إنديك يغادر إسرائيل عشية انتهاء مهلة مفاوضات السلام

الفلسطينيون ينتظرون ردا على شروطهم لتمديدها

إنديك يغادر إسرائيل عشية  انتهاء مهلة مفاوضات السلام
TT

إنديك يغادر إسرائيل عشية انتهاء مهلة مفاوضات السلام

إنديك يغادر إسرائيل عشية  انتهاء مهلة مفاوضات السلام

تؤكد مغادرة المبعوث الأميركي الخاص بعملية السلام مارتن إنديك إسرائيل عائدا إلى واشنطن، عشية انتهاء مهلة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي استمرت تسعة أشهر وتنتهي اليوم، فشل تلك المفاوضات في التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.
وغادر إنديك أول من أمس تاركا وراءه الفلسطينيين والإسرائيليين في حالة انتظار لما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات سياسية واقتصادية وميدانية. وكان إنديك يعمل حتى اللحظة الأخيرة على إقناع الطرفين لتمديد المفاوضات عاما آخر في ظل أزمة كبيرة كانت تشهدها المباحثات أصلا، قبل أن تعلن إسرائيل تعليقها ردا على اتفاق المصالحة الفلسطيني الذي وقعته حركة فتح مع حركة حماس الأسبوع الماضي.
ولا يعرف إذا ما كان إنديك سيعود إلى المنطقة في وقت قريب لاستئناف جهوده أم لا. وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إنه سيشارك في المشاورات التي ستجريها الإدارة الأميركية هذه الأسابيع حول عملية السلام لبلورة موقف جديد.
وفي هذا الوقت، تنتظر إسرائيل فشل اتفاق المصالحة مع حماس من أجل استئناف العملية التفاوضية، فيما ينتظر الفلسطينيون ردا إسرائيليا على شروط استئناف المفاوضات التي تتمثل بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو (عام 1993)، ووقف الاستيطان والبدء بمناقشة مسألة ترسيم الحدود، تتلوها مناقشة الملفات الأخرى.
وأمام هذا الوضع، تبدو عودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات دون تدخل أميركي فاعل مسألة شبه مستحيلة في وقت قريب. وقال القطب الليكودي عضو الكنيست تساحي هنغبي «إسرائيل تعيش الآن حالة من الترقب. نحن نتريث على أمل ألا تشارك حركة حماس في القيادة الفلسطينية».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إنه «لن يفاوض حكومة تدعمها حركة حماس»، داعيا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى فك التحالف مع الحركة الإسلامية والعودة إلى طاولة المفاوضات إذا أراد صنع السلام.
لكن الفلسطينيين يرفضون ربط المصالحة بالمفاوضات. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «المصالحة الفلسطينية شأن داخلي ومصلحة فلسطينية عليا، ولا يمكن الحديث عن تحقيق السلام أو تكريس مبدأ الدولتين أو المضي قدما في الاتصالات حولها دون تحقيق المصالحة». وأضاف «المصالحة الفلسطينية يجب أن تحدث وتستمر».
وتحدث عريقات عن بدائل المفاوضات، في حال استمر الجمود الحالي، عبر تكريس دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية من خلال القانون الدولي والمؤسسات الدولية والمواثيق الدولية، في إشارة إلى دعم المجلس المركزي لمنظمة التحرير الانضمام إلى باقي المواثيق الدولية.
وقالت «هآرتس» إن ثمة خلافات بين تل أبيب وواشنطن حول الموقف من حكومة التوافق المزمع تشكيلها في وقت قريب. وحسب الاتفاق الفلسطيني فإن أمام الرئيس عباس الآن مهلة أربعة أسابيع لإعلانها. وتتركز الخلافات حول مدى التزام هذه الحكومة بشروط الرباعية الدولية التي تؤكد على نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والالتزام بالاتفاقيات الموقعة معها.
وتقول الولايات المتحدة إن التزام الحكومة الفلسطينية المرتقبة بهذه الشروط كاف ومقنع من أجل استمرار التعامل معها وتجديد المفاوضات، لكن إسرائيل تعد ذلك غير كاف، وتصر على اعتراف مباشر من حماس بهذه الشروط وبالتالي الاعتراف بإسرائيل.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس مطلوبا من حماس الاعتراف مباشرة بإسرائيل، وإن الرئيس عباس لا ينوي أن يطلب منها ذلك». وأضافت «منظمة التحرير هي التي تفاوض إسرائيل، وهي صاحبة الولاية السياسية وليس السلطة وليس الحكومة وليس الفصائل».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.