهابيًا ومجرمًا» أردنيًا، في أول مرة يتم فيها إعدام هذا العدد من المحكومين منذ سنوات طويلة.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية عن المومني قوله إنه «تم فجر اليوم السبت تنفيذ حكم الإعدام شنقًا حتى الموت بحق عشرة أشخاص أُدينوا بارتكاب جرائم إرهابية».
وأضاف أن «الجرائم الإرهابية التي أُدِين بها الإرهابيون العشرة هي ما يُعرف بخلية إربد الإرهابية، والهجوم الإرهابي على مكاتب المخابرات العامة في البقعة، والاعتداء الإرهابي على رجال الأمن العام في صما، واغتيال الكاتب ناهض حتر، والتفجير الإرهابي الذي تعرضت له سفارة المملكة في بغداد عام 2003، والهجوم الإرهابي على فوج سياحي في المدرج الروماني».
وتابع المومني: «كما تم تنفيذ حكم الإعدام بحق خمسة مجرمين بعد أن أصبحت أحكام الإعدام قطعية بحقهم بمصادقة محكمة التمييز عليها واستكمال الإجراءات القانونية»، مشيرًا إلى أن «المجرمين الخمسة ارتكبوا جرائم جنائية كبرى بشعة تتمثل باعتداءات جنسية وحشية على المحارم».
وأوضح المومني أنه «تم تنفيذ أحكام الإعدام في سجن سواقة (جنوب عمان)، بحضور نائب عام عمان ونائب عام الجنايات الكبرى ومساعديهما، ومن نصّ على حضورهم قانون أصول المحاكَمَات الجزائية».
وبحسب المومني، فقد تم تنفيذ حكم الإعدام بحق خمسة محكومين فيما يُعرَف بخلية إربد الإرهابية، وهم أشرف حسين علي بشتاوي، وفادي حسين علي بشتاوي، وعماد سعود حسن دلكي، وفرج أنيس عبد اللطيف الشريف، ومحمد أحمد حسين دلكي.
وأحبطت الأجهزة الأمنية الأردنية في مارس (آذار) الماضي مخططًا إرهابيًا مرتبطًا بتنظيم داعش في محافظة إربد (89 كلم شمال عمان) ضد أهداف مدنية وعسكرية، عقب مواجهات بين قوات الأمن ومسلحين أدَّت إلى مقتل سبعة مسلحين وضابط أمن.
كما أفاد المومني عن «إعدام الإرهابي محمود حسين محمود مشارفة منفذ الهجوم الإرهابي على مكتب دائرة المخابرات العامة في البقعة».
وأسفر هجوم على مكتب للمخابرات في البقعة شمال عمان في 6 يونيو (حزيران) عن مقتل خمسة من عناصر دائرة المخابرات.
وتم تنفيذ حكم «الإعدام بالمجرم رياض إسماعيل أحمد عبد الله الذي أُدين بجريمة اغتيال الكاتب ناهض حتر الإرهابية أمام قصر العدل».
وقتل ناهض حتر في 25 سبتمبر (أيلول) أمام قصر العدل بوسط عمان بينما كان يهمّ بدخول المحكمة لحضور أولى جلسات محاكمته لنشره رسماً كاريكاتيرياً على صفحته على «فيسبوك» اعتُبِر أنه «يمس الذات الإلهية».
وتم أيضاً «تنفيذ حكم الإعدام بالمجرم علي مصطفى محمد مقابلة بعد إدانته بالقيام بأعمال إرهابية ضد رجال الأمن العام فيما يُعرف بقضية صما الإرهابية» في محافظة إربد، عندما فتح مسلحون النار على دورية شرطة في ديسمبر (كانون الأول) 2015 ما أدى إلى مقتل ضابط واحد أفراد الدورية.
كما ذكر المومني إعدام «المجرم معمر أحمد يوسف الجغبير بعد إدانته بالقيام بأعمال إرهابية أدّت إلى موت إنسان، المعروفة بقضية تفجير السفارة الأردنية في بغداد» عام 2003.
وتم كذلك «تنفيذ حكم الإعدام بالمجرم نبيل أحمد عيسى الجاعورة بعد إدانته بالقيام بأعمال إرهابية فيما يُعرَف بجريمة إطلاق النار على مجموعة من السياح في المدرج الروماني، التي أدّت إلى مقتل سائح بريطاني» في سبتمبر 2006.
وآخر مرة نفذ فيها الأردن عمليات إعدام لعدد كبير من المحكومين كانت في 21 ديسمبر 2014 حيث أعدم 11 شخصاً أُدينوا بجرائم قتل جنائية غير مرتبطة بالسياسة أو الإرهاب.
وكانت هذه أولى عمليات الإعدام منذ 2006، غير أنها أول مرة يتم فيها إعدام 15 محكوماً دفعة واحدة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.